تهريب الأدوية إلي الأسواق المصرية أصبح ظاهرة خطيرة تهدد حياة المرضي بعد زيادة ضبط قضايا شحنات الأدوية المهربة خلال النصف الاول من العام الجاري إلي26 قضية بالإضافة إلي ضبط49 قضية تهريب أدوية العام الماضي ووصول حصيلة حجم تجارة الادوية المهربة المضبوطة إلي3 مليارات جنيه. وكانت مصلحة الجمارك قد أعلنت عن نجاحها في ضبط كميات كبيرة من الأدوية المهربة خلال العام الجاري منها8 حاويات محملة بالأدوية المغشوشة لم يتم التوصل إلي صاحبها حيث قام بالاستيراد من خلال بطاقة استيرادية لمستورد اخر. ومع زيادة أعداد الصيدليات المخالفة وعددها نحو50 ومخالفات بيع الأدوية المهربة تزداد صعوبة التفتيش عليها من قبل الأجهزة الرقابية, وبحسب بيانات وزارة الصحة تم تحرير نحو800 محضر للمخالفات وتحويلها إلي النيابة العامة خلال عام2009, بالاضافة تحرير محاضر لنحو800 مخالفة وتحويلها إلي النيابة خلال الفترة من يناير حتي مايو2010. وتركزت المخالفات التي تم رصدها حول بيع أدوية مهربة مجهولة المصدر وأخري مغشوشة استخدم في ترويجها أسماء شركات عالمية. خطورة الظاهرة يقول الدكتور مكرم مهني نائب رئيس غرفة صناعة الأدوية إن تهريب الأدوية ظاهرة خطيرة جدا, وهي مشكلة عامة لا تخصها مصر وحدها وتحتاج منظمة رقابية دولية لمنع خروج هذه الأدوية بدون شهادات أو وكيل معتمد, والأمر يحتاج إلي رقابة قوية أيضا علي المنافذ الجوية والبحرية والبرية لمنع تهريب الأدوية إلي الأسواق المصرية نظرا لأن الدواء الذي يدخل البلاد بالتهريب غير مضمون كفاءته وحيويته لعلاج الأمراض بل غالبا ما يكون مغشوشا ويضر بالمرضي. ويضيف أنه لاتوجد أرقام محددة لكميات الأدوية الهربة, فمايتم ضبطه بالتأكيد أقل بكثير مما يدخل الأسواق, كما أن المشكلة ليست في حجم تجارته بل في الضرر الذي قد تسببه علبة دواء واحدة للمريض حيث لايوجد من يسأل عن أثرها: اذا حدثت أي أضرار للمريض عقب تناوله. ويقول إن الترامادول أكثر الأدوية تهريبا بعد وضع قيود علي مستحضراته, حيث تم ضبط كميات كبيرة بالجمارك قبل دخولها مصر. أما الفياجرا وأدوية التنشيط الجنسي فهي ثاني أكثر الأنواع تهريبا لاعتقاد المواطنين أن فعاليتها أقوي من المنتج المصري, كما يتم تهريب العديد من المكملات الغذائية والبروتينات, وهي ان لم تكن تنفع فأضرارها قليلة نسبيا. لكن الكارثة في أدوية السرطان والكبد المهربة غير معلومة المصدر والتي تدخل بكميات كبيرة وبأسعار مرتفعة. ويطالب مهني الصيادلة بعدم التعامل مع أي أدوية مهربة حتي لا يعرضوا حياة المرضي للخطر وأنفسهم للمساءلة القانونية والمسئولية الجنائية. مهيبا بالمرضي الحرص علي التأكد من مصدر الدواء. مشيرا الي ان بعض الصيادلة يلجأون للتعامل في الأدوية المهربة لارتفاع نسبة الربح بها, أما بعض المرضي فيلجأون إليها لعدم وجودها بكميات وفيرة داخل مصر. ويقول إن وزارة الصحة ضاعفت أعداد المفتشين في الرقابة الدوائية علي الصيدليات, فهناك ألف مفتش يقومون بالمرور علي الصيدليات لضبط الأدوية المهربة والمغشوشة. وجهان للتهريب ويقول الدكتور محمود عبد المقصود أمين عام نقابة المهن الطبية ان هناك نوعين من الأدوية المهربة, منها ما يصنع داخل مصر ثم يتم تهريبه إلي الخارج, أما النوع الثاني فهو الذي يتم تهريبه إلي الداخل وأن السبب الرئيسي للتهريب هو أنواع الأدوية غير المسجلة لدينا وبالتالي لايسمح باستيرادها ومن هنا يحاول الصيادلة بالتعاون مع وزارة الصحة تسجيل الأدوية الجديدة أولا بأول ومن أنواع الأدوية التي يتم تهريبها مضادات السرطان التي لم تسجل في مصر. ويوضح ان فترة السماح بتسجيل الأدوية في مصر كان يستغرق بين3 و4 سنوات بعد نزول المنتج الدوائي السوق والتأكد من فعاليته, والان تم تخفيض المدة الي سنة واحدة. ويقول إن هناك أسبابا أخري لدخول الأدوية المهربة وهو إصرار الأطباء علي كتابتها في الروشتات مما يضطر الصيدلي للتعامل في الأنواع المهربة منها لوجود مكاسب وارباح كبيرة. ومن الضروري إقناع الناس والأطباء بجدوي وفعالية الدواء المصري والتحذير من العقوبة والصيدلي الذي يتم ضبط دواء مهرب أو مغشوش لديه يعاقب بغرامة10 آلاف جنيه أو غلق الصيدلية لمدة تتراوح بين6 شهور وسنة. ويطالب بوضع أنظمة لتقنين الأدوية غير المسجلة في مصر وتوفيرها للمرضي أو وضع البدائل. وعلي الصيادلة ضرورة مراعاة القانون في عملية بيع وتداول وصرف الأدوية لحين صدور القانون الجديد للصيدلة والمقرر عرضه علي الدورة البرلمانية الجديدة, وستتم السيطرة من خلاله علي استخدام وتداول الدواء والذي يتم بصورة سيئة في مصر. ويؤكد الدكتور طلعت الديب عضو مجلس الشوري والاستاذ بكلية الطب جامعة عين شمس ان الأدوية المهربة تمثل خطورة بالغة لعدم خضوعها إلي التحاليل القياسية ومدي فعاليتها, والأخطر تعرضها للتلف أثناء التهريب وبالتالي تدخل إلي الاسواق أدوية فاسدة كما أن كثيرا من الأدوية المهربة يتم استخدامها في الغش الدوائي وتباع بسعر المستورد المهرب. ويقول الدكتور هاني سليمان الخبير الدوائي واستاذ علم الادارة الصحية بالجامعة الامريكية إن حجم الدواء المهرب كبير جدا, وان كانت لا توجد احصائيات محددة للكميات المهربة داخل مصر لعدم شرعية وقانونية هذه التجارة الا ان المضبوط منها يؤكد زيادة حجم تهريب الأدوية حيث اعلنت مصلحة الجمارك زيادة ضبطيات التهريب إلي نحو50 قضية العام الماضي وهي عبارة عن شحنات كبيرة وان هناك نوعين من التهريب: الأول: هو التهريب الفردي المتكرر لتجار الشنطة, والثاني: هو عمليات التهريب الكبيرة المتمثل في شحنات ضخمة داخل كونتيرات الاستيراد. ويضيف ان هذه التجارة شبه منظمة ومعترف بها من الصيدلي والمريض والطبيب وبين جهات التهريب التي لها مصلحة في تحقيق مكاسب وارباح لاحتياج المرضي إلي نوعية أدوية معينة غير مسجلة داخل مصر, مؤكدا احتمالات تعرض هذه الأدوية لغش لارتفاع اسعارها فيسعي بعض المزورون إلي غشها بمواد وأن كانت لا تنفع فإنها لا تضر مثل بودرة التلك والدقيق, وبالتالي يدفع المريض أمواله في أدوية وهمية. ويقول ان صناعة الدواء في مصر محلية بنسبة95%, حتي الشركات العالمية تصنع الدواء داخل مصر بعد جلب المواد الخام من البلد الأم, وذلك عكس كثير من الدول العربية التي يأتيها الدواء مصنعا وجاهزا من الخارج وبالتالي تشكل عمليات تهريب الأدوية خطورة كبيرة علي صناعة الدواء المصري, ومن اكثر الأدوية المستخدمة في مرحلة ما بعد زراعات الكلي والكبد وعلاج السرطان وبعض المهدئات في علاج الأمراض العصبية والنفسية وبعض أنواع قطرات العيون المستخدمة بعد عمليات زراعة العدسات, إضافة إلي أنواع معينة من الفيتامينات المركبة والمنشطات الجنسية. ويقول الدكتور طارق الصاحي مدير عام الادارة العامة للتفتيش علي مصانع الأدوية السابق واستشاري جودة صناعة الدواء ان حجم تجارة الأدوية يشكل نحو30% من إجمالي الدواء المتداول بالأسواق وهو يعني ان تجارته تزيد علي3 مليارات جنيه سنويا, بينما يبلغ اجمالي صناعة وتجارة الدواء المصري12 مليار جنيه الأمر الذي يشكل خطورة وضررا كبيرين علي صناعة الدواء المصري. ويوضح أن سبب الاقبال علي الدواء المهرب عدم تسجيل هذه الأصناف من قبل وزارة الصحة لوجود اتفاقية التجارة العالميةWTO ومنظمة الوايبوWLPO التي تنظم مسألة التجارة العالمية وتحدد فترات احتكار اصناف الدواء الجديدة لصالح الشركة المخترعة وبالتالي لا يستطيع احد تصنيع هذا الصنف أما السبب الثاني فهو ارتفاع اسعار شراء توكيل توزيع هذه الأصناف كما ان هناك شكا من المواطنين في جدوي فعالية الأدوية المصرية واعتقادهم أنها مغشوشة. ويطالب بإيجاد حل للتغلب علي مشكلة احتكار الأدوية علي المستوي الدولي, أما في الداخل فيجب وضع قيود علي التهريب وزيادة ثقة المواطن المصري في فعالية الأدوية المحلية من جانب آخر علي وزارة الصحة ممثلة في قطاع التفتيش الصيدلي تطبيق احكام القرار الخاص بعدم تداول أي أدوية غير مسجلة من خلال حملات موسعة علي جميع الصيدليات واماكن بيع المستلزمات الطبية للتأكد من تسجيل الادوية وملاحقة المتاجرين بالادوية مجهولة المصدر المصنعة ببير السلم أو المهربة من خارج البلاد إضافة إلي الاسراع بتوقيع اتفاقيات دولية لمنع تداول الادوية المهربة داخل الدول المختلفة. وكانت وزارة الصحة قد أصدرت قرارين وزاريين خلال عام2009 لإعادة صياغة بعض البنود من مواد قانون الصيدلة127 لعام1955 وتغليظ العقوبات علي المخالفين, وإصدار قرار وزاري رقم25 لعام بشأن تنظيم تداول الأدوية بداية من المصنع حتي يصل إلي المريض.