تمر البورصة المصرية بفترة عصيبة مع التدني الشديد في احجام التداولات علي إثر الأحداث السياسية المتلاحقة والتي انتهت بقرار حل مجلس الشعب وعدم دستورية قانون العزل، مما دفع بوكالة "فيتش" للتصنيفات الائتمانية إلي تخفيض التصنيف الائتماني لمصر درجة جديدة، بسبب تصاعد الأزمة السياسية في البلاد. وأكد خبراء سوق المال أن البورصة في مأزق خلال الفترة الحالية مع التدهور الشديد في أحجام التداولات، وخفض التصنيف الائتماني لمصر مما قد ينذر بمؤشرات خطيرة خلال الفترة القادمة أهمها هروب مزيد من الاستثمارات الأجنبية خارج البلاد. ووضعوا خارطة جديدة لانقاذ البورصة خلال المرحلة القادمة و أهم محاورها الاستقرار السياسي وقبول نتائج الانتخابات المصرية أيا كان المرشح الفائز، بالإضافة إلي تفعيل الآليات التي من شأنها تنشيط السوق وزيادة أحجام التداولات به، والقيام بحملات ترويجية في عدد من الدول العربية والأجنبية لجذب مزيد من المؤسسات الأجنبية للعمل بالسوق شريطة عودة الاستقرار السياسي. هروب الاستثمارات يقول الخبير الاقتصادي الدكتور صلاح جودة إن خفض الائتماني لا يشجع الاستثمار الأجنبي، وسيؤدي إلي هروب الاستثمارات الأجنبية وتخارجها من البلاد، مما يؤثر بالسلب علي موارد البلاد من النقد الأجنبي وهو ما سيضر الاقتصاد المصري في المرحلة الحالية. وأضاف إنه لابد من العمل علي الاستعانة بمجموعة من الخبراء الاقتصاديين لدعم الاقتصاد والبورصة لتستعيد دورها كأداه تمويل للشركات، وأضاف جودة إن خفض التصنيف الائتماني لمصر سيؤدي إلي عزوف المؤسسات المالية الأجنبية عن الدخول إلي السوق المصري، خاصة مع ارتفاع ديون مصر هذا العام مليارا و 700 مليون دولار وهو رقم ينذر بمؤشرات خطيرة مما يتطلب اجراءات تقشفية في المرحلة القادمة لتخطي المرحلة الصعبة الحالية. ويقول محمد بهاء الدين النجار مدير قسم البحوث بشركة المروة للاستشارات المالية إن هناك حالة من الغموض تسيطر علي مستقبل الاقتصاد المصري، مشيرا إلي أن الاضطرابات السياسية تؤثر بدورها علي الاقتصاد والبورصة خاصة بعد قرار المجلس العسكري حل البرلمان تنفيذا لحكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان انتخابات مجلس الشعب وتجدد المظاهرات اعتراضا علي قرار الحل. ويوضح أن استقرار الأوضاع بالسوق مرتبط باستقرار الأوضاع السياسية في البلاد، مشيرا إلي أن الأزمة الكبيرة التي تواجه الاقتصاد المصري في الوقت الحالي هي عدم الاستقرار السياسي مما يثير المخاوف لدي المستثمرين العرب والأجانب في ظل هذه الأجواء السلبية المشحونة في مصر. آليات جديدة ونصح بضرورة تفعيل حزمة من الآليات التي وضعها مجموعة من خبراء السوق والتي من شأنها تنشيط السوق وزيادة أحجام التداولات به. وطالب بضرورة القيام بحملات ترويجية في عدد من الدول العربية والأجنبية لجذب مزيد من المؤسسات الأجنبية للعمل بالسوق ولكن بعد اختيار رئيس للبلاد وتحقيق الاستقرار السياسي، كذلك دعم حملة بالبورصة المصرية لجذب المصريين لشراء الأسهم المصرية لدعم السيولة بالسوق. ويوضح أحمد عبدالعال مدير قسم البحوث بشركة العمالقة لتداول الأوراق المالية أن الحكومة الحالية عاجزة عن وضع خارطة جديدة لانقاذ السوق المصرية مما يعاني منه حاليا بسبب نقص السيولة الشديد. وحذر عبدالعال من التدني الشديد الذي تشهده أحجام التداولات بالبورصة منذ عام مضي، لدرجة أنه وصل إلي أدني مستوي له خلال السنوات الثماني، وطالب بضرورة تفعيل روشتة محددة لعلاج ضعف التداولات بالسوق وتجاوز هذه المرحلة الدقيقة في البلاد. وأكد أن تخفيض تصنيف مصر الائتماني جاء نتيجة التوترات السياسية وأزمات الوقود المتتابعة فضلا عن حل البرلمان. خروج الاستثمارات وكانت تقارير أجنبية قد أكدت أن أغلب الأجانب خرجوا بالفعل من السوق المصرية، ويقدر أن ما يملكه غير المقيمين من أذون الخزانة المحلية انخفض إلي 300 مليون دولار مقارنة بأكثر من عشرة مليارات في ديسمبر عام 2010. وعلي الرغم من المخاوف من تدني أحجام التداولات في البورصة المصرية خلال العام الحالي، إلا أن اللافت للانتباه كان التقرير الصادر عن وحدة أبحاث مؤسسة "الفايننشال تايمز" العالمية، والذي أكد أن البورصة المصرية تقود العالم من حيث الربحية خلال عام 2012، و قال ستيفان واجستيل المحلل المالي إن البورصة المصرية مازالت تحقق مفارقة كبيرة، حيث إن الضغوط السياسية ما زالت مسيطرة وتتجه للأسوأ، والاقتصاد يتراجع، والاحتياطيات الدولية تتناقص بشدة فيما لا تزال الأسهم ترتفع بما يقرب من 40% محققة أعلي مكاسب علي مستوي العالم خلال 2012. وأضاف تحليل "الفايننشال تايمز" أن المستثمرين في الأوراق المالية المصرية يراهنون علي أن اقتراب الاقتصاد من الحافة، مدعاة لتحرك الساسة لاحتواء الوضع، وأن يقود الاتفاق مع صندوق النقد الدولي الاقتصاد بعملية انقاذ مبكر. كما أن المؤشر الرئيسي ما زال أقل بنسبة 30% عن مستويات يناير 2011، قبيل بداية المظاهرات التي أزالت نظام مبارك من السلطة، ومن حيث مؤشرات تقييم الأسهم فقد ظلت في مستواها بنهاية 2010، بمعادل ربحية للسعر يعادل 17 مرة، مقابل 6.17 مرة كما بلغ معادل السعر للقيمة الدفترية 3.1 مرة مقابل 9.1 في نهاية 2010. وأضاف إن أوضاع الاقتصاد آنذاك كانت تبرر ذلك، ففي نهاية 2010 كان الاقتصاد المصري ينمو بمعدل 5% في السنة، إلي جانب 36 مليار دولار احتياطيات من النقد الأجنبي وحتي نهاية يناير 2011 وباعتراف الجميع، كان من أهم ملامح البورصة المصرية وجود شركات قوية لها اتصال واسع بمجتمع الأعمال العالمي، وهذه الشركات بمقدورها تعويض المشكلات التي تعترضها محليا، بمكانتها التي حققتها في السابق علي المستوي العالمي، علي سبيل المثال تعد "أوراسكوم للاتصالات" نموذجا من هذه الشركات. اليقين السياسي وقال بنك الاستثمار سي آي كابيتال إن خفض التصنيف الائتماني لمصر من قبل مؤسسة فيتس جاء بسبب تزايد عدم التيقن بشأن الأوضاع السياسية خاصة بعد حكم المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان، وهو ما قد يؤدي إلي تأخر في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية التي نحتاج إليها لتحقيق الانتعاش الاقتصادي. وخفضت وكالة "فيتش" للتصنيفات الائتمانية التصنيف الائتماني لمصر درجة جديدة، بسبب تصاعد الأزمة السياسية في البلاد، بعد قرار المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب. أوضحت سي آي كابيتال أن تزايد حالات عدم اليقين السياسي قد يتسبب في إضعاف الثقة وزيادة الضغوط الاقتصادية والمالية التي تواجه مصر في المدي القريب. وتعتقد سي آي كابيتال احتمال تخفيض التصنيف الائتماني لمصر في المستقبل في حال حدوث أي انتكاسات سياسية جديدة. أشارت سي أية كابيتال إلي أنه منذ بدء ثورة يناير، شهدت مصر تخفيض التنصيف الائتماني لها أكثر من مرة وذلك من قبل المؤسسات الاستثمارية الدولية وذلك بسبب عدم استقرار اقتصاد البلاد.