وفقا للعديد من الإحصائيات الرسمية التي صدرت مؤخراً، فإن هناك حوالي 15 ألف عقاراً في الإسكندرية تم تشييدها بدون تراخيص وبالمخالفة للقانون، ومن بين تلك العقارات هناك حوالي 128 عقاراً علي وشك الانهيار في أي لحظة، رغم صدور عشرات قرارات الإزالة ضدها، والتي لم تنفذ بسبب إصرار سكانها علي البقاء داخلها، بحجة أن محافظة الإسكندرية لم توفر لهم مساكن بديلة، كما أن هناك عقارات تم بناؤها حديثا، وتبدو أنها جيدة، ولكنها قد تنهار في أي لحظة، مثلما حدث مع عقار منطقة المعمورة البلد الأسبوع الماضي، والذي تسبب عمل "مجسات" ودق "خوازيق" في قطعة أرض بجوارها كانت معدة للبناء، في انهيار عمارة المعمورة، والتي كان يتم فيها أيضا حفر بئرا للصرف الصحي في داخلها، وكل ذلك بالطبع أدي إلي مصرع عشرات السكان تحت أنقاض عمارة المعمورة البلد، التي بنيت في منطقة عشوائية، وتسببت فوضي البناء، والفوضي الأمنية في انهيارها، هي وعمارات عديدة قبل ذلك، ومرشح أن تسقط عمارات أخري في الأيام المقبلة، بسبب "الفوضي" وعدم وجود مرافق أساسية في أغلب مناطق الإسكندرية، كما أن شبكة الصرف أصبحت متهالكة، بدليل أن الإسكندرية "غرقت في شبر مية" الأسبوع الماضي بعد هطول الأمطار علي شوارعها بكثافة، كما أن حركة البناء السرطاني في شوارع ضيقة، وبمواصفات بناء غير مطابقة، جعل بعض عقارت الإسكندرية.. قنابل موقوتة، مهددة بالسقوط. فقد باتت مدينة الإسكندرية أمام كابوس عقاراتها الآيلة للسقوط، والسبب في ذلك يعود إلي الطبيعة الخاصة للمدينة العريقة التي تتطلب تخطيطا هندسيا معينا، لوجودها علي شاطئ البحر وتعرضها لعوامل مناخية سلبية أحيانا، كما أنها تعاني حالة من تفشي الفساد في إداراتها المحلية. ومثل باقي المحافظات المصرية، شهدت الإسكندرية حالة من هيستريا الهدم والبناء والتعلية بعد ثورة 25 يناير في ظل حالة من الانفلات الرقابي، ورصدت أجهزة محافظة الإسكندرية مخالفات بناء طوال العامين الماضيين وصلت إلي 8049 مخالفة، ومعظمها عقارات شيدت بدون تراخيص. كما أن المأساة أن معظم تلك العقارات التي انهارت أو الآيلة للسقوط بنيت بالمواد المستوردة الفاسدة التي أدخلتها إحدي شركات الحديد الكبري، والتي كانت تستورد هذه الخامات من السيئة خاصة الحديد من رومانيا، وبالتالي فإن بعض العمارات التي تم بناؤها في فترة الثمانينيات أيضا مهددة بالانهيار. إن المشكلة الكبري في أراضي الإسكندرية أنها ذات طبيعة خاصة، ولا تتحمل ذلك حتي الأساسيات العميقة، وهو ما يؤدي للظاهرة التي طلق عليها "البيوت الراقصة"، كما أن هناك أحياء في الإسكندرية مثل السيوف وسموحة، كانت عبارة عن برك تم ردمها وأراضيها رخوة، وتم تخطيطها في الماضي من أجل بناء الفيلات مراعاة لطبيعة الأرض. علي سبيل المثال في منطقة سموحة كان متر الأرض ب 1500 جنيه، والآن وصل إلي 20 و30 ألف جنيه، ومن هنا تأتي ضرورة تغيير سياسة الإسكان في المدينة، وإتاحة أراض بشروط ميسرة للمواطنين لتفادي استمرار الكارثة. لقد تسببت التسهيلات الخرافية التي أعطاها المحافظ الأسبق للإسكندرية عبدالسلام المحجوب لرجال أعمال في مجال البناء، وذلك في مقابل أن يتبرعوا لتجميل الشوارع والميادين، إلي إحداث فوضي عمرانية بالإسكندرية، بالإضافة إلي طمع وجشع بعد الإسكندرانية التي حولوا معظم مناطق عروس البحر الأبيض إلي مناطق عشوائية، وأصبحت بعض شوارع الإسكندرية الضيقة مليئة بالأبراج التي لا تراعي خصوصيات السكن وحرمة الحياة الخاصة، وأخشي أن تهدم البيوت التاريخية علي الشاطئ أيضا، إما بفعل الطبيعة أو إهمال الصيانة أو طمع البعض الذي قد يحولها رلي أراج تحجب البحر والجمال علي الجميع، وذلك بعد أن قامت قلة منحرفة أمس بحرق محكمة جنايات الإسكندرية بعد اقتحامها، وبالتالي فإن الإسكندرية قد تهدم بأيدي بعض أبنائها المارقين من المخربين أو المقاولين أو الطماعين.