لاشك أن اقتصاد مصر ما بعد 25 يناير 2011 يمر الآن بمنعطف خطير ومأزق حاد يجسده تباطؤ النمو الذي يشهده المجتمع نتيجة فقدان الاستقرار والأمن وتسارع المطالب الفئوية، لذلك فإن هذا الوضع يفرض علينا سرعة تبني سياسة عاجلة ذات تطلعات إنمائية، وبعبارة أخري فإن سياسة المعالجات الجزئية وسد الذرائع والحلول السريعة المؤقتة وغيرها من إجراءات عشوائية، سوف تزيد الموقف الاقتصادي تعقيدا وسوف توصلنا إلي المرحلة التي يأكل فيها المجتمع أصوله، لقد بدأت احتياطاتنا من النقد الأجنبي تتآكل وتوقفت الاستثمارات الأجنبية تماما وانخفض الإنتاج الصناعي إلي النصف، وتعطلت الصادرات، وتعاظمت معدلات الفقر وتوقف التشغيل وتنامي التضخم، نحن يجب أن نعترف بأننا لا نملك رؤية قومية متفق عليها تحدد بوضوح أهدافنا الاقتصادية، وحدود التصرف في مدخراتنا الاقتصادية، وحدود الدين العام الخارجي والداخلي وكيفية الحفاظ علي الاستثمارات الأجنبية، وغيرها من التوجهات العامة لإنقاذ الاقتصاد، إن القوي المجتمعية والأحزاب السياسية لا تطرح لنا رؤي اقتصادية نستنير بها، نحن في مأزق حقيقي يستوجب سرعة الاتفاق علي الأهداف التي تحرك السوق بجميع أشكاله "صناعي- تجاري - خدمي - مالي.. إلخ" لقد بات من الضروري الآن سرعة بناء سياسة وآلية سريعة الحركة ومهيأة علي نحو أفضل لضبط وحسم التعاملات وتحقيق الاستقرار اللازم لجميع عوامل الإنتاج، كما يجب أن ندرك خطورة التلاعب بالتصريحات والتوقعات التي تخرج من الاقتصاد ما ليس فيه، علينا أيضا أن نعترف بالحاجة إلي موازنة جديدة للدولة تؤدي إلي سياسة نشطة لتنويع الإنتاج والإنتاجية لجعلهما أقل اعتمادا علي الخامات المستوردة ولتحسين نفاذ منتجاتنا إلي أسواق العالم وتحسين تنافسية الإنتاج، علينا أن نعترف بشرعية الاقتصادات الصغيرة غير الرسمية وأن نعمل علي سرعة دمجها بحكمة في الاقتصاد الرسمي دون الإضرار بمصالحها أو مصلحة المجتمع، لقد أصبح لزاما علي حكومة الثورة أن تسرع في عقد مؤتمر اقتصادي عاجل وحاسم لصياغة رؤية وبرنامج زمني محدد وواضح وبحضور كل الشركاء في منظومة التنمية، إن حركة المجتمع لمحاربة الفساد، لا يجب أن تتحول إلي فزاعة قومية لتخويفهم الشرفاء من أصحاب الأعمال، ولا يجب أن تدفع الاستثمارات علي اختلاف أنواعها إلي توخي الحذر وإيثار السلامة والبعد عنا، إن محاربة المفسدين يجب أن تفسح في الوقت نفسه وبنفس القوة الطريق إلي جموع الراغبين في التنمية، فالبديل المطروح لن يقوي المجتمع علي تحمل تبعاته المدمرة. كل هذه القضايا، وما يمكن أن يضيفه إليها أهل الخبرة والرأي هي جدول أعمال مؤتمر عاجل لإنقاذ الاقتصاد المصري ندعو إلي عقده في أقرب وقت.