لقد عاش المفكر والاقتصادي الانجليزي توماس مالثوس في عصر يشبه عصرنا الراهن حيث كانت التكنولوجيات البازغة تجعل كل شيء يبدو ممكنا. لقد كان القرن التاسع عشر وقتها يقترب والثورة الصناعية تقوي كما كان شائعا في الأوساط الفكرية اعتقاد بأن توسع المعرفة العلمية من شأنه أن يجد مجتمعا أكثر استنارة وقد يصل إلي درجة اليوتوبيا ومع ذلك فقد جاء مالثوس بأطروحات كئيبة بعكس ما هو متوقع. ففي عام 1798 نشر الرجل كتابه المعنون "مقالة في السكان كرأس مال" انطوت علي رؤية قاتمة للمستقبل الذي ينتظر البشرية حتي وقتنا الراهن. وقد اعتقد مالثوس أننا لن نستطيع أبدا أن نتغلب علي اثنين من القوانين الطبيعية. وهما أن سكان كوكب الأرض يزيدون بمتوالية هندسية في حين يزيد الطعام بمتوالية حسابية. ولذلك سيواجه كوكب الأرض لا محالة نقصا في الطعام. إن قدرة السكان علي التناسل تفوق قدرة الأرض علي إنتاج ما يكفي لا طعام هذه الزيادة السكانية.. وأن عدم المساواة بين هاتين القدرتين جزء من القانون الطبيعي الذي لا يمكن التغلب عليه لتحقيق كمال المجتمع. وأن النتيجة المتوقعة لذلك هي شيوع البؤس والرذيلة. وتقول مجلة "تايم" إننا لونظرنا حولنا اليوم فسنجد أن مالثوس كان رجلا صاحب بصيرة وقدرة علي معرفة الغيب. فأسعار الطعام زادت زيادات قياسية غير مسبوقة تاريخيا بسبب الزيادة في عدد السكان وزيادة نهمهم إلي الطعام. وكل خبر عن حدوث جفاف أو فيضانات يثير الخوف من حدوث اختناقات عالمية في امدادات الغذاء. وهناك الآن 925 مليون شخص في العالم يبيتون جوعي. وكل يوم يضاف إلي عدد الافواه المطلوب اطعامها 219 ألف فم جديد في حين إن الأرض والماء والموارد اللازمة لإنتاج طعام إضافي تبدو وكأنها وصلت إلي منتهاها. وعدم المساواة الطبيعية هذه تجعل بعض الخبراء يبدون اليوم في آرائهم كصدي لما كان يقول مالثوس في أواخر القرن الثامن عشر. وتعليقا علي هذه الأوضاع يقول ليستر براون رئيس معهد سياسة الأرض أنه لا توجد حضارة سابقة نجت من عوامل فنائها الطبيعية وأن حضارتنا الراهنة تكون استثناء من ذلك. وهذا يجعلنا نتساءل: هل كان مالثوس فعلا علي حق؟ والرد ببساطة هو أن الأمر ليس كذلك بالضبط فبرغم أن تعداد البشر زاد إلي نحو سبعة أضعاف ما كان عليه أيام مالثوس فإن إنتاج الطعام لايزال يكفي الناس بدرجة أو بأخري. وأن الطعام كاف لحماية البشرية من التعرض لمجاعة جماعية. ومع ذلك فإن الملايين يجوعون لأسباب سياسية كما أن صناعة الطعام العالمية قد وصلت إلي نقطة حرجة. ويذكر أن العالم في موسم 2010 2011 قد استهلك من الحبوب أكثر مما ينتج وأن أسعار الطعام تعرضت لزيادة درامية بسبب ذلك. وعلي المستوي ا لعالمي كله صارت تكلفة الطعام أكثر بنسبة 39% مما كانت عليه منذ عام سبق حسب أرقام منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة كما أن مخزون الحبوب بتناقص إذا قورن بتزايد احتياجاتنا منها.