يوم الجمعة الماضي أول إبريل وافق الاحتفال السنوي بيوم اليتيم في مصر وبعض الدول العربية، وهذا هو العام الأول الذي احتفلنا بهذا اليوم بعد ثورة 25 يناير المباركة وكان من المفترض أن يكون الاحتفال مختلفا لأن كل مواطن مصري شعر وكأنه استرد حريته وكرامته، وبات يحلم بغد أفضل في ظل واقع سياسي واقتصادي واجتماعي مختلف، وفي ظل مناخ من الحرية، ودور أكبر لمنظمات المجتمع المدني خاصة الجمعيات الخيرية والتي تعني في المقام الأول بكفالة اليتيم ورعايته لأن ذلك واجب ديني واجتماعي في نفس الوقت. ولكن أهتم الكثير من المصريين يوم الجمعة الماضي بتنظيم مظاهرة مليونية في ميدان التحرير تحت شعار "إنقاذ الثورة" وليس "إنقاذ اليتيم" وبدلا من أن تكون هناك احتفالية كبري بالايتام، والذين طالبت كل الشرائع الدينية والمواثيق الاخلاقية برعايته كانت هناك مظاهرة مليونية تطالب بمحاكمة بسرعة أكبر لمحاكمة رموز النظام السابق، بل وتقديم رأس النظام السابق "مبارك" للمحاكمة ومعه زكريا عزمي وفتحي سرور وصفوت الشريف للمحاكمة أيضا علي اعتبار أنهم متهمون محتملون. بالطبع أنا مع تقديم أي مسئول كبير في النظام السابق للمحاكمة حتي ولو كانت ذمته المالية لا غبار عليها، ولكن يمكن أن يحاكم بتهمة الفساد السياسي، أو بتهمة إفساد الحياة السياسية قبل ثورة يناير، ولكن كان يمكن المطالبة بذلك في مظاهرة مليونية أخري خلال شهر إبريل والأسابيع التالية، ولاسيما بعد أن تفرغ البعض لتنظيم المظاهرات بدلا من أن تنظم في أول إبريل، أي في يوم اليتيم، ولا يهتم أحد بذلك اليوم الانساني. فقد كان من الأولي أن تنظم مظاهرة مليونية في ميدان التحرير وفي ميادين المدن الكبري بالمحافظات، يوم الجمعة أول إبريل من أجل إنصاف الأيتام، والذين أصبحوا أكثر الفئات حرمانا في المجتمع المصري، وما دامت الثورة قد قامت في الاساس لاسقاط النظام السابق ولتغيير الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، فإن أكثر الفئات ظلما وتهميشا وفقرا هم الأيتام في مصر، خاصة الذين ينحدرون من عائلات فقيرة ويسكنون في مناطق عشوائية ومهمشة. لقد آن الآوان كي ننظر نظرة واقعية للأيتام في مصر ولا أقصد فقط من يفقدون آباءهم أو أمهاتهم، ولكن أيضا أبناء الأرامل والمطلقات وكل منا لا يجد قوت يومه. لقد أفرزت مرحلة ما بعد الثورة واقعا اجتماعيا جديدا يمكن الاستفادة منه، فقد قام النظام السابق بقتل العمل الخيرية في مصر ومحاصرته تحت مسمي تجفيف منابع التطرف، وقام بالتحكم في أموال منظمات المجتمع المدني حتي لا تصل إلي أيدي المتطرفين، والآن بعد أن استرد المتدينون علي جميع توجهاتهم، حرياتهم، وإطلاق سراح الجمعيات الخيرية ولجان الزكاة، علي الجميع أن يهتم أكثر بالأيتام، وأن تنشط عمليات كفالة الأيتام في المساجد والجمعيات الخيرة، ولكن بشكل منظم، وبمساهمة رجال الأعمال، وبعودة نظام الوقف الأهلي لخدمتهم، لكي تكون كفالة اليتيم ليست مجرد صدقة بل عمل اجتماعي منظم، وأقترح أن يكون للبنوك المصرية دور كبير في كفالة الأيتام عن طريق عمل صناديق خاصة بتلك البنوك تجمع فيها أموال الزكاة وتبرعات القادرين من أجل توظيفها وتنميتها، فهذا من صميم دورها الاجتماعي، مع تحديد أسماء الأيتام خاصة الدارسين والمرضي منهم لتوزيعها عليهم شهريا كي تكون تلك الأموال دائمة وتكفي حاجة اليتيم في ظل الظروف الاقتصادية الخانقة التي نعيشها، والتي أنست أن هناك أيتاما لا يجدون طعام يومهم، وإن لم نسرع بكفالتهم من الممكن أن يكونوا أطفال شوارع ومشاريع بلطجية ومجرمين يهددون المجتمع في المستقبل.