"السنوات العجاف تعقبها أخرى سمان والعكس صحيح".. هذه طبيعة الدورات الاقتصادية التى لم تتغير عبر التاريخ فكل مرحلة تعقبها أخرى.. وكلما توالت الأزمات زادت الاندماج والاستحواذات لايجاد كيانات أكبر فبعد أربع سنوات من أزمات مالية عالمية وعامين من ثورات الربيع العربى تأتى التحركات طبيعية على مستوى أسواق المنطقة والعالم ودائما - كما جرت العادة - يكون القطاع المصرفى هو من يقود الدفة ويطرق أبواق حركة الاستحواذ والاندماج ويبدو أن صفقة سوسيتيه جنرال ستفتح مرحلة جديدة منها داخل القطاع وكعادته سيكون أيضا منبعا جديدا للاستثمار الأجنبى المباشر فالقطاع المصرفى هو رئة أى اقتصاد فمنه تنتقل العدوى المالية ومن خلاله أيضا تعود الاستثمارات هذا ما أكده الخبراء حيث اعتبر عدد منهم أن عامى 2012 و2013 عاما الاندماجات والاستحواذات التى تمثل طوق النجاة لكثير من الشركات فى ظل الأزمة وأوضحوا أن العالم يقاوم الأزمة المالية بالاندماجات والاستحواذات، موضحين أن الكيانات الكبيرة ستستغل الأسعار المتراجعة، لكى تكبر أكثر فيما تستغلها الشركات الصغيرة للنجاة من مصير الافلاس والتصفية، مؤكدين أن البنوك هى المستحوذ الأكبر، نظرا لتمتعه بالسيولة الكافية. كان بنك "سوسيتيه جنرال مصر" قد عانى من مشكلات مزمنة يعانيها البنك الأم فى فرنسا نتيجة أزمة الديون التى يتعرض لها، إضافة إلى تراجع أرباحه بشكل كبير وكانت قيادات مصرفية أجنبية قد ذكرت فى تصريحات صحفية: "إن المشكلات التى يمر بها البنك الفرنسى دفعته إلى انتهاج أسلوب بيع وحداته فى الخارج من أجل توفير سيولة مناسبة لتقوية مركزه المالى وتدعيم قدرته على مواجهة الأزمة"، ولفتت المصادر إلى أن أرباح البنك الفرنسى شهدت أكبر تراجع بلغ 42% وذلك خلال الربع الثانى من العام الجارى، متأثرا بخفض قيمة أصول فى وحدته الأمريكية للصناديق "تى سى دبليو" و"روسبنك الروسى" التابع له. ولفتت المصادر إلى أن سوسيتيه الفرنسى، يتعرض لضغوط لتعزيز ميزانيته العمومية، وأن مسئولى المصرف بدءوا قبل أشهر فى خطة للتخلص من بعض الوحدات الخارجية للبنك وانصب التفكير فى البداية على بيع "تى. سى. دبليو" فى الولاياتالمتحدة، إضافة إلى إعادة هيكلة "روسبنك" وهى وحدته فى روسيا. التوقعات متغيرة كانت شركة سيجما كابيتال قد ذكرت فى تقرير لها أن مجموعة سوسيتيه جنرال الفرنسية لم تكن على استعداد لبيع حصتها فى البنك الأهلى سوسيتيه جنرال مصر إلا إذا تقدم بنك قطر الوطنى الذى يريد الاستحواذ بعرض مغر من خلال اتمام الصفقة بضعف القيمة الدفترية بين 5.2 و3 مرات وهو ما ينتج عنه سعر يتراوح بين 49 و59 جنيها للسهم. وأوضح التقرير أن مثل هذه الصفقة لو تمت ستنعكس إيجابيا على قطاع البنوك بشكل عام من خلال إعادة تقييم القطاع ككل، مما يلفت النظر إلى البنك المصرى الخليجى الذى يعد هدفا للاستحواذ ما إذا تم تقييمه بمضاعف القيمة الدفترية. كان نشاط الاندماج والاستحواذ فى الوطن العربى قد نشط خلال الربع الثانى من العام الحالى ملحوظا مقارنة بالربع الأول من العام نفسه، حيث بلغ عدد الصفقات "43" صفقة، منها 10 صفقات مازالت فى طو ر انتظار موافقة الهيئات والجهات المختصة، لتصل القيمة الاجمالية للصفقات التى تم الاعلان عن قيمتها إلى نحو 73.16 مليار دولار، مقابل 6.1 مليار دولار حصيلة صفقات الربع الأول من العام الحالى، والتى كان عددها 34 صفقة، وذلك وفقا لأحدث تقرير صادر عن مؤسسة كابيتال لينك جلوب المتخصصة فى مجال الاستحواذات والاندماجات. الفرصة جيدة من جانبه أكد أحمد آدم الخبير المصرفى أن من النقاط الايجابية فى دخول بنوك جديدة داخل السوق هو استقدام تكنولوجيا مصرفية عالمية، حيث كان القطاع المصرفى يعانى من قبل دخول البنوك العربية والأجنبية من تدنى التكنولوجيا المصرفية المستخدمة بجهازها المصرفى المصرى مقارنة بالبنوك العامة بالدول الأوروبية والدول العربية البترولية وكان تطوير التكنولوجيا المصرفية ببنوكنا يستلزم تكلفة لم تتحملها بنوكنا فى ظل عدم تحقيق معظمها لأرباح، وبدخول البنوك العربية والأجنبية تطورت وبصورة مذهلة وسريعة التكنولوجيا المصرفية المستخدمة فى البنوك العاملة بمصر وما واكبها من تدريب وتأهيل للكوادر المصرفية على استخدام هذه التكنولوجيا، وهو ما ألغى الفروق التى كانت بين المصرفى المصرى ونظيره الأوروبى والعربى فى مجال استخدام التكنولوجيا المصرفية. وتابع قائلا: إن وجود بنوك عربية وأجنبية أداة مساندة لتحقيق زيادة واضحة فى الاستثمارات المباشرة الداخلة لمصر، قائلا: إن تكالب الاستثمارات المباشرة الداخلة لمصر وبالتبعية على صافى الاستثمار المباشر وهو ما أثر ايجابيا على ناتج ميزان المدفوعات؛ إلا أن الأزمة العالمية أحدثت تباطؤا فى الاستثمارات المباشرة الداخلة لمصر ثم جاءت تداعيات ثورة 25 يناير من قتال فلول النظام السابق لكى تظل مصر فى حالة من عدم الاستقرار لتنخفض معها الاستثمارات الأجنبية الداخلة لمصر لأدنى مستوياتها وهو ما نحتاجه خلال الفترة المقبلة. وأضاف آدم قائلا: "من المتوقع أن تشهد الفترة الحالية موجة جديدة من عمليات بيع البنوك فى السوق المحلية وألا يقتصر الأمر على بنك سوسيتيه جنرال المعروض حاليا للبيع، أما السبب الثالث فيرجع إلى تحركات إعادة الهيكلة التى بدأت فى معظم القطاعات ومؤسسات الدولة منذ تولى الرئيس محمد مرسى وتعيين الحكومة الجديدة، موضحا أنه من الممكن أن تطال عمليات إعادة الهيكلة بعض البنوك التى تمتلكها الدولة ويتم عرض حصص منها للبيع وعلى رأس هذه البنوك "المصرف المتحد"، كما أرجع الخبير المصرفى أحمد آدم ذلك إلى ثلاثة أسباب وهى الاتجاه لتعديل قانون البنوك ورفع الحد الأدنى لرءوس المال، أما السبب الثانى فيعود إلى تضرر مؤسسات مالية كبرى فى أوروبا، هذه المؤسسات تمتلك وحدات مصرفية فى مصر، ومن ثم ستضطر هذه المؤسسات لبيع وحداتها لتغطية مراكزها المالية فى وطنها الأم. صفقات كثيرة ويقول محمود المصرى الخبير المصرفى إن العالم اجمع يفكر فى الاندماجات والاستحواذات بهدف النجاة من الأزمة المالية، موضحا أن المؤسسات العملاقة تسعى لتزداد نموا عن طريق هذه الصفقات، أما الشركات المتعثرة، فتحاول الخروج من المأزق عن طريق سيولة قادمة من شركة أخرى وأكد أن الظاهرة عالمية، والدليل ما كشفته الاحصائيات العالمية بوجود نشاط كبير فى هذه الصفقات خلال الربع الثانى من العام الحالى، حيث بلغ عدد الصفقات 43 صفقة، بقيمة بلغت 73.16 مليار دولار، وتابع أن نمو عمليات الاستحواذ سيوجد كيانات قوية وقادرة على المنافسة ومواجهة الظروف المحلية والدولية، موضحا أن اجتماع رءوس الأموال وتوحد الإدارات وتبادل الأفكار والعمل بروح الفريق الواحد، وتوحيد الجهود سوف يؤسس كيانات اقتصادية قادرة فى هذه المرحلة. اللاعب الأساسى والتقط أطراف الحديث الدكتورة منال متولى مدير مركز الدراسات الاقتصادية قائلة إن بيع البنوك الفرنسية وفروعها فى مصر ليس فى مصر فقط إنما فى عدد من الدول الأجنبية أبرزها الولاياتالمتحدةالأمريكية والتى تستهدف منه توفيق أوضاعها ومراكزها المالية فى بنوكها الرئيسية بفرنسا نتيجة الأزمة مؤكدا أن دخول عدد من البنوك العربية للاستحواذ عليها مثل قطر والمغرب وغيرها يستهدف تحقيق انتشار لتلك البنوك فى مصر باعتبار أن الاقتصاد المصرى لاعب أساسى فى اتجاه اقتصاديات المنطقة العربية ككل كما أن البنوك تعد إحدى أدوات القوة الاقتصادية للدول الأخرى وإذا لم يكن وجود تلك البنوك العربية ودخولها البلاد سيوفر لها فرصا استثمارية قوية لما كانت تواجدت فى مصر. وقال الدكتور عبدالحميد رضوان الخبير الاقتصادى بأن الحالة الاقتصادية لأوروبا وخاصة اليونان والأثر البالغ على اليورو وأثر بالسلب على الاقتصاد الفرنسى وتأتى عرض البنك للبيع متزامنا مع إعلان البنك المركزى المصرى بعدم منح ترخيص جديد لانشاء بنوك لأن العدد كاف فى الوقت الراهن دخلت قطر فى مفاضلة بين بعض البنوك الفرنسية وعند اختيار الأهلى سوسيتيه كأفضل بنك فى عام 2012 فى اليورو ومن ثم استقر الخبراء على شرائه حيث كان السعر مغريت لفرنسا وهذا هو المهم بالنسبة للبنوك الأجنبية.