عادل سليم أصبحنا في مصر نتعامل بالكوبون.. عاوز بنزين بالكوبون.. خبز بالكوبون.. سولار بالكوبون.. أنبوبة بوتاجاز بالكوبون.. قالها الفنان عادل إمام في مسرحية السكرتير الفني منذ سنوات "بلد شهادات" ونقولها الآن بلد كوبونات.. كل شيء بالكوبون. وزير التخطيط أشرف العربي يزف إلينا خبراً سعيداً بأن نصيب كل مواطن مصري ثلاثة أرغفة "من العيش" في اليوم.. وإذا كان المواطن شرهاً أو أكولاً عليه أن يشتري بسعر أعلي حيث إن الأرغفة الثلاثة ستكون بالكوبون من الخبز المدعم.. ونعلم جميعاً ويعلم ذلك الوزير والرئيس بأن الخبز هو الغذاء الرئيسي لغالبية الشعب المصري لأنه لا يستطيع أن يأكل الجاتوه كما قالت ماري انطوانيت.. والأرغفة الثلاثة لا يمكن أن تسد رمق طفل صغير في اليوم.. فكيف بالله عليك يا وزير التخطيط.. ويا حكومتنا الرشيدة أطال الله في عمرها أن تكفي الأرغفة الثلاثة أي فرد. بعض من رعايا الدول العربية يعايرون المصريين بأنهم من أكلة الفول والطعمية.. والفول والطعمية قد أخرجت لنا العلماء والأطباء والمهندسين والأساتذة الذين نفخر بهم في مصر وخارجها في الدول العربية والأوروبية وحتي الفول والطعمية زاد سعرها وأصبح سندوتش الفول الصغير يباع بجنيه ونصف الجنيه وجنيهين أي أن مبلغ ستة أو سبعة جنيهات لا يكفي لوجبة من الفطور.. وهو المبلغ الذي كان قد حدده وزير التخطيط السابق عثمان محمد عثمان بأن المصري يكفيه سبعة جنيهات في اليوم لكي يعيش حياته اليومية.. وأقر بذلك وزير التخطيط الحالي متناسيين بأن ارتفاع الأسعار يشمل كل السلع الغذائية وغير الغذائية وأن الدولار حالياً ارتفع سعره وتجاوز الجنيهات السبع لأول مرة بعد عدة سنوات من استقرار أسعار الصرف.. وذلك بسبب السياسة الحكيمة لحكومتنا الرشيدة وهروب الاستثمارات الأجنبية وانخفاض عائد السياحة وتدني الصادرات المصرية. وهم يقولون إن الدعم يجب أن يذهب إلي مستحقيه.. فيرفعون الأسعار ويفرضون الضرائب.. ملعون الدعم هذا الذي يحيل حياة المصريين إلي جحيم مستعر.. وملعون قرض صندوق النقد الدولي الذي يفرض شروطه وفي النهاية لا يذهب الدعم إلي مستحقيه ولكن يذهب إلي جيوب فارضيه ومسئوليه. بكل الوسائل الخانقة والضاغطة علي المواطن المصري تقوم حكومة هشام قنديل بسد عجز الموازنة من خلال تخفيض الإنفاق زاعمة بأن الدعم يستحوذ علي نسبة كبيرة من هذا الإنفاق ويقولون إن الحكومة تنفق 21 مليار جنيه لإنتاج الخبز وتدعم المواد البترولية بحوالي 114 مليار جنيه في السولار والبنزين والبوتاجاز الأمر الذي قامت فيه وزارة البترول أعانها الله علي سداد ديونها المتراكمة بسبب سياستها غير الحكيمة والبذخ الشديد في المرتبات والحوافز وتأسيس شركات لا لزوم لها.. ستقوم الوزارة بتحرير كمية البنزين التي يصرفها كل موطن لتشغيل سيارته بحوالي 5 لترات من البنزين يوميا و 30 لتر سولار لسيارات النقل والميكروباص يوميا.. وهو القرار الذي يبدأ تنفيذه أول أبريل القادم حسب تصريحات أسامة كمال وزير البترول.. وهو قرار كما قلت من قبل غير حكيم وغير مدروس ويفتقد الواقعية وسيكون له توابع وخيمة علي المواطن المصري. والشارع رفض القرار جملة وتفصيلا كما أنه سيرفض قرار تحديد الثلاثة أرغفة من الخبز يوميا.. وهو نفس الرفض المطلق والتحدي من أهالي بورسعيد والسويس والإسماعيلية لقرار رئيس الجمهورية بحظر التجول في هذه المدن الثلاث لأنهم يعتبرون القرار عقابا لهم علي احتجاجهم ومظاهراتهم. والتي يعتبرونها حقا من حقوقهم في التعبير عن رأيهم وعن غضبهم. قرار وزير البترول.. وقرار وزير التخطيط قرارات تفتقد لكل أساسيات الإدارة والحنكة. وزراء حكومة هشام قنديل يتصورون أنهم يعيشون علي كوكب آخر وأنهم ليسوا بمصريين.. وشر البلية ما يضحك. الكوبونات أصبحت ظاهرة مفروضة علينا والمطلوب أن نتواءم معها.. فالحياة اليوم أصبحت بالكوبون.. كل شيء سيطاله الكوبون بدأنا بالبنزين والخبز والبوتاجاز والدور علي اللحوم والاسماك والدجاج والخضراوات والفاكهة.. وقد يأتي اليوم الذي نتزوج فيه بالكوبون وننجب بالكوبون وليه لا.. فبنك التنمية والائتمان الزراعي يشجع علي الزواج مثني وثلاث ويعطي قروضا ميسرة لراغبي الزواج في مساهمة منه للقضاء علي العنوسة.. وتشجيع الشباب علي إكمال نصف دينهم.. وظيفة جديدة للبنك بدلا من توفير الأسمدة والمبيدات للفلاحين ومنحهم قروضا لشراء الاعلاف أو المواشي فإنه جزاه الله خيرا يعطي قروضا لتشجيع الشباب علي الزواج. افزعني تقرير حديث صدر عن مركز البحوث والدراسات الاقتصادية والمالية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة يشير إلي تدني وتراجع مخيف في معدلات النمو الاقتصادي خلال عامي 2011/2012 في قطاعات أساسية خدمية وإنتاجه في السياحة انخفض المعدل إلي 3.2% وفي قطاع الاتصالات تراجعت إلي 2.5% وانخفض معدل التشييد والبناء إلي 3.2% وانخفاض صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلي 1.2 مليار دولار وانخفاض الإيرادات عن المصروفات إلي 4.64% وارتفاع العجز الكلي إلي 7.10% وارتفاع نسبة الدين المحلي 3.80%. ولا أملك إزاء هذه الحالة المزرية في اقتصادنا إلا الدعاء بأن يحفظ الله مصر.. وأقول: اللهم انني لا أسألك رد القضاء ولكن اسألك اللطف فيه.