دبور زن علي خراب عشه، مقولة مصرية قديمة حيرتني طويلا، هل هي تعني أن الدبور يزن من فرط الحزن علي خراب عشه؟ ومن تسبب في هذا الخراب؟ من المستحيل أن يكون هذا هو المعني المقصود من المثل الشعبي. الأقرب إلي العقل أن عملية الزن نفسها التي يقوم بها الدبور هي التي أدت إلي خراب عشه. الواقع أن كلمة دبور في الفكر الشعبي لها معان سلبية، علي الأقل هي تصف الشخص الذي سيلدعك بغير سبب وبغير قضية وبلا مقدمات. الزن يمثل نغمة كريهة لعلها تمثل أعلي درجات النشاز، وهذا هو ما يضايقنا في الشخص الزنان، ولكن هل الزنان علي وعي بأنه زنان؟ الواقع أنه عاجز عن إدراك ذلك لأن متعة الزن عنده تفوق قدرته علي إدراك ما يسببه من ضيق للآخرين. وبذلك يكون السؤال هو، هل يوجد في النفس عند بعض الناس علي الأقل ميل لأن يسببوا أذي للآخرين يدفعهم في النهاية إلي معاقبتهم بشدة؟ الإجابة: نعم.. ستجد في الحياة من يطاردك لكي توقع عليه عقوبة هو يشعر بالجوع إليها، أريدك أن تفكر في المصطلحات التالية، أشبعه ضربا.. أي أن الشخص المضروب كان جائعا لعملية الضرب ذاتها، وفي العامية نقول فلان كل علقة وهو نفس المعني. أريدك أن تلاحظ أن عقاب الوكالة الوالدية الأب والأم أثناء تربية الطفل يساهم بقدر فعال في تكوين ال (Super ego) عند الطفل، وعندما نقول عن شخص ما إنه قليل الأدب فمعني ذلك أنه لم يتلق تربية صحيحة مدعومة بعقاب الأب والأم وهو ما يجعله يشعر بجوع لهذا العقاب ويعمل بكل الطرق علي تحقيقه، وهذا هو بالضبط ما نعنيه عندما نقول: الجدع ده عندما، ما ترباش.. باين عليه عاوز ينضرب. واستخدام كلمة عاوز هنا استخدام عبقري ( يعوزه) هو في حاجة إليه. الخلاصة، لا تكن زنانا وإلا تسببت أنت في خراب عشك.. وأقول لك مصطلحا آخر كان مستخدما في الريف المصري منذ زمن طويل.. كل بقلاوة واسكت. طبعا أنا لا أطلب من أحد السكوت، ولا أرضي بأن يطلبه مني أحد، ولكن المقصود هنا بالسكوت هو أن تكف عن الزن في الفاضي والمليان وأن تتنبه إلي أنك جاثم علي صينية بقلاوة ليست متاحة حتي لمن هم أفضل منك بكثير، طبعا أنا أتكلم مع هؤلاء الذين باعوا للناس البلاهة بوصفها فنا كما باعوهم قلة الحياء بوصفها شجاعة. وغذوهم بالشعارات الخائبة والأوهام بوصفها وصفة لا تخيب للوطنية. كن شجاعا أو جبانا، كن بليغا أو سخيفا، كن أبو العريف أو أبو البلهاء، ولكن قبل ذلك كله كن صاحب قضية، قضية واضحة تدافع عنها في إطار قوي من الاحترام. احترامك لنفسك وللآخرين. بغير قضية واضحة تقيم الدليل بعد الدليل عليها، تكون زنانا كما ستكون المسئول الوحيد عن خراب عشك. وفي صراع الأجيال وهو أمر طبيعي ومشروع عليك أن تحترم مزايا هؤلاء الذين سبقوك، بغير فهم هذه المزايا واستيعابها ستعجز عن التقدم خطوة واحدة، هذه هي الوسيلة الوحيدة للتفوق عليهم إذا كنت فعلا ترغب في التفوق أما عندما تعمل علي تعطيلهم أو نفيهم أو منعهم من العمل تحت شعارات أنت أول من يعرف أنها كاذبة وسخيفة فمعني ذلك أنك لست أكثر من بلطجي حول قلمه إلي بلطة و كاميرته إلي قاذفة لهب. . لا تزن علي خراب عشك.. كل بقلاوة واسكت.