احتفالات أكتوبر الأخيرة تذكرت سيناء كالعادة بمجموعة من القرارات التي صرحت بها وزارة الزراعة وتشمل دراسة بعض الاقتراحات الخاصة بتمليك أبناء سيناء مساحات من الأراضي الزراعية في حدود 20 فدانًا للأسرة وما زاد عن ذلك يتم ربطه بحق الانتفاع مع إعطاء الأولوية لأبناء سيناء في المشروعات التي تقام علي أراضيهم، وذلك في إطار احتفالات نصر أكتوبر، وكل هذا جاء ليثير جدلا كبيرا بشأن قضية التمليك في سيناء حيث أن مستثمريين سيناويين يرهنون جذباستثمارات جادة تفتح آفاقا للتنمية بحسم هذه القضية، وخبراء اقتصاد معارضين يجدون في سيناء منطقة تمثل خطا أحمر و جزءاً من الأمن القومي المصري، لكونها هدفاً دائماً في رأس إسرائيل، ومن ثم لا يجوز التمليك فيها. "العالم اليوم" تفتح من جديد ملف "التمليك والتنمية بسيناء"وتعرض وجهة النظر المختلفة للجانبين انطلاقا من إدراكنا كون قضية تمليك الأراضي لأهل سيناء مازالت القضية الأكثر حضورا في العلاقة المتوترة مع الدولة، وللتعرف أيضا علي مستقبل الاستثمار داخل أرض الفيروز في حالة اقرار القانون بشكل نهائي. جدير بالذكر أن حكومة شرف كانت قد صرحت منذ فترة بموافقة مجلس الوزراء علي مشروع قانون التنمية المتكاملة لشبه جزيرة سيناء الذي تعرض بدوره لقضية تملك الأراضي والعقارات بمناطق التنمية بسيناء، تمهيدا لعرضه علي المجلس العسكري، وطبقا للقانون يقتصر علي المصريين أو "الأشخاص الاعتبارية المصرية" المملوك رأس مالها بالكامل لمصريين، وفي حالة أن يكون الوريث غير مصري فلا يحق له التصرف في الميراث إلا لأحد المصريين ولا يحق لهم استغلال الأعيان الموروثة لهم في أي نشاط إلا بعد موافقة الجهاز الوطني لتنمية سيناء. بداية يوضح محمود الرافعي رئيس جمعية رجال الأعمال بشمال سيناء -أن الوقت الراهن يعد الأنسب لطرح هذه القضية لكونها السبيل الرئيسي لتهدئة الأمور داخل هذه المنطقة الإستراتيجية خاصة أن تمليك الأرض لأهالي سيناء يعد بداية طريق الاستقرار ومن ثم زيادة الاستثمار، مشيرا إلي أن بدو سيناء قد عانوا من سنوات حرمان طويلة في نفس الوقت الذي افتقدت فيه منطقة شمال سيناء لأي مظاهر للتنمية علي مدار السنوات السابقة كما تم محاربة جميع أنشطة الاستثمار. مؤكدا أنه حتي مصنع الأسمنت والذي يعد التواجد الصناعي الأبرز بالمنطقة تم غلقه مؤخرا الأمر الذي يعني أن هناك خللا يحتاج إلي علاج سريع خاصة إذا ما وضعنا في الاعتبار أن كل هذه الضغوط من الممكن أن تولد انفجاراً في أي وقت في نفس التوقيت الذي تسعي فيه إسرائيل إلي اغتنام أي فرصة لزعزعة الاستقرار في سيناء وهو الأمر الذي يجب علي المسئولين النظر إليه بأهمية بالغة ، مشيرا إلي أن مشروع تمليك أراضي سيناء لأهل سيناء يعد المخرج الوحيد من كل هذه الحوارات علي أن يتم اتخاذ هذه الخطوة في ظل ضوابط تضعها الحكومة وتلزم من خلالها سكان المنطقة بعدم البيع أو التسجيل لغير المصريين سواء أكانوا عرباً أو أجانب مع الوضع في الاعتبار أن سكان أهالي سيناء الشمالية لم يتهم أحدهم في أي جرائم تتعلق بالجاسوسية أو خيانة الوطن ومن ثم فهذا دليل علي كونهم الأجدر علي حماية تراب هذا الوطن . ويشير الرافعي الي أن الغالبية العظمي من سكان سيناء يمتلكون أراضيهم عن طريق وضع اليد وهذا الأمر متعارف عليه منذ مئات السنين الأمر الذي أدي إلي ظهور العشوائيات نتيجة رفض الحكومة تمليك الأرض لواضعي اليد ومن ثم بات أي شخص بإمكانه البناء بطريقة عشوائية وأيضا بيع وشراء الأراضي بطريقة عشوائية وفي النهاية خسر الجميع فالحكومة لم تستفد بالحصول علي مقابل لهذه الأراضي ولا المواطنين تمكنوا من إنشاء مجتمع حضاري كل هذا في ظل عدم وجود شهر عقاري حتي التسعينيات من القرن الماضي عندما تولي اللواء منير شاش منصب محافظ شمال سيناء حيث بدأ وقتها في تمليك الأراضي لأهل سيناء وإنشاء مصلحة شهر عقاري، ولكن سرعان ما تحول هذا الحلم الجميل إلي سراب بعد صدور قرار وزاري من عاطف عبيد رئيس الوزراء الأسبق يمنع من خلاله تمليك الأراضي في سيناء مع إمكانية طرح هذه الأراضي للمستثمرين بنظام حق الانتفاع الأمر الذي كان له تداعيات سلبية عديدة أبرزها هروب المستثمرين من هذه المنطقة خاصة في ظل حالة عدم الاستقرار والانفلات الأمني الذي تشهده