الغاز يشعل أزمة شركات الأسمدة ويهدد استثمارات بقيمة 80 مليار جنيه كالعادة وكل عام نتحدث عن أزمة لا تنتهي ألا وهي أزمة الاسمدة ولكن هذا العام يبدوا أن الازمة ستكون أكثر مرارة بسبب زيادة المساحة المزروعة ونقص إنتاج الأسمدة لاسباب متعلقة بقرار تقليص الغاز لشركات السماد اضافة الي المظاهرات والمطالب الفئوية التي زادت من أعياد الشركات المملوكة للدولة وهو الامر الذي يهدد استثمارات تقدر قيمتها بنحو 80 مليار جنيه، ما يعادل 12 مليار دولار في قطاع الأسمدة المصرية- طبقا للخبراء يبلغ استهلاك مصر من الأسمدة سنويا نحو 9 ملايين طن، تسهم 4 مصانع للأسمدة الخاصة فيها بنحو 635 ألف طن فقط، والنسبة الباقية تنتجها المصانع الحكومية. وعقدت وزارة الزراعة المصرية الشهر الحالي اتفاقا مع 4 مصانع كبري للأسمدة الآزوتية تعمل بالمناطق الحرة وهي "المصرية والإسكندرية وحلوان وموبكو" لتوريد 635 ألف طن من أسمدة اليوريا حتي ديسمبر المقبل بما يضمن توفيرها للمزارعين بأسعارها المدعمة التي أعلنتها الحكومة ولا تتجاوز 1500 جنيه للطن. ووفقا للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء فإن إجمالي مساحة الأراضي القابلة للزراعة في مصر بلغ 8.6 مليون فدان عام 2010 بنسبة زيادة 2,4% خلال الأعوام الخمسة الأخيرة، كما تقدر نسبة مساهمة قطاع الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنحو 12.5%. وتحظر الحكومة المصرية علي المصانع الحكومية تصدير إنتاجها من الأسمدة ،في حين تسمح لمصانع المناطق الحرة بذلك. كانت تصريحات قد نسبت الي الدكتور صلاح عبد المؤمن، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، اكد فيها أن الوزارة تدرس تحرير سوق الأسمدة لمواجهة الممارسات الاحتكارية التي تقوم بها بعض الشركات العاملة في هذا المجال. وأشار عبدالمؤمن إلي أن تحرير السوق لن يحدث إلا بعد التأكد من توفير الحصص السمادية للمزارعين بأسعار مناسبة لكل من الفلاح والشركات المنتجة. وأوضح أن الحكومة تدرس فرض رسم صادر علي الشركات غير الملتزمة بالتوريد، وأن يتم دعم الشركات الموردة بهذه المبالغ علي أن تكون بينها المصانع الحكومية، لمواجهة مطالب العاملين بها. وأكد وزير الزراعة أنه علي الشركات المنتجة للأسمدة الالتزام بتوريد السماد لتلبية احتياجات الفلاحين، خصوصًا المحاصيل الاستراتيجية. وأوضح أن الوزارة قامت بدور قوي في تأخير تطبيق رسم الصادر مؤقتا طالما الشركات تلتزم بالواجب عليها في توريد الحصص السمادية ومن لن يلتزم ستفرض عليه رسم الصادر، وذلك لصالح دعم صندوق عجز الأسمدة. وتؤكد دراسة للشعبة العامة لتجارة الأسمدة بالغرفة التجارية ان سعر طن السماد يتم تسليمه لصالح بنك التنمية الزراعي بمبلغ 1500 جنيه بينما يصل سعره في السوق العالمية ما يعادل 3 آلاف جنيه الأمر الذي يدفع الشركات للتحايل بهدف تصدير معظم انتاجها وعدم الالتزام بالقرارات الوزارية التي تفرض تسليم كامل انتاج شركات القطاع العام لصالح بنك التنمية الزراعي بالاسعار المدعمة نظرا لحصولها علي الطاقة بأسعار مخفضة للوفاء بذلك وتشير الدراسة إلي أن عدم تنظيم توزيع الاسمدة تسبب في ضياع ما يقرب من 800 مليون جنيه علي الدولة بسبب التجارة غير الرسمية منذ عام 2007 وحتي الآن وطالبت الدراسة بضرورة تحويل انتاج مصنع كيما في النترات الصناعي إلي النترات الزراعي لتوفير ما يقرب من 120 الف طن وتخصيص نصفها للسوق المحلية بهدف خفض الاسعار واكدت الدراسة ضرورة منع القطاع الخاص من التوزيع والوصول الي طريقة للتوفيق بين أسعار السماد المختلفة. تري جمعيات موزعي الأسمدة ضرورة تحرير أسعار السماد والسماح للتجار بالعمل في توزيعها بطرق مشروعة ومنع بنك التنمية الزراعي والجمعيات من القيام بذلك لتوحيد سعر السماد في السوق والسماح للشركات المصنعة بتصدير ما يقرب من 50% من انتاجها وفي سبيل ذلك استخدمت كل الوسائل لافشال عمليات توزيع السماد بواسطة الجمعيات الزراعية وارسلت استغاثات لجميع المسئولين بهدف وضع يدها علي الأسمدة واحتكار تجارتها وفرض الاسعار التي يرغبون فيها. بينما رفض الدكتور نادر نور الدين أستاذ الموارد الزراعية بجامعة القاهرة أي زيادة في أسعار الأسمدة، مشيراً إلي أن الزيادة ستؤدي إلي هجر الأراضي الزراعية بعد أن أصبحت مهنة خاسرة. وأشار إلي أن آخر زيادة في ارتفاع أسعار الأسمدة لم يمضِ عليها سوي عامين فقط وتسببت في ارتفاع أسعارها بنسبة 100% فارتفع معها سعر شيكارة نترات الأمونيوم من 35 إلي 70 جنيهاً وشيكارة اليوريا من 75 إلي 150 جنيهاً وبالتالي فالأمر لا يتحمل أي زيادات جديدة. أكد المهندس محمد الخشن رئيس الشعبة العامة للأسمدة باتحاد الغرف التجارية علي ضرورة تحرير سعر التجارة لتصبح الأسعار في الداخل مثل الخارج، وبالتالي لن تصر الشركات علي زيادة حصتها في التصدير طالما تمكنت من تسويق منتجاتها في السوق المحلي بنفس الأسعار الخارجية. وقال إن ما تسوقه الحكومات المتعاقبة كمبرر لعدم تحرير سعر بيع السماد هي مبررات ليست منطقية، لأن هناك 5 أو 6 سلع رئيسية من بينها القمح علي سبيل المثال، وفي حال تحرير تجارة السماد سوف يصل سعر الطن إلي 3 آلاف جنيه، وبدلاً من فقدان الدعم من الممكن أن تقوم الحكومة بتعويض المزارعين من خلال رفع أسعار توريد المحصول للحكومة. وأوضح أن جهاز التعاون الذي يعد أحد محاور أزمة السماد في مصر يحصل علي 40 جنيها في الطن، وموجود منذ 70 عاما ولكن للأسف فإن خزينته فارغة، فأين تذهب هذه المبالغ التي تتجاوز المليارات، مشيراً إلي أن بعض الأشخاص فقط يستفيدون من السياسات الخاطئة أو عدم وجود سياسات لتنظيم العمل في هذا القطاع. واستبعد الخشن وجود أي نية لدي الشركات العاملة في سوق الأسمدة المصري لإغلاق مصانعها، مؤكداً أنه في حال استمرار الأوضاع الحالية لمدة 5 سنوات فسوف تضطر بعض الشركات لتصفية نشاطها وعلي رأسها شركات حكومية. لافتاً إلي أنه من السذاجة أن نتحدث في الوقت الحالي عن جذب استثمارات جدية سواء عربية أو أجنبية، لأن المستثمر يبحث في المقام الأول عن الأمن والاستقرار. شدد علي أن السياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة أصبحت تهدد استثمارات تقدر قيمتها بنحو 80 مليار جنيه، ما يعادل 12 مليار دولار في قطاع الأسمدة المصري. وقال يحيي مشالي رئيس الشركة القابضة للصناعات الكيماوية إن مصانع الأسمدة التابعة للشركة تتحمل أعباء ضخمة لكونها مصانع حكومية، مضيفا أن إدارات تلك المصانع تواجه أزمات عمالية متلاحقة بسبب مطالب العمال بزيادة رواتبهم. وأضاف مشالي لابد من السماح لمصانع الأسمدة الحكومية بتصدير جزء من إنتاجها. وقال الدكتور شريف الجبلي رئيس مجلس إدارة شركة أبو زعبل للأسمدة والكيماويات ورئيس غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات المصري إن الأزمة الكبري التي تواجهها مصانع الأسمدة حاليا هي تقليص كميات الغاز الطبيعي الموردة إلي المصانع والتي تؤدي إلي توقف الإنتاج في بعض الأوقات. أضاف أن مشكلة الغاز الطبيعي تتكرر بين الحين والآخر وعلي الحكومة البحث عن حلول لها لضمان استمرار الإنتاج بالمعدلات المرجوة لتغطية احتياجات الأسواق من الأسمدة.