الدواء به سم قاتل.. هذه الجملة تعد الأصدق تعبيرا حينما نتحدث عن ظاهرة انتشار الأدوية المغشوشة والمقلدة والتي أصبح تواجدها في السوق المصري أمراً شبه عادي بعد أن صارت هذه الأدوية في متناول الجميع سواء من خلال وجودها علي أرفف الصيدليات أو علي الأرصفة بمنطقتي الموسكي والعتبة . لا أحد في مصر يمكنه تقدير حجم ظاهرة الدواء المغشوش وان اجتهدت بعض المصادر في تقديرها بنسبة تتراوح ما بين 5 إلي 10% من حجم الدواء في مصر وهي نسبة تعد كبيرة خاصة أنها مرتبطة بسلعة حيوية يؤدي أقل خطأ فيها إلي إنهاء حياة الإنسان ومع هذا لا تزال الأجهزة الرقابية تتعامل مع الموقف من منطلق أنها قضية تهريب عادية أو حتي غش تجاري الأمر الذي شجع بعض معدومي الضمير سواء من الصيادلة أو المستوردين أو ممن يقومون بتعبئة هذه الأدوية تحت بير السلم علي التمادي في هذا الطريق خاصة أن هذه التجارة تعد الأربح عالميا حيث تفوق أرباحها حاليا تجارة المخدرات . مصر تعيش حالة انفلات أمني وأخلاقي. هذا ما أكده الخبراء مطالبين بضرورة توافر ميثاق شرف بين الصيادلة لمنع تداول هذه الأدوية والتي ثبت احتواؤها علي مواد سامة وغير صالحة للاستخدام الآدمي مثل الزرنيخ والرصاص والطباشير والشمع والورنيش والدوكو، مضيفين أن الغش طال جميع الأدوية الغالي منها والرخيص وان زادت النسبة في أدوية أمراض السرطان والفشل الكلوي والأورام والجلطات . بداية يوضح د.مصطفي الغنوشي مدير عام رابطة موزعي ووكلاء ومستوردي الأدوية وعضو المجلس الأعلي للدواء أن هناك أكثر من 10% من إجمالي الأدوية المطروحة في السوق المصري مغشوشة والأمر هنا يبدو منطقيا في ظل وجود فئة فاسدة في قطاع الأدوية تتحايل علي القانون وتسعي بأي شكل إلي تحقيق أكبر نسبة أرباح حتي وان كانت النتيجة عواقب كارثية يتحملها المرضي. أضاف إن أشكال غش الدواء متعددة فهناك أدوية مجهولة المصدر ويتم طرحها دون فواتير إلي جانب الأدوية المهربة والتي يطلق عليها مجازا مصطلح أدوية مستوردة ومعظمها يتم ضربه في الصين وتدخل مصر علي أنها أدوية سليمة قادمة من فرنسا وانجلترا، أشار إلي أنه تم مؤخرا ضبط تشكيل عصابي في محافظة الإسكندرية مكونا من ثلاثة أفراد الأول شاب في السنة النهائية بكلية الطب ويحمل الجنسية البريطانية والثاني رجل أعمال قبرصي إلي جانب شاب مصري حيث قاموا بجلب دواء البلافيكس المغشوش والذي يستخدم بعد عمليات القلب المفتوح لسيولة الدم وأثبتت التقارير أن حصول المريض علي هذا الدواء المغشوش يعرضه للوفاة بعد أربعة أيام ولكن هذا الأمر لم يكن سببا كافيا لرجوع هذه الفئة عن مخططها خاصة إذا ما علمنا أن سعر هذا الدواء عالميا لا يتجاوز 4 دولارات في حين يتم عرضه في مصر بسعر 340 جنيها قبل أن تدعمه وزارة الصحة ليصل سعره إلي 205 جنيهات مما يعني أن نسبة الربح هنا تغري أي مجرم خاصة في ظل وجود حماية من الدولة لهذه الأدوية المهربة حيث لا ننسي أنه في يوم ما قام وزير الصحة الأسبق حاتم الجبلي بإصدار القرار رقم 87 لسنة 2007 والذي يسمح بتداول الأدوية المهربة في السوق المصري لمدة سنة كما تم تمديد القرار للعمل لسنة أخري حيث سمح وقتها بتداول 120 صنف دواء مغشوشا لصالح مجموعة من المنتفعين ، مضيفا أن هذه الأدوية فضلا عن كونها فاسدة ومجهولة المصدر إلا أنها تصبح أكثر فسادا أثناء عملية النقل حيث إن المستحضر الصيدلي له ظروف معينة وطريقة تخزين ونقل لابد أن تراعي حتي يصل ليد المريض. أخطر الصور ويشير الغنوشي إلي أن أخطر صور غش الأدوية هي التي يتم إنتاجها في مصانع معروفة وتكون غير مطابقة للمواصفات حيث يصل فيها العد البكتيري إلي 4000 طبقا للنتائج التي توصلت إليها الهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية ، متسائلا ألا يكفي كم المعاناة التي يعيشها مريض مثل مريض الفشل الكلوي حتي نعطيه محلول غسيل كلوي به هذا الكم من البكتريا ، هذا إلي جانب غش الأدوية الذي يحدث في مناطق غير مرخصة تحت بير السلم والتي تشمل صناعة العبوات الكرتونية والبلاستيكية وتعبأ بأقراص مجهولة المصدر يرش عليها في أحيان كثيرة مادة الدوكو، منوها أن السعر هنا ليس له علاقة بسعي قلة منحرفة لغش الدواء حيث توجد أدوية يتم غشها ولا يتجاوز سعرها جنيهين فقط مثل البروز لين قطرة ومعظم هذه الأدوية تكون ناقصة من السوق وبالتالي يعتمد من يقوم بعملية