يبدو أن الحكومة اليونانية ماضية في خطوات التقشف القاسية، رغم ردود الفعل التي تظهرها المعارضة والنقابات العمالية بشكل يومي، وقد أعلنت النقابات الأسبوع الحالي أسبوع احتجاجات، بحيث لا يكاد يوم يخلو من إضراب أو مظاهرة. ويوم.. سيرت نقابتا موظفي القطاع الخاص "ييسيه" وموظفي القطاع العام "آذيذيه" مظاهرة حاشدة وسط أثينا، انطلقت عند الحادية عشرة صباحا، فيما استمرت المظاهرات التي سيرتها أحزاب المعارضة حتي ساعات متأخرة من النهار، وانفجر الوضع عند الظهر مع وصول مئات الفوضويين الذين اشتبكوا بعنف مع رجال الأمن ورشقوا الشرطة بالحجارة وعبوات حارقة، فيما ردت الشرطة بعشرات القنابل المدمعة، مما أدي إلي حالات إغماء، وخلال المظاهرة قام متظاهرون غاضبون بالاعتداء علي كوستاس خاتزذاكيس، وزير النقل السابق في حكومة كوستاس كرمنليس، ونجحت الحكومة في تمرير الحزمة الجديدة من الإجراءات التقشفية، لكن ذلك كلفها طرد أحد نوابها لعدم تصويته لصالح الإجراءات، واعتبر النائب عن حزب التجمع اليساري المعارض ثيوذوريس ذريتساس أنه من الطبيعي جدا أن تكون هناك ردود فعل علي الإجراءات التقشفية الحكومية، التي وصفها بالمعادية للمجتمع اليوناني، متوقعا ازدياد وتيرة ردود الأفعال خلال الفترة القادمة، وقال ذريتساس ان القوانين تمرر لأن الحكومة لديها الأغلبية في البرلمان، لكنها فقدت أغلبية المجتمع، غير مستبعد أي سيناريو لتغيير الحكومة أو اللجوء إلي انتخابات مبكرة، معتبرا أنه لا يمكن لأي حكومة أن تحكم دون رضا الشعب عن سياساتها، واعتبر الكاتب الصحفي المعروف سيرافيم فيندانيذيس أن اليونانيين يظهرون قدرا من الصبر لتجاوز الأزمة. ولفت إلي أن المظاهرات تقوم بها المعارضة والنقابات دون أن تجمع أغلبية المواطنين، ملاحظا أن أحداث العنف لم يتسبب فيها المتظاهرون، بل بضعة مئات من الشباب الفوضويين المعارضين للنظام السياسي برمته، وهي الظاهرة التي قال إنها أوروبية لا يونانية فقط، حيث تكررت مؤخرا في إيطاليا ولندن وفرنسا. واعتبر فيندانيذيس أن الإجراءات التقشفية شر لابد منه، حيث انه لو لم تحضر المؤسسات الدولية وتتدخل في اليونان لكان البلد قد أفلس، وهو الأمر الذي يفهمه اليونانيون - حسب تعبيره - وقال فيندانيذيس ان أحزاب المعارضة بأسرها - رغم معارضتها الواضحة للتقشف - لا تملك أي بديل عنه، مستبعدا تعرض مستقبل الحكومة للخطر، موضحا أن الانتخابات المبكرة تخيف اليمين أكثر مما تخيف الحكومة نفسها، لكونه استلم السلطة خلال السنوات الخمس الماضية وأوصل البلاد خلالها لحافة الافلاس، باعتراف شخصيات من اليمين نفسه، أستاذ الاجتماع في جامعة بانديون ماكيس ماكريس قال إن فئات من المجتمع تعترف بأن الجميع جزء من المشكلة، مشيرا إلي مشكلات الفساد والرشاوي المنتشرة بكثرة في القطاعين الخاص والعام، لكن الأعظم من ذلك هو ما قامت به جهات حكومية ومصالح كبري خلال السنوات الماضية من عمليات فساد كبيرة أدت إلي ضياع مبالغ من خزينة الدولة تقدر بالمليارات.