رغم الانخفاض الطفيف الذي يشهده المعدن الأصفر منذ الأسابيع القليلة الماضية إلا أن التراجع لم ينجح في فك ولو جزء من الركود المستفحل في السوق ويبدو أن جنون الذهب لم يعد يقنع المستثمر الصغير بأن الذهب سيبدأ الاستقرار وسيكون صديقا له فمن المؤكد أن المضاربين في الذهب يرقصون علي ايقاع هذه المعدلات الرهيبة للعوائد غير أن أرضية المرقص أفضل ما يكون وصفها به هي أنها أشبه ما تكون بأرضية مصنوعة من الثلج، معرضة للذوبان في أي لحظة، هذه المستويات الفلكية لسعر الذهب والتقلبات السريعة تعني وفقا للخبراء أن السقوط سوف يكون مروعا، وأن خسائر انفجار الفقاعة سوف تكون رهيبة فالخبراء يرون أن مخاطر الاستثمار في الذهب مرتفعة للغاية بقدر ارتفاع معدلات العائد فيه، لكن كل هذا مرتبط بمعادلة اقتصادية بسيطة "كلما ارتفعت مستويات المخاطر المصاحبة للاستثمار في أصل ما ارتفعت معدلات العائد المحقق علي هذا الأصل". ديون وخسائر من جانبه يقول مأمون عبد الوهاب صاحب محل انه يخسر منذ أكثر من ثلاث سنوات نظرا لارتفاع أسعار الذهب وقلة الشراء وبالتالي قلة المعروض مما ترتب عليه الكثير من الديون وتسريح العديد من العمالة وعدم استطاعته دفع فواتير الكهرباء. يشير فتحي زايد تاجر ذهب إلي أن ارتفاع الأسعار جعل الكثير من أصحاب المحلات يعملون في الذهب الكسر.. أي القديم حيث لا يوجد ذهب جديد ولكننا نعمل في الإصلاحات لأن الزبون في الفترة الحالية يخاف من البيع حتي لا يخسر ولا يشتري إلا الجنيهات الذهبية والتي اعتبرها المواطن المصري وسيلة ادخار وأمان للزمان مؤكدا أن بيع الجنيهات الذهبية لا يدر علينا كتجار أي أرباح لعدم وجود مصنعية تضاف علي سعرها. ويري جرجس سمعان صاحب محل ذهب أن ارتفاع أسعار الذهب أدي إلي ظهور الكثير من عمليات النصب والتزوير خاصة وأن التجار يدفعون الضريبة عند ختم الذهب وليس عند بيعه مما يعطي فرصة للتلاعب والتهرب من الضرائب بتزوير الختم أو عدم الختم حيث توجد أقلام دمغة يتم ختم الذهب بها. قال محمود الأنصاري تاجر ذهب أن التراجع المحدود الذي شهده الذهب خلال الاسبوع الماضي وما قبله لا يمكن أن يكون بداية لتراجع ينتظر المعدن الأصفر فالجميع أصبح يتخوف منه الآن لأنه شديد التقلب وأصبح جنونه مزمنا لا يمكن ان يعالج. تابع: قائلا إن سعر الذهب غير مرتبط بسعر الدولار كما يقال في كل الأحيان ففي كثير من الأحيان في السنوات الأخيرة ترجع زيادة أسعار الذهب إلي قيام بعض الدول مثل الهند بتحويل احتياطي المال من بنكها المركزي إلي شراء كميات كبيرة من الذهب مما أدي إلي زيادة الطلب علي الشراء وبالتالي ارتفاع الأسعار لافتا إلي أن الصين ستتبع الهند في نفس الخطوة. وأشار عكاشة إلي أن ارتفاع أسعار الذهب أدي إلي ارتفاع أسعار الذهب المستعمل أيضا والذي يعاني أيضا من حالة ركود تام. ملاذ آمن من جانبه يؤكد الدكتور أيمن علي المحلل الاقتصادي أن هدوء الذهب مشوبا بالحذر وأن تواصل أسعار الذهب الارتفاع إلي معدلات قياسية مع اقبال المستثمرين علي شراء المعدن الثمين كملاذ آمن للقيمة في ظل اضطراب أسواق الأسهم والسندات ومخاوف بشأن الاقتصاد العالمي بشكل عام. أضاف أن سوق الذهب في الواقع يشهد غليانا ينذر بفقاعة ستنفجر في المدي القريب ليبدأ سعر الذهب نزولا تصحيحيا، وذلك في ضوء توقعات غير متفائلة عموما بوضع الاقتصاد العالمي في المديين القريب والمتوسط. وبنظرة تشائمية يتابع علي قائلا: ربما كانت أسعار الذهب مؤشرا خفيفا" إلي حد ما لما يمكن أن يكون عليه وضع الاقتصاد العالمي والتوقعات بشأن مستقبله إلا أن استمرار دور القطاع المالي وبشكله القديم منذ الأزمة المالية العالمية التي أدخلت العالم في ركود اقتصادي قبل أربع سنوات يجعل من توجهات المستثمرين للأسف الشديد مؤشرا مهما.