اليوم.. 3 طلبات إحاطة على طاولة «محلية النواب»    الجمعة.. قافلة دعوية كبرى في مساجد الحسنة بشمال سيناء    الخروف ب15 ألف جنيه.. تعرف على أسعار الأضاحي في أسواق الأقصر    جديد أسعار اللحوم اليوم 12 يونيو بمحال الجزارة ومنافذ الحكومة    أسعار النفط ترتفع وبرنت يسجل 82.04 دولارا للبرميل    مفاجأة أسعار الحديد والأسمنت اليوم 12 يونيو.. عز يقفز مجددًا    ارتفاع أسعار الجملة في اليابان بنسبة 0.7% خلال الشهر الماضي    حزب الله يعلن مقتل قيادي و3 من عناصره خلال المواجهات مع إسرائيل    مسئول أمريكي: رد حماس على مقترح وقف إطلاق النار يحمل استفسارات    وكالة الأنباء الفلسطينية: مقتل 8 فلسطينيين وإصابة عدد آخر في قصف إسرائيلي على مناطق في رفح والشجاعية في قطاع غزة    عاجل - "واشنطن بوست" تفتح النار على إسرائيل بشأن حماية المدنيين في حربها على غزة    موعد مباراة الأهلي ضد فاركو في الدوري الممتاز.. والقنوات الناقلة    موعد مباراة سبورتنج والترسانة في دورة الترقي للممتاز والقنوات الناقلة    بدء امتحان الاقتصاد لطلاب الثانوية العامة 2024    عرض شقيق "كهربا" على الطب الشرعي في واقعة تشاجره مع رضا البحراوي    حجاج بيت الله الحرام يتوجهون إلى "مشعر منى" الجمعة لبدء مناسكهم    الرقابة على المصنفات الفنية تجيز عرض فيلم أهل الكهف بهذا التصنيف العمري (خاص)    أفلام عيد الأضحى تنطلق الليلة في دور العرض (تفاصيل كاملة)    أفضل الأدعية والأعمال المستحبة في يوم عرفة    مات كما يتمنى.. وفاة ثلاثيني بكفر الشيخ أثناء أداء مناسك الحج    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأربعاء 112 يونيو 2024    طقس اليوم 12 يونيو.. اعرف مستجدات الموجة شديدة الحرارة    نقيب الصحفيين الفلسطينيين: موقف السيسي التاريخي من العدوان على غزة أفشل مخطط التهجير    هل يشترط صيام يوم عرفة بصوم ما قبله من أيام.. الإفتاء توضح    ماذا يحدث داخل للجسم عند تناول كمية كبيرة من الكافيين ؟    دون إصابات.. إخماد حريق عقار سكني بالعياط    اتحاد الكرة يحسم مشاركة محمد صلاح في أولمبياد باريس 2024    شولتس ينتقد مقاطعة البديل وتحالف سارا فاجنكنشت لكلمة زيلينسكي في البرلمان    تتخطى ال 12%، الإحصاء يكشف حجم نمو مبيعات السيارات التي تعمل بالغاز الطبيعي    «مشكلتنا إننا شعب بزرميط».. مصطفى الفقي يعلق على «نقاء العنصر المصري»    هيئة الدواء: هناك أدوية ستشهد انخفاضا في الأسعار خلال الفترة المقبلة    تأثير التوتر والاكتئاب على قلوب النساء    عاجل.. تريزيجيه يكشف كواليس حديثه مع ساديو ماني في نهائي كأس الأمم الإفريقية 2021    رئيس الأساقفة جاستين بادي نشكر مصر بلد الحضارة والتاريخ على استضافتها    أوروبا تعتزم تأجيل تطبيق أجزاء من القواعد الدولية الجديدة لرسملة البنوك    رئيس لجنة المنشطات يفجر مفاجأة صادمة عن رمضان صبحي    زواج شيرين من رجل أعمال خارج الوسط الفني    فيديو صام.. عريس يسحل عروسته في حفل زفافهما بالشرقية    هذا ما يحدث لجسمك عند تناول طبق من الفول بالطماطم    والد طالب الثانوية العامة المنتحر يروي تفاصيل الواقعة: نظرات الناس قاتلة    رسميًا.. تنسيق الثانوية العامة 2024 في 5 محافظات    الفرق بين الأضحية والعقيقة والهدي.. ومتى لا يجوز الأكل منها؟    هل الأضحية فرض أم سنة؟ دار الإفتاء تحسم الأمر    خلال 3 أشهر.. إجراء عاجل ينتظر المنصات التي تعمل بدون ترخيص    الرئيس السيسي يهنئ مسلمي مصر بالخارج ب عيد الأضحى: كل عام وأنتم بخير    الكويت: ملتزمون بتعزيز وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتنفيذ الدمج الشامل لتمكينهم في المجتمع    ظهور حيوانات نافقة بمحمية "أبو نحاس" : تهدد بقروش مفترسة بالغردقة والبحر الأحمر    رئيس جامعة الأقصر يشارك لجنة اختيار القيادات الجامعية ب«جنوب الوادي»    تفاصيل اصابة 8 اشخاص في حادث علي طريق بالدقهلية    عاجل.. محمود تريزيجيه: لا تفرق معي النجومية ولا أهتم بعدم اهتمام الإعلام بي    تريزيجيه: حسام حسن مدرب كبير.. والأجواء أمام غينيا بيساو كانت صعبة    حازم إمام: نسخة إمام عاشور فى الزمالك أفضل من الأهلي.. وزيزو أفيد للفريق    برلماني: مطالب الرئيس ال4 بمؤتمر غزة وضعت العالم أمام مسؤولياته    بالفيديو.. عمرو دياب يطرح برومو أغنيته الجديدة "الطعامة" (فيديو)    نقيب الصحفيين الفلسطينيين ل قصواء الخلالى: موقف الرئيس السيسي تاريخى    عصام السيد يروى ل"الشاهد" كواليس مسيرة المثقفين ب"القباقيب" ضد الإخوان    حظك اليوم| الاربعاء 12 يونيو لمواليد برج الميزان    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية بلة المستجدة ببني مزار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يمين بالثلاثة.. وكلمات ومواقف مطلوب "حذفها من المضبطة"!! الرئيس في مواجهة الدستور.. والقضاء.. والتاريخ
نشر في العالم اليوم يوم 05 - 07 - 2012

المراقبون الذين شعروا بالارتياح بعد أداء الرئيس الجديد اليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا يوم السبت الماضي، وظنوا أن الدكتور مرسي سيبدأ مسارا جديدا لتصحيح الآثار الضارة لخطابه "الشعبوي" أمام المتظاهرين الذين حشدتهم جماعة الإخوان المسلمين في ميدان التحرير يوم الجمعة 25/6.. هؤلاء المراقبون سرعان ما عاودهم القلق علي أوضاع البلاد ومستقبلها حينما استمعوا إلي خطاب مرسي في جامعة القاهرة بعد أقل من ساعة من كلمته أمام المحكمة الدستورية.. فقد نقض مرسي ما قاله أمام المحكمة الدستورية للتو، بأن عاد إلي التأكيد علي أن "المؤسسات المنتخبة ستعود" في إشارة واضحة إلي مجلس الشعب المنحل بموجب حكم من المحكمة الدستورية.. وكرر العبارة ثلاث مرات في إصرار واضح علي تحدي حكم قضائي من أعلي محكمة في البلاد!! ثم عاد فأدي اليمين الدستورية للمرة الثالثة أمام الحاضرين!! وكان بينهم بالطبع أعضاء مجلس الشعب المنحل ومجلس الشوري المشكوك في دستوريته، وممثلون لفئات اجتماعية واتجاهات سياسية ومؤسسات حكومية مختلفة.. وكأنما أراد الرئيس الجديد ان يقول للحاضرين إن القسم الذي أداه للتو أمام المحكمة العليا لا قيمة له!! تماما مثلما أن حكم المحكمة بعدم دستورية عدد من مواد قانون مجلس الشعب، وبالتالي ببطلان انتخابات المجلس.. هو الآخر حكم لا قيمة له!! وأن المجلس سيعود "وكررها ثلاثا!!".
هذه الرسالة شديدة السلبية أكدها ما نشرته صحف اليوم التالي "الأحد 1 يوليو" عما دار في المحكمة الدستورية.. فقد ذهب الرئيس المنتخب متأخرا نصف ساعة كاملة عن موعده.. وأصر علي عدم دعوة أي ضيوف ليشهدوا أداءه لليمين.. ثم أصر علي عدم بث مراسم أداء اليمين علي شاشات التليفزيون طالبا الاكتفاء بالتسجيل وإذاعة لقطات من هذه المراسم في نشرات الأخبار "أو هكذا طلب ممثلو الرئاسة" مما أدي إلي غضب مستشاري المحكمة وإلي تهديد ثلاثة منهم "وفي رواية أخري خمسة منهم" بمقاطعة جلسة أداء اليمين باعتبار ان عدم بث المراسم كاملة وعلي الهواء يفقدها شرط العلنية، ويجعلها مشوبة بالبطلان.
ورضخ الرئيس المنتخب في النهاية لحكم القانون وتمت إذاعة مراسم أداء اليمين كاملة ومتأخرة عن موعدها.. وظهر الرئيس ومستشارو المحكمة خلالها عابسين متجهمين.
ثم ذهب الرئيس الجديد إلي جامعة القاهرة ليحلف اليمين مرة ثالثة أمام أولئك الذين لم تعد لهم صفة شرعية "أعضاء مجلس الشعب المنحل". وليؤكد لهم "ثلاثا" أن مجلسهم سيعود.. مع أن الجميع يعلمون أن حكم المحكمة الدستورية بات ونهائي وواجب التنفيذ.. وأن القسم أمامها هو القسم الوحيد الذي له قيمة قانونية، والذي لم يكن يمكن بدونه تسلمه لمهام منصبه.
والواقع ان هذه بداية سيئة لعلاقة الرئيس الجديد بالدستور والقانون اللذين أقسم "بالثلاثة" علي احترامهما.. وبالمناسبة فإن من الضروري توضيح ان الدستور الذي أقسم د.مرسي علي احترامه هو بالضبط "الإعلان الدستوري، والإعلان الدستوري المكمل".. ومهما يكن رأيه فيهما فليس في البلاد أية نصوص دستورية سارية سواها.
وبالتالي فإن أية محاولة للالتفاف عليهما أو علي أحدهما (الإعلان المكمل تحديدا) تمثل انتهاكا للدستور وحنثاً باليمين الدستورية. وينبغي أن يكون هذا واضحا تمام الوضوح للدكتور مرسي ولجماعة الإخوان المسلمين والمتظاهرين الذين حشدتهم أو يمكن أن تحشدهم مستقبلا في التحرير أو في أي ميدان آخر.
ومن يريد أن يتخلص من هذا "الدستور" عليه أن يسهل مهمة وضع دستور جديد.. دائم للبلاد.. في أقرب فرصة.. وهو ما نري أن الجماعة وحزبها وحلفاءهما غير حريصين عليه، إذ أصر هؤلاء علي تشكيل الجمعية التأسيسية الدستورية محددا بنفس الطريقة التي سبق للمحكمة الإدارية أن حكمت ببطلانها. والآن يسابقون الزمن للانتهاء من وضع الدستور الجديد وفقا لأهوائهم قبل جلسة المحكمة الإدارية المخصصة للنظر في الطعن ببطلان التشكيل الجديد للجنة التأسيسية!! علما بأن الانتهاء من وضع الدستور الجديد قبل الجلسة المشار إليها لن يفيدهم بشيء، لأن بطلان اللجنة التأسيسية لا يترتب عليه تحصين نتائج أعمالها كما هو الحال مع القوانين التي يصدرها مجلس الشعب قبل الحكم ببطلانه.
وإذا عدنا الإداري مجلس الشعب وتأكيدات الدكتور مرسي (المثلقة) بعودته تحت اسم "المؤسسات المنتخبة" فلابد من القول إن هذه التأكيدات ليست بداية سيئة لعلاقة الرئيس الجديد بالدستور والقانون فحسب، ولكن لها جانبها الذي لا يقل خطورة إن لم يكن أخطر.. نعني أنه بفرض أن محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة قد أخذت علي عاتقها مهمة تفسير حكم المحكمة الدستورية.. وهو ما يقطع كبار الفقهاء الدستوريين والقانونيين بخطئه.. لأن المحكمةالإدارية لا يحق لها التدخل في حكم أصدرته محكمة أخري هي الدستورية العليا.. فضلا عن أن المحكمة الأخيرة هي الأرفع درجة في السلم القضائي (ولا يمكن مثلا أن يتظلم المرء من حكم للنقض أمام الاستئناف، أو من حكم للاستئناف أمام محكمة ابتدائية.. أو من حكم للإدارية العليا أمام المحكمة الإدارية الأقل درجة).. ولكن بفرض أن حكما خاطئا من هذا النوع قد صدر، فهل ستكون له قيمة قانونية؟! أم أن الإخوان سيحشدون أعضاءهم في التحرير مطالبين بتنفيذ "حكم القضاء" الذي يوافق هواهم؟! وتنشأ حالة (استعصاء قانوني دوستوري) تهز مبدأ سيادة القانون من أساسه، تحت ضغط الشارع والهتافات الغوغائية.
مطلوب.. الحذف من المضبطة!!
ونحن نفهم أن يحاول بعض السياسيين أو المحامين أو القانونيين اللجوء إلي المماحكات القانونية أو السياسية سعيا للانتصار لوجهة نظرهم بالحق أو بالباطل.. وفي هذه الحالة سيكون رأي الناس المسئولين والعقلاء في هؤلاء سيئا بالطبع..أما أن يبدي رئيس الجمهورية أي تسامح أو تعاطف مع رأي هؤلاء المماحكات انطلاقا من انحيازاته السياسية فهذا أمر لا يمكن القبول به بحال من الأحوال.. وهو يصل إلي حد الخطيئة السياسية.
لذلك فإننا نطالب الدكتور مرسي بأن (يحذف من المضبطة) كما يقال في المجالس البرلمانية وغيرها زيارته إلي التحرير كلها في الوقت الذي كان تتردد في جنباته هتافات بذيئة وغير مسئولة من جانب شباب الإخوان.. وهي هتافات نود أن نعرف رأي الدكتور مرسي فيها لو أن آخرين وجهوها إلي مكتب الارشاد الخاص بجماعة الإخوان، أو إلي المرشد العام للجماعة! وبديهي أن الحذف من المضبطة ينبغي أن يطال كل العبارات (الشجرية) التي تشير صراحة أو ضمنا إلي رفض الإعلان الدستوري (الأصلي أو المكمل) الذي أقسم علي احترامه.. أو إلي أي من مواده.. أو إلي شخصنة لأحكام المحكمة الدستورية العليا بشأن مجلس الشعب المنحل أو غيره.
كما نطالب الدكتور مرسي بأن (يحذف من المضبطة) كل ما قاله في جامعة القاهرة عن "عودة المؤسسات المنتخبة" بما ينطوي عليه من تحد لحكم المحكمة الدستورية. ونقول للرئيس بكل وضوح إنه إذا فتح الباب للاستهانة بالدستور والقانون وبأحكام القضاء ومؤسساته فإنه يفتح بابا لأن يفعل الجميع ذلك، وبهذه الطريقة فإنه يفتح بابا لهدم الدولة.. وهذا ما لن يسمح له به أحد، بما في ذلك ال (13 مليونا) الذين انتخبوه، من بين (52 مليون ناخب).. ولن نمل من التأكيد علي أن أغلبهم انتخبه نكابة بمرشح النظام البائد ورفضا لما كان يمثله ذلك النظام من سياسات معادية للشعب من بينها بالطبع الاستخفاف بالدستور والقانون.
الإساءة لشيخ الأزهر
** ومن أهم ما ينبغي حذفه من المضبطة قطعا تلك المعاملة الوقحة التي جرت مع الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب في قاعة جامعة القاهرة وكذلك مع الشيوخ الاجلاء أعضاء هيئة كبار العلماء.. ولا يكفي ما سمعناه عن اتصال د.مرسي بالشيخ الجليل الذي تصرف بكرامة تليق بمكانته "أبلغه باستنكاره لما حدث معه ينبغي أن يصدر بيان اعتذار رسمي للإمام الأكبر.. أو أن يقوم د.مرسي بزيارة ترضية له في مشيخة الأزهر.. وأن يتم التحقيق في الأمر ومعاقبة الأشخاص الوقحين الذين أساءوا إلي الإمام الأكبر وكبار العلماء وينبغي أن يعرف د.مرسي ومرشد الإخوان وكل زعمائهم أنهم إذا كانوا قد حصلوا علي أقل من "6 ملايين" صوت في الجولة الأولي لانتخابات الرئاسة فإن الإمام الأكبر الجليل هو محل احترام وتقدير ومحبة الأغلبية الساحقة من المصريين.
ومعروف ان الإخوان منذ فترة طويلة يحاولون النيل من الأزهر ومرجعيته في مصر والعالم الإسلامي كله.. ويتوهمون بالباطل أنهم يمكن أن يحلوا محل هذه المرجعية الدينية الرفيعة.. وهيهات هيهات لهم.. كما هو معروف أنهم ينقمون علي الشيخ الجليل انه أحال ميليشياتهم شبه العسكرية في جامعة الأزهر حينما كان رئيسا لها لقيام أفراد هذه الميليشيات باستعراض للقوة في الجامعة من خلال عرض للكاراتيه والألعاب القتالية في الحرم الجامعي وهو موقف تربوي وسياسي محترم استحق إشادة الجميع عدا الإخوان.
كما أن الإخوان لم يكونوا سعداء بالحوارات الوطنية الراقية التي احتضنها الأزهر وشيخه الجليل، وانتهت بوثيقتين كانتا محل ترحيب أغلب القوي الوطنية.
لكن هذا كله شيئ وتصفية الحسابات مع شيخ الأزهر بطريقة صغيرة بعد دعوته من الرئاسة.. شيء آخر تماما.. ولا يمكن السماح به.
التاريخ بعيون إخوانية
ولا شك أن من أهم ما ينبغي "حذفه من المضبطة" كذلك ما جاء في خطاب الدكتور مرسي بخصوص رؤيته لتاريخ كفاح الشعب المصري من أجل الحرية فقد تحدث مرسي عن الفترة من العشرينيات حتي الستينيات بالذات.. وقال "وما ادراك ما الستينيات"!
وواضح من هذا التحديد الزمني أن سيادته يري أن تاريخ مصر "الحديث علي الأقل" يبدأ من العشرينيات وهي مرحلة تأسيس جماعة الإخوان المسلمين علي يد حسن البنا ثم يتوقف بصورة خاصة عند الستينيات وهي المرحلة التي قام فيها النظام الناصري بحملة اعتقالات واسعة شملت الآلاف من قيادات وكوادر واعضاء الإخوان المسلمين بتهمة احياء التنظيم الذي كان مجلس قيادة الثورة قد حله عام 1954 وكذلك احياء التنظيم السري المسلح للجماعة "النظام الخاص".
وفي تلك المرحلة تعرض المعتقلون الإخوان للتعذيب ولقي عدد منهم مصرعه بسبب قسوة ذلك التعذيب وهو نفس ما حدث بالضبط لليساريين في تلك المرحلة.. وكلها ممارسات جديرة بالإدانة القاطعة من جانب أي شخص محترم وديمقراطي لما اتسمت به من طابع همجي وانتهاكات وحشية لحقوق الإنسان.،. ومن الضروري أن تقول هذا قبل مناقشة أية جوانب أخري للموضوع.
** ولكن هذه الإدانة القاطعة لا تغني عن طرح أسئلة مهمة:
مثلا: هل كان هذا المصير المأساوي مقصورا علي الإخوان وحدهم أم أن اليساريين وأي معارضين آخرين" شاركوهم في نفس المصير؟!
وإذا كانت الإجابة بالتأكيد فلماذا لا يتحدث الإخوان إلا عن معاناتهم وحدهم؟!
وما الرأي مثلا في التعذيب الهمجي الذي واجهه معتقلو الجماعات الإسلامية المتطرفة في عهد مبارك؟ وفي العشرات الذين اختفوا دون أثر ولم يتسلم أهلهم حتي جثثهم ليدفنوها في مقابرهم؟
أليس هؤلاء جميعا بشرا هم الآخرون مثل الضحايا من الإخوان؟ وحتي الذين تم اعتقالهم علي ذمة قضايا إرهابية بالحق وبالباطل هل لأجهزة الأمن أن تعذبهم وأن تقتلهم؟!
** ويبقي بالطبع السؤال الكبير: هل بدأ تاريخ كفاح الشعب المصري من أجل الحرية في العصر الحديث في العشرينيات؟! أي بتأسيس حسن البنا لجماعة الإخوان؟!
** ولاحظوا أننا لن نناقش أصلا ما إذا كان تأسيس الجماعة كان كفاحا من أجل الحرية أم لا؟ ولن نناقش المسار السياسي لحسن البنا وخلفائه.. ولا تاريخ الجماعة العريق في الإرهاب والاغتيالات السياسية من القاضي الخازندار إلي رئيس الوزراء أحمد ماهر ومحمود فهمي النقراشي، وهو الصراع الذي انتهي الي اغتيال حسن البنا نفسه وقتها ولاحظوا اننا لن نناقش الارتباطات بين الإخوان والأنظمة العربية التي هاجروا إلي كنفها وقتذاك أو الدول الاوروبية التي انتقل بعضهم للإقامة فيها وكانت معادية بشدة للنظام الناصري ومتحالفه مع الولايات المتحدة وبريطانيا الراعيين الرسميين لإسرائيل، في أشد لحظات الصراع احتداما بين مصر الثورة والشعوب العربية من جهة والاستعمار الغربي وإسرائيل والأنظمة الرجعية العربية من جهة أخري.
** وباختصار فإن تاريخ "كفاح الإخوان من أجل الحرية" فيه صفحات كثيرة غير مشرفة ربما كان الصمت عنها أفضل!!
** وما ينبغي أن يعرفه الدكتور مرسي وكل الإخوان هو أن كفاح الشعب المصري من أجل الحرية قديم قدم الزمن منذ ثورات الشعب ضد الحكام الظالمين في عهد الدولة المصرية القديمة (ألفين وأكثر قبل الميلاد) حتي طرد الغزاة الهكسوس وتأسيس الدولة الحديثة في القرن السادس عشر قبل الميلاد وصولا إلي ثورات أقباط مصر ضد الغزاة الرومان والبيزنطيين، وتصدي الشعب المصري للغزوات الصليبية وهزيمته للتتار.
** أما في العصر الحديث فقد بدأت ثورات المصريين من أجل الحرية منذ ثورة القاهرة الأولي والثانية ضد الحملة الفرنسية في نهاية القرن الثامن عشر، وصولا إلي الثورة العرابية المجيدة، ثم ثورة ،1919 والانتفاضتين الوطنيتين العظيمتين ضد الاحتلال البريطاني والاستبداد الملكي الاقطاعي (1935/ 1946) ثم ثورة (1952) التي بدأت بانقلاب عسكري نفذه صغار الضباط، ثم تحولت إلي ثورة حقيقية غيرت وجه البلاد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، واطاحت بالملكية والاقطاع، وأعادت الأرض إلي الفلاحين.
ويقال إن أسرة الدكتور مرسي نفسها قد استفادت من الثورة بحصولها علي فدانين من أراضي الاصلاح الزراعي.
كما قدمت الثورة مشروعا قوميا طموحا لتصنيع البلاد وترويض نهر النيل (السد العالي) واضاءة الريف بالكهرباء، وفتحت الباب لحراك اجتماعي واسع، وليتمتع أبناء الفلاحين والعمال وصغار الموظفين بفرصة التعليم حتي أعلي مستوياته.
وقد كان لثورة يوليو وزعمائها أخطاء كبيرة بل وخطايا كبيرة.. من أبرزها طابع الحكم الاستبدادي، وما نتج عنه من اغتيالات وتعذيب وتصفية للحياة السياسية.. ولكن لا يمكن بالطبع اختزال هذه الثورة العظيمة ودورها في حركة التحرر الوطني العربية والعالمية في صفحة الاستبداد وحدها.
وبديهي أنه لا يمكن اختزال تاريخ مصر في أية لحظة من لحظاته في تاريخ الإخوان بصفحته الفقيرة والملتبسة والمثيرة لأشد الجدال حول علاقاتهم الدولية والعربية والداخلية.
وإذا كان الإخوان يحاولون تزوير تاريخ ثورة 25 يناير، التي لايزال شهودها وصانعوها أحياء.. ولا تزال دماء شهدائها طرية.. ويزعمون لأنفسهم دورا فيها تكذبه الوقائع، ويكذبه الشهود الاحياء.. فلن تندهش من محاولاتهم لتزوير تاريخ مرت عليه عشرات من السنين.. ولا من رؤيتهم لهذا التاريخ من خلال دورهم الملتبس والمثير للجدل فيه.
** لكن رئيس الجمهورية لا ينبغي له بحال من الأحوال أن يشارك في هذه اللعبة.. وفي جميع الأحوال فليس مطلوبا منه أن يقوم بدور المؤرخ، خاصة وأنه لا يمتلك شيئا من أدوات هذا الدور..
** ويا سيدي الرئيس.. من فضلك اقرأ التاريخ المصري جيدا، قبل أن تتحدث عنه.
مصر تستحق الحرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.