يخطئ من يعتقد أن ثورة 25 يناير مجرد انتفاضة لتغيير المسرح السياسي واسقاط النظام والتخلص من رموزه التي أفسدت مصر طيلة ثلاثين عاما، وأغرقت الشعب في بحور الأمية والفقر والتخلف. "الأسبوعي" حاور د.مصطفي الرفاعي أحد وزراء الصناعة السابقين في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك كشاهد علي التدهور الكبير الذي عاشته الصناعة المصرية ليضع لنا روشتة عودة هذه الصناعة من جديد وكيفية خروجها من النفق المظلم. الرفاعي يتحدث عن اتفاقية الشركة الأوروبية والبنوك الأجنبية وعلاقة ذلك بالصناعة كما وصف مركز تحديث الصناعة بأنه مركز وهمي وقال إن لجنة السياسات في الحزب الوطني المنحل دمرت الصناعة. * في البداية كيف تري نجاح ثورة 25 يناير؟ ** بلاشك إن ثورة 25 يناير تعتبر نقطة تحول حقيقية في حياة مصر وإن كانت حتي الآن تهتم بالحياة السياسية وتركيزها الأكبر كان عن تحقيق الحقوق السياسية للمواطن وعلي الحريات، وانتخابات أعضاء مجلس الشعب والقيادات الجامعية وضرورة المشاركة الشعبية في السلطة وطبعا التصدي وتطهير البلاد من الفساد ومحاكمة المسئولين عنه، وهذه كانت خطوة مبشرة لأن هؤلاء المفسدين عطلوا عجلة الانتاج طوال عهدهم وغاب عن مصر تماما مبدأ العدالة الاجتماعية لأنهم حققوا لأنفسهم وأسرهم ثراء فاحشا، وتركوا الشعب يعاني الفقر ونقصا في احتياجاته الأساسية للحياة ونشروا الفساد في كل مكان حتي أصبحت الرشوة هي آلية التعامل للحصول علي الحقوق. * توليت وزارة الصناعة في فترة من حكم الرئيس مبارك المخلوع.. لماذا تخلفت مصر صناعيا في الوقت الذي سبقتنا النمور الآسيوية مثلا؟ ** اذا تحدثنا عن الصناعة لا نستطيع استبعاد هذه الاعتبارات فعندما دعونا الأجانب للاستثمار في مصر عام 1999 بالتحديد في حكومة عاطف عبيد كان لهم طلبات معينة منها عقد اتفاقيات دولية معينة مع استصدار قوانين تخدم مصالحهم، بل انهم طلبوا سياسات تحرير للاقتصاد، وعلي التوازي عن طريق دولهم المانحة بالاتحاد الأوروبي لتقليص دور الدولة في النشاط الاقتصادي علي أن يتبع الدولة ما تملكه من أصول وهو ما يعرف "ببرنامج الخصخصة"، وقد استجابت الحكومة المصرية لطلباتهم وأصدرت قانون الملكية الفكرية لمنح الحماية لبراءات الاختراع الأوروبية والأجنبية خاصة بعد تطبيقها في مصر بناءا علي طلب الدول الصناعية، وبمقتضاها حصلت تخفيضات هائلة في الجمارك وتم تحرير سعر صرف الجنيه المصري، وبدأت الحكومة المصرية في بيع مصانع وشركات القطاع العام تحت شعار "برنامج الخصخصة" وللأسف قمنا بالتوقيع علي بعض الاتفاقيات ولم نكن مرغمين علي التوقيع عليها، والتي جعلت من مصر والاتحاد الأوروبي منطقة حرة مشتركة بمعني أن السوق المصري قد أصبح متاحا تماما للمنتجات الأوروبية للدخول إلي مصر بدون عوائق أو جمارك، وعلينا الاعتراف بأننا تعجلنا في التوقيع علي هذه الاتفاقية. * وماذا عن دور مركز تحديث الصناعة؟ ** عندما حصلت دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا علي ما أرادت بفتح السوق المصري لمنتجاتها بلا قيد أو شرط أو فرض رسوم جمركية أو أي معوقات أخري أرادوا تجميل صورتهم ونظرا لحصولهم علي هذه الامتيازات الكبري التي كفلتها الاتفاقية لهم عملوا شيئاً كتحفيز أو تشجيع لمصر وذلك بعرضهم دفع 250 مليون يورو من خلال برنامج "خايب" وغير جاد، ولا يتعلق بتحديث الصناعة المصرية بشئ تحت مسمي "البرنامج النوعي للصناعة" وتم ترجمته بشكل غير دقيق إلي برنامج تحديث الصناعة، واتفقوا أن يدفعوا ال 250 مليون يورو علي ثلاث سنوات كشرائح علي أن تدفع الحكومة المصرية جزءا بالاضافة إلي 104 ملايين يورو يتم تخصيصها لتطوير الصناعة علي أن يدفع المستفيدون من هذا البرنامج 76 مليون يورو. وبالفعل تم رصد هذا المبلغ لتمويل مشروعات القطاع الخاص فقط دون أن يستفد منه القطاع العام، وعندما دخلت إلي الوزارة أنذاك وجدته برنامجا "أجوف" لا يربط بين المراكز التكنولوجية بالاتحاد الأوروبي والمراكز المناظرة في اسرائيل بحيث يكون هناك تبادل معلومات دائم علما بأن اسرائيل لا تملك قاعدة صناعية كبيرة ومتنوعة مثل مصر، وعندما حاولت المقارنة بين هذا البرنامج الذي يطبقه الاتحاد الأوروبي في مصر بنظيره الذي وقعوه مع تونس. وجدت ان البرنامج مع تونس كان أفضل بكثير مما تم توقيعه مع مصر، فتونس مثلا اشترطت دفع المبلغ نقدا للحكومة التونسية علي أن تقوم حكومة تونس بالصرف بمعرفتها علي برنامج تحديث الصناعة في تونس بشكل فعلي