هوت قيم وأحجام التداولات بالبورصة المصرية الي ادني مستوياتها في ثماني سنوات، منذ بدء اعادة استئناف التداولات في مارس الماضي لتزيد حدتها في الاشهر الثلاثة الماضية، اذ لم تعد قادرة علي تجاوز مستوي 250 مليون جنيه يوميا في مقابل 2 مليار جنيه في العامين السابقين، لتهبط قيم واحجام التداولات بالبورصة خلال النصف الاول من العام الجاري بنسبة 53% وفقا لتقرير هيئة الرقابة المالية. والغريب في الامر ان قيم واحجام التداولات في البورصة تنهار بشكل متواصل، علي مرأي ومسمع من المسئولين والقائمين علي سوق المال المصري، ولم يحركوا ساكنا. وحذر خبراء ومحللون بالسوق من تجاهل المسئولين للانهيار المتواصل في قيم التداولات دون تدخل، مؤكدين في الوقت نفسه ان هذا التجاهل قد يدفع بالسوق الي الهاوية وينذربكارثة. يقول ايهاب سعيد مدير ادارة البحوث الفنية بشركة "اصول" للسمسرة في الاوراق المالية، ان استمرار تجاهل ادارة البورصة والهيئة العامة للرقابة المالية لمعالجة عيوب السوق سيدفع بالبورصة الي مشكلة خطيرة للغاية. واشار سعيد الي ان التوجه السياسي الحالي والذي يرمي الي تطبيق الاشتراكية، علي الرغم من اعلان الحكومة اكثر من مرة عن التزامها بسياسة الاقتصاد الحر، وانكارها لذلك التوجه يعد احد الاسباب الرئيسية لحالة التدهور الاقتصادي التي تمر بها مصر خلال الفترة الحالية والذي يتجلي في استمرار الخروج العشوائي من قبل المستثمرين الاجانب سواء من الاستثمار المباشر او غير المباشر والذي يظهر في البورصة. وظالب بضرورة تضافر جميع الجهود لتوضيح الهدف الحقيقي من اسواق المال وتحديدا السوق المصري، لافتا الي انه لا يعني اطلاقا وجود بعض التلاعبات من قبل بعض رجال الاعمال الفاسدين، ونقص المعلومات وضعف الافصاح والشفافية في السوق ان البورصة المصرية ليست علي المستوي المطلوب، مؤكدا ان التلاعبات ونقص المعلومات من سمات البورصات علي مستوي العالم، بما فيها البورصات المتقدمة. من جانبه اكد الدكتور محمد الغرباوي استاذ التمويل والمنظمات ان الاحداث السياسية والاقتصادية العالمية ومنها والمحلية لعبت دور البطولة في الهبوط بالسوق خلال شهر اغسطس الماضي وهو ما يستلزم تفيعل ادوات لتنشيط السيولة لامتصاص سلبيات الوضع الحالي، وان الحذر والخوف لدي المتعاملين ادي لانكماش حاد في السيولة خلال شهر رمضان وجعل الافراد يسيطرون علي التعاملات بالسوق والقيام ببعض المضاربات علي الاسهم الصغيرة والمتوسطة فالمؤسسات اصبحت اقل شهية في تعاملاتها التي تتسم بالضعف امام الافراد كما ان المتعاملين يغيرون مراكزهم المالية ويتنقلون بين انواع مختلفة من الاسهم مع تطلعهم للامام. واشار الي ان الفترة الاخيرة من التعاملات بالسوق كانت تمتاز بحساسية شديدة، فالضغوط كانت كبيرة خاصة وانها جاءت في اوضاع استثنائية داخل وخارج مصر في ضوء الاوضاع السياسية، وهي تجربة غير مسبوقة في البورصة المصرية، لانها اتت لاول مرة كانعكاس لاوضاع سياسية داخلية متزامنة مع ازمة اقتصادية عالمية مما عمق من آثارها وهو امر يجب التكاتف فيه لرفع حجم التداولات والنجاح في العبور من عنق الزجاجة. من جانبه اكد المستشار الفني مصطفي نمرة باحدي شركات الاستشارات المالية علي ضرورة حدوث تغيرات تعمل علي ضخ سيولة من جديد بالسوق فالفترة القادمة تستلزم توجيه رسائل تطمينية مع صياغة مناخ استثماري شبه طبيعي بالبورصة المصرية، وتشديد الرقابة قدر الامكان مع حماية التداولات من اي مخاطر، بالاضافة الي العمل علي الترويج للبورصة علي جميع الاصعدة والمستويات. كما ان الوضع بدأ يشهد انكماشا في التعاملات بالبورصة المصرية وهو كما يعني ضرورة اتخاذ قرارات اصلاحية تأخرت في خضم عمليات الاستقرار الاولي، فالجميع يترقب من ادارة البورصة اصلاح اوضاع بورصة النيل واعادة الاسهم المشطوبة ووضع الية جديدة لسوق خارج المقصورة، بالاضافة الي تفعيل نظام جديد للرقابة علي التداولات وتنشيط سوق السندات، الي جانب تفعيل ادوات جيدة مثل آلية تداول حقوق الاكتتاب والعمل علي تشديد قواعد الافصاح وتعديل قواعد القيد الحالية مع تحريك ملف تعديل قانون سوق المال بالتعاون مع هيئة الرقابة المالية وتكوين