لم أفهم علي وجه الدقة ماذا سيفعل الرئيس مرسي بالنسبة لرغيف العيش أحد البنود الأساسية في برنامج المائة يوم الأولي له.. كل ما فهمته أنه وعد بتحسين جودة هذا الرغيف.. لكن ذلك مرتبط بأمور عديدة كلها ترتبط بسياسات الدعم الخاصة برغيف العيش.. أي أننا سنحصل علي رغيف بجودة مناسبة ومقبول أو صالح للاستخدام الآدمي رجعنا هذه السياسات كلها.. أما الاكتفاء بتشديد الرقابة علي المخابز التي تنتج هذا الرغيف المدعوم فهو قد يسهم في تحسين الرغيف في بعض المواقع لفترة لن تطول كثيرا لأنه سرعان ما سوف تفتر هذه الرقابة وهمة من يقومون بها، كما وتعودنا من قبل لتعود "ريمة إلي عادتها القديمة". لذلك.. فإن تحسين جودة رغيف العيش المدعوم يحتاج إلي مراجعة شاملة للسياسات المعمول بها حاليا بخصوص دعم الرغيف.. وليس مطلوبا بالطبع أن نبدأ من الصفر، كما تعودنا أيضا أن نبدأ بالدراسات وتشكيل اللجان الجديدة التي ستقوم بهذه الدراسات.. فنحن لدينا ما يكفي من هذه الدراسات، وشكلنا عشرات اللجان من قبل، وبات الحل معروفا وموجودا لدي الخبراء.. بل إن الوزير الحالي للتموين في حكومة تسيير الأعمال القائمة الآن لديه حل ناجح لهذه المشكلة، وهو حل يختلف تماما عن ذلك الحل الذي سبق أن طرحه وزير التضامن الاجتماعي الأسبق والذي كان يقضي بالغاء دعم الرغيف وتحرير سعر الدقيق المستخدم في صناعة الرغيف، مع التزام الحكومة بتقديم ثلاثة أرغفة يوميا لكل مواطن من الفقراء ومحدودي الدخل، بل أن حكومة نظيف أبدت استعدادها لتقديم هذه الأرغفة الثلاثة لكل مواطن يوميا يطلبها في البداية، وحتي تفرغ من حق الفقراء ومحدودي الدخل. أما الحل الذي يقدمه د. جودة عبدالخالق فهو مختلف تماما في جوهره، وهو حل يضمن في وقت واحد وقف تسرب دعم الخبز الذي يتم الآن لأصحاب المزارع السمكية ومزارع الدواجن، وأيضا لتجار الدقيق المدعوم في السوق السوداء. ويقضي هذا الحل بتحرير سعر الدقيق المستخدم في صناعة الرغيف المدعوم أي بيع هذا الدقيق لأصحاب المخابز بالسعر الحر وبدون دعم، وأن تقوم وزارة التموين باستلام حصص يومية من إنتاج هذه المخابز بالسعر الحر وبيعه بالسعر المدعوم للناس، وبذلك لن يتسرب الدقيق من خلال هذه المخابز إلي السوق السوداء، كما يتسرب من خلالها أيضا الخبز المدعوم لأصحاب المزارع السمكية ومزارع الدواجن. وهذا الحل لا يحتاج سوي لإرادة سياسية لتنفيذه والأهم بعدها لمنافذ توزيع كبيرة للخبز المدعوم تتسم بالكفاءة وتخضع للرقابة.. كما يقترن بنجاحه أيضا التوسع في المخابز الآلية الضخمة ذات الإنتاجية الكبيرة.. وهكذا إذا كان الرئيس يريد تحسين رغيف الخبز عليه أن يلجأ إلي الحل الشامل لا مجرد الحلول الجزئية التي لا تنجز شيئا.