قضيت أول أيام العيد في الإسماعيلية، لكن المدينة التي أعشقها لهدوئها وراحة بال أهلها ودعت السكينة بعد انتشار حالة الانفلات الأمني، غير المسبوق في المحافظة. بكي الإسماعيلاوية عيدهم، صغارهم قبل كبارهم واهتزت البيوت وانتحبت العائلات، وخيم الحزن علي المدينة التي اتشحت بالسواد، وحلت الدموع في صلاة العيد بدلا عن الفرحة وذلك بعد الواقعة المأساوية لخطف الطفل زياد عادل ذي السنوات الستة والتي انتهت بمصرعه . عادل سليمان هو والد الضحية زياد دخل كل بيت في المدينة بفضل سمعته الطيبة وجودة منتجاته وخدماته، فهو وشقيقه أصحاب محال العمدة للمواد الغذائية، وهو مثال للعصامي الذي بدأ بمحل بقالة صغير وتوسع خلال العقدين الماضيين ليصبح نموذجا للنجاح في الإسماعيلية برمتها. لكن الخاطفين كانوا له بالمرصاد، وقاموا بخطف الطفل زياد عندما كان يلعب أمام محل والده وطلبوا فدية تقدر بمليوني جنيه، ولم يجد الخاطفون مكانا لحجز الطفل وإخفائه عن الأنظار فوضعوه في شنطة السيارة مما تسبب في مصرعه اختناقا، وما كان منهم سوي دفنه في منطقة الغابة بجوار مسجد الصالحين حيث عثر أهالي حي السلام علي جثة الطفل. ولم يكف المجرمون بشاعة جريمتهم، بل تابعوا التفاوض للحصول علي المال.. ذلك المال الذي أصبح لعنة هذه الأيام، فكم تمني عادل سليمان وكل أفراد أسرته لو أخذ الخاطفون كل مالهم وجاههم وتركوا الطفل زياد لتنعم به عائلته، ويزين حياتها لكن قلوب المجرمين لا تعرف الرحمة! هذه المأساة كانت واحدة من سلسلة حوادث متصاعدة شهدتها الإسماعيلية مؤخرا،فقد وقعت حادثة سطو مسلح علي محل مجوهرات بمدينة فايد قام بها 3 أشخاص ملثمون، وأصابوا شقيق صاحب المحل برصاصة في ساقه، وأشاعوا الرعب في المدينة، وعقب هذا الحادث بيوم واحد كرر مجهولون ملثمون أيضا محاولة اقتحام منطقة الشارع الجديد التي يقع بها محل المجوهرات نفسه إلا أنهم فوجئوا بتواجد قوات الشرطة فتبادلوا إطلاق النار معهم علي الفور وكانت نارا ورعبا تشبه حرب الشوارع بين العصابات في الأفلام البوليسية. كما شهدت عزبة الصفيح بمدينة أبوصوير معركة شرسة ودموية استمرت 4 ساعات متواصلة علي اثر خلاف بين عائلتين ينتمون إلي الصعيد ومقيمين في العزبة استمرت لأربع ساعات متواصلة حيث أشعل الأهالي النيران في منزل أحد المواطنين وأصيب شاب يدعي عبدالعزيز صلاح 23 سنة بإصابات بالغة وتم نقلة إلي المستشفي، وحاولت قوات الشرطة إخلاء المنزل الذي قام عدد من أفراد تلك العائلة باقتحامه وإشعال النيران فيه .. كذلك شهدت منطقة أرض الغابة بمدينة الاسماعيلية واقعة خطف سيارة أجرة من صاحبها بعد أن هاجمهه 4 من البلطجية بالسيوف والسنج، وتكررت هذه النوعية من السرقات بالإكراه للسيارات خاصة سيارات نصف النقل، المملوكة للمصانع وللمزارع، ويطالب الخاطفون بفدية من أجل إعادة السيارات، ويحصلون علي ما يريدونه، في غياب تام من الشرطة، التي لا تستطيع حتي تتبع المختطفين من خلال التليفونات المحمولة المستخدمة، والحقيقة أن الشرطة تحاول استصدار أوامر من النيابة حتي تأذن لها بذلك، غير أن النيابة تتأخر في استصدار الأوامر، وفي حالة الطفل زياد تطلب الأمر 3 أيام قبل أن تحصل الشرطة علي أوامرالتتبع، كان الطفل المخطوف قد شبع موتا!! ويسود الشارع الإسماعيلي حالة من الغليان والغضب بسبب هذا التباطؤ من قبل الجهات القضائية، التي لا يعرف أحد أسبابا لتأخرها سوي أننا في موسم صيف وإجازات ورمضان وأعياد ..!! وإزاء هذا التكرار لحوادث البلطجة في ظل الغياب الأمني المريب وبطء تحرك قوات الشرطة تجاه أحداث العنف والخطف والقتل وتأخر استجابة النيابة ..كل ذلك الوضع لا يمكن السكوت عنه ويري أهالي الإسماعيلية أن الحل سيفرضونه بأنفسهم حيث سيتولون زمام التأمين بتشكيل لجان شعبية مرة أخري علي شاكلة أيام الثورة، ولكن مع تزويدها بالسلاح بعد أن وصل كل أنواع الأسلحة إلي أيدي البلطجية وأصبحوا يهددون حياة الآمنين ويقصفون أعمار الأبرياء.. فماذا سيكون رد الحكومة ياتري؟