بكيت وأنا اسمع خطبة الجمعة التي خطبها الشيخ والعالم السعودي محمد العريفي أمس في مسجد عمرو بن العاص ، وبكي معي الكثير من المصليين ، لأسباب عديدة منها حلاوة الإلقاء وصدق الحديث وعشق هذا الشيخ السعودي الجليل لمصر ، وأيضا إلقاء تلك الخطبة في وقت مهم ، نحتاج فيه جميعا ، كي نسترد ثقتنا في أنفسنا ، ونعيد الإعتبار لمصرنا الحبيبة ، بعد أن أحدث الإنقسام السياسي شرخا داخلنا ، وتهجم وتطاول علي بلدنا الحبيبة ز الصغار ز ، وشوه بعض مدعي الإسلام من أشباه الدعاء ، ديننا الإسلامي الحنيف ، بكلمات متعجرفة وفتاوي عرجاء وعبارات منفرة ، وسلوك معوج ومواقف مخزية ، جعلت بعض صغار النفوس يستخفون بالمسلمين ودينهم ، فجأت خطبة العريفي في مسجد عمرو بمصر القديمة امس ، ومن قبلها خطبته في مسجد البوادي بالعاصمة السعودية الرياض ، منذ أسبوعين ، لتضع الأمور في نصابها ، ويعطي درسا بليغا في أصول الدعوة ، ويكشف عن عظمة الإسلام ، وعبقرية العلماء والمشايخ المصريين ، ودورهم العظيم في صنع حضارة مصر ، وعلمهم الذي إمتد إلي دول عربية عديدة خاصة في السعودية ، التي تدين بالفضل لعلماء ومعلمين ومدرسين ومهندسين وأطباء مصريين ، منهم من كان يصنع كسوة الكعبة ، يمنحها هدية للحرم المكي ، ومنهم من كان إماما لذلك الحرم ، ومنهم من كان رئيسا لأول جامعة في المملكة ، ومديرا لأكبر مستشفياها ، وناظرا لكبري مدارسها ، بل أن كبار المسؤلين في السعودية ودول الخليج تتلمذوا علي أيدي أساتذة وعلماء ومشايخ مصريين ، ومنهم الشيخ العريفي نفسه ، وهذا إعترافا بالجميل والفضل ، فلسنا كما يصفنا بعض الصغار في الخليج الأن ، بأننا شعب ز فوال ز يعشق أكل الفول ، وإن بعض من يعملون في دول الخليج جاءوا ليتسولوا لقمة العيش . ! لم تغب الإحوال في مصر عن خطبة الداعية السعودي، وقال إن مصر بها من الأحزاب الكثيرة والقوي الوطنية التي تريد الخير لمصر وأهلها، مطالباً إياهم بالاجتماع علي الخير بمصر للمرور من النفق المظلم الذي يحاول البعض جرها إليه ، وأكد إن مصرمصنع الرجال وموطن العلماء وأشار إلي أن الرسول (ص) ، أمرنا بالوحدة وعدم الفرقة ، محذراً أهل مصر بالذات من أن يقع بينهم خلاف، مستشهداً بحديث عن الرسول الكريم، زإنكم ستفتحون أرضاً يذكر فيها القيراط، فاستوصوا بأهلها خيراً، فإن لهم ذمة ورحما، فإذا رأيتم رجلين يقتتلان في موضع لبنة فأخرج منهاس، مطالباً المصريين بتفويت الفرصة علي المتآمرين علي مصر . واستعان زالعريفيس، في خطبته بجامع عمرو بن العاص، بقصيدة الشاعر حافظ إبراهيم زمصر تتحدث عن نفسهاس في مدح مصر والثناء عليها ،كما دعا العريفي، المستثمرين والتجار والسياح لدعم الاقتصاد وأكد أن مصر تتمتع بالأمن والأمان وأن كل من يزورها يمثل قوله تعالي زادخلوا مصر إن شاء الله آمنينس. وأكد أن كل إنسان منصف يعرف فضل مصر وعلمائها ومشايخها فلا يكاد بلد يخلو من عالم أو داعية أو إمام مسجد أو مدرس أو مصلح يحمل الجنسية المصرية أو تلقي العلم علي يد مصري. لقد أستقبل الشيخ العريفي في مصر إستقبال الأبطال ، وقابله شيخ الأزهر ، وأذاعت خطبته في مسجد عمرو بن العاص القناتين الأولي والفضائية في التلفزيون المصري ، وفي الإذاعة المصرية وبعض القنوات الفضائية ، وسمعها ملايين المصريين والعرب ، فنحن نقدر من يقدرنا ، ونحمل من يعشق مصر وترابها فوق رؤوسنا . كنت أتمني أن يلقي خطبة العريفي داعية مصر ، لأنها خطبة جامع عمرو بمصر القديمة أمس ومن قبلها خطبة مسجد البوادي بالسعودية ، شملت معلومات ومواقف عن علماء مصريين لم نكن نعلم بعضها من قبل ، كما أن سرده لتاريخ مصر المشرف يدعو إلي الفخر ، لأنه كشف عن المعدن المصري النفيس الذي غبرته الاحداث بالتراب ، فجاء العريفي من السعودية كي يصقله ، ويعترف بفضل المصريين علي بلاده وعلي أخرين ، في وقت يشعر البعض بالفخر أنه يلوك سيرة جاره المصري بكل ماهو سيء ، ويسيء إلي سمعته ، ووصل التنابز بالألقاب بين المصريين لدرجة الردح ولعن الأب والام والإستهزاء والسخرية والسباب ، ووصل الصراع السياسي بين بعض المناضليين المصريين إلي درجة ز تمزيق أواصر الوطن ز والسعي إلي إسقاط مصر ، حتي لايحكمها تيار معين ، بل هناك من المصريين من يردد ز البلد خربانةس ومصر علي وشك الإفلاس ، وأن ثورة الجياع قادمة . ! هل كنا ننتظر ز العريفي ز القادم من السعودية ، كي يكشف لنا عن عظمة مصر والمصريين ، ويعيد إلينا ثقتنا بأنفسنا ، ويعيد الإعتبار لمصر ؟ ليتنا نكون قد إستوعبنا الدرس ، ووصلتنا الرسالة ونفيف من غفوتنا وكبوتنا .