نفاجأ من حين إلي آخر بمن يطرق باب المنزل لنجد فتاة صينية تحمل حقيبة تفوق وزنها بكثير، متكدسة بالبضائع من ملابس وأجهزة كهربائية تسأل بابتسامة لطيفة وعربي مكسر "عاوز حاجة" وتأبي أنت من فرط أدبها أن تحرجها أو ترد مطلبها فتجد نفسك مضطرا إلي الشراء أو علي الأقل مشاهدة ما تعرضه دون شراء وهؤلاء الصينيون كما أكد لي أحد المسئولين بوزارة القوي العاملة هي عمالة غير مرخصة أتت إلي مصر بغرض السياحة أو التعلم وبعد انتهاء فترة إقامتها تتجه للعمل سواء في المصانع أو في تجارة الشنطة لصالحهم أو لصالح أحد التجار المصريين ووصل عددهم إلي 50 ألف صيني. تتباين المشاعر تجاه تدفق العمالة الصينية إلي مصر بين الإعحاب لتفانيهم في العمل وشدة تنظيمهم وبين الاستياء لاستيلائهم علي مواقع كان أولي للشباب المصري أن يعمل بها كما يحدث في مجالات الغزل والنسيج والملابس والتشييد والبناء والمقاولات، والرخام بمنطقة شق الثعبان حيث تمكن الصينيون من تأجير مصانع بالمنطقة وانتاج أفضل أنواع الجرانيت وتصديره إلي أفريقيا وأسيا وأوروبا والأكثر من ذلك فإن البضائع الصينية تغزو بشراسة البضائع المصرية في مختلف المحافظات وليس بالقاهرة فقط. وقد سمح القانون رقم 12 لسنة 2003 لصاحب العمل أن يستعين في منشأته بعمالة أجنبية لا تزيد نسبتها علي 10% من حجم العمالة بالمنشأة علي أن يتم تشغيلهم في التخصصات النادرة وبشرط تعيين مساعد مصري لهم لإكسابه الخبرة وهنا نطرح تساؤلا علي بعض رجال الأعمال حول مدي حاجتهم للاستعانة بالعمالة الأجنبية ومدي تأثير ذلك علي تزايد البطالة بين الشباب. يحمل مجدي طلبة رئيس المجلس التصديري للملابس الجاهزة وصاحب مصنع للملابس يستعين فيه بعمالة أسيوية بالنسبة التي قررها القانون -العمالة المصرية مسئولية تزايد العمالة الأجنبية وتفضيل رجال الأعمال الاستعانة بهم لضمان سرعة الانجاز والكفاءة متهما العمالة المصرية بالكسل وعدم الرغبة في العمل وكثرة الإجازات. وقد أرجع طلبة الفضل للعمالة الأجنبية في إنقاذ مصانع المنسوجات من كوارث محققة نظرا للغياب المستمر لنظرائهم من المصريين وكثرة الإجازات الممنوحة لهم والمح إلي أن فرق الإنتاجية يصل إلي 50% لصالح العامل الأجنبي، ذلك علي الرغم من حوافز الإنتاج التي تمنح للعامل المصري لتشجيعه علي العمل وعلي الرغم من مراقبتهم لطريقة عمل الأجانب ومدي كفاءتهم، مشيرا إلي أن الأجنبي يزيد راتبه عن المصري بنسبة من 10% إلي 20%، وطالب مجدي طلبة بضرورة إعادة النظر في قوانين العمل التي تمنح العامل كل الحقوق ولا تقيده بالتزامات، كما طالب بضرورة العمل علي تغيير ثقافة العامل وتطوير التعليم الفني. نظرة دونية ويوافقه الرأي دكتور جمال بيومي رئيس جمعية المستثمرين العرب حيث يري أن الشباب والفتيات ينظرون بتعال إلي بعض الوظائف حتي وصلت أعداد الخادمات الأسيويات إلي 80 ألف خادمة بسبب النظرة الدونية لهذه المهنة وتراجع الفتيات عن العمل بها وكذلك الشباب الذين يفضلون العمل في مكاتب. أكد بيومي علي تراجع الاستعانة بالعمالة الصينية لارتفاع أسعارهم بسبب ارتفاع مستوي انتاجيتهم مشيرا إلي تزايد العمالة الفلبينية والسريلانكية وكذلك العمالة الهندية والبنجلاديشية خاصة في مجال المنسوجات والملابس. استنكر بيومي استعانة دول الخليج بالعمالة الأسيوية مطالبا إياهم بتعريب الوظائف مشيرا إلي تزايد هذه الظاهرة في مصر منذ بداية التسعينيات وظهورها في الخليج منذ ثورة أسعار البترول. أما حمادة القليوبي رئيس جمعية مستثمري ومصدري النسيج فقد أكد علي حرصه أن تتم الاستعانة بالأجنبي في مجالات محددة وهي إما الأعمال المتدنية مثل الحياكة أو أعمال التدريب أو الإشراف مع الزامهم بتعليم العمالة المصرية ويؤكد القليوبي أن احتكاك العامل المصري بهم يحسن من كفاءته. ويتوقع علي موسي عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات ورئيس مجلس الأعمال المصري الفرنسي زيادة العمالة الأجنبية مستقبلا في حال لم يتم تحسين أحوال العامل المصري.