عودوا إلي العمل حتي لا ينهار الاقتصاد. هكذا دأب عدد من المسئولين في حكومة د. شرف علي الحديث معنا طوال الأسابيع الماضية.. حتي بدأ البعض يعتقد أن الحكومة تزيح عن أهلها مسئولية حماية الاقتصاد من الانهيار الذي يتهدده وبات البعض الآخر يشك في وجود أزمة يعاني منها اقتصادنا فعلا وأن الحكومة تضخم الحديث عن هذه الأزمة لكي توقف الاحتجاجات الفئوية وتتخلص من صداعها. لكن ها هي وزيرة أو الوزيرة الوحيدة في حكومة شرف تخرج علينا بكلام مختلف تماما.. هي تقول لنا إن الاقتصاد المصري يتعرض فعلا لأزمة ولكنه ليس علي مشارف طارئة.. وأن هذه الأزمة ليس سببها فقط اتساع رقعة الاحتجاجات الفئوية إنما حالة الانفلات الامني وهي حالة بالقطع ليس الشعب هو المسئول عن حدوثها فضلا عن أن مواجهتها في يد الحكومة وليس الشعب فهي القادرة علي إعادة الامن وحدها.. وبكلام متزن، قالت الوزيرة وهي تقدم الخطة الجديدة للعام المالي القادم: أن الاقتصاد المصري شهد لأول مرة منذ عشر سنوات أول نمو سلبي أو أول انكماش خلال الربع الثالث من العام المالي الحالي يناير ومارس 2011 حيث بلغ النمو بالسالب نحو 2.4% وذلك بالطبع سوف يؤثر علي معدل النمو في نهاية العام ليخفضه إلي نحو 5.2% ومع ذلك فإن أبوالنجا تنبه من تتحدث اليهم بأن هذا التراجع ليس أمرا كارثيا، ولكنه في الوقت ذاته يعطي إنذارا لضرورة التعامل بشكل سريع مع أسباب التراجع الاقتصادي، والذي شمل قطاعات مهمة ومؤثرة في الاقتصاد المصري، بدءا من قطاع السياحة الذي انكمش في الربع الثالث من العام المالي الحالي بنسبة الثلث تقريبا، وقطاع الصناعات التحويلية الذي تراجع بنسبة 12% وقطاع التشييد والبناء والتجارة والتي انخفضت بنسب تراوحت بين 9،1%، و9،7%. وإذا استمر هذا التراجع لا قدر الله سوف يؤدي بنا في نهاية المطاف إلي حالة اقتصادية سيئة يسميها الاقتصاديون الركود التضخمي.. أي ركود يصاحبه تضخم في الوقت ذاته.. أي انخفاض في معدل النمو وبالتالي زيادة في معدل البطالة مع ارتفاع في الأسعار.. وهذا أمر لا نتمناه ويجب أن نحاول تفاديه. لكن لكي نتفادي هذا الخطر، الركود التضخمي، لا يكفي أن تظل الحكومة تطالبنا ليل نهار بإعادة دوران عجلة الإنتاج، والعودة للعمل.. شيء طيب بالفعل أن تنطلق الحملات التي تدعو لزيادة الإنتاج وتكثيف العمل، حتي ولو طالبت بمليونية للعمل.. ولكن كل ذلك لا يكفي.. فالمفروض أن تؤدي الحكومة دورها بالفعل في إعادة دوران عجلة الإنتاج. إن حالة الانفلات الأمني علاجها في يد الحكومة أساسا فهي القادرة علي استعادة الشرطة قدراتها سواء المادية أو البشرية أو حتي المعنوية أيضا.. وذلك حتي ينتظم العمل بالفعل في أمن وسلام، ولا تتأثر لا حركة الصادرات ولا الواردات، ولا أيضا السياحة التي تعد مصدرا مهما للدخل القومي. كما أن الانكماش الذي تعرض له الاقتصاد المصري يعد السبب الأساسي له التراجع الضخم الذي عاني منه الاستثمار الخاص خلال فترة الشهور الثلاثة الأولي من العام الحالي "2011"، وبالتالي لكي نتخلص من هذا الانكماش لابد أن يعود الاستثمار الخاص إلي النمو الايجابي لا التراجع.. وهذا أيضا ليس في أيدينا نحن العاملين، ولن يتم بمجرد النداءات التي تستحث الشعور الوطني لدي رجال الأعمال، إنما يتم من خلال إشاعة مناخ استثماري جاذب والمهم الآن طمأنة المستثمرين ورجال الأعمال.. باختصار إعادة دوران عجلة الإنتاج في يد الحكومة قبل الشعب، كما نفهم الوزيرة.