تعقيباً علي ما نشر في صفحة 7 تحت عنوان "السوداني المستورد الحل للقضاء علي جنون الخراف" بتاريخ 25/10/2010 وقبلها سلسلة من المقالات الصحفية حول أهمية الاستيراد لسد الفجوة الحيوانية أود أن أعلق علي ذلك وأوضح أن الموضة الجديدة التي تجتاح عالم الثروة الحيوانية في مصر هي استيراد اللحوم والماشية الحية من الخارج ولا أحد يتخيل عواقب هذا التيار السلبية علي ثروة مصر الحيوانية وفي البداية أود أن أرجع بالتاريخ في وقت ما كانت مصر هي سلة العالم في الغذاء وذلك ليس ببعيد فكان في النصف الأول من القرن الماضي حيث كان لدينا اكتفاء ذاتي من اللحوم والسلع الغذائية بل كان القطن المصري يتم تصديره إلي المملكة المتحدة وباقي العالم ولكن دعنا ننظر الآن إلي المشكلة الحقيقية التي نحن بصددها حاليا والتي تعد تهديداً حقيقياً لثروة مصر الحيوانية. فالحرب الشرسة المقامة حاليا ضد مربي الماشية ستكون سببا رئيسيا في تقليل المعروض من عدد الرؤوس الحية المحلية وفي خلال فترة وجيزة سوف يكون اعتمادنا الأساسي في اللحوم علي الاستيراد من الخارج فضلا عن القضاء علي ثروة مصر الحيوانية وعدم تنميتها فضلا عن أنه سوف يكون هذا هو السيناريو المتكرر للخضراوات والفاكهة نظرا لارتفاع أسعارها أيضا. ونسلط الضوء علي أن استيراد رؤوس الماشية الحية من الخارج أسهم بشكل قوي في تقليص عدد رؤوس الماشية التي يتم تربيتها محليا خاصة للتسمين بعدما دخلت هذه الماشية مصر وهي حاملة أمراضاً كامنة بداخلها لا تظهر عليها عند الكشف الفوري في المحجر أو في أماكن نشأتها ولكن بعد فترة من مكوثها في مصر مما أدي إلي تحور هذه الأمراض ومهاجمة الثروة الحيوانية المحلية والقضاء علي 40% تقريبا من العجول البقري للتسمين خلال عام 2009 وهو ما أدي إلي الارتفاع الجنوني في أسعار الرؤوس الحية. وبالتالي فإن الحلي المنطقي لهذه المشكلة ليس الاستيراد ولكن في أجندة من المطالب: أولا: فتح استيراد للأعلاف من الخارج حيث إن توافر وتنوع الأعلاف سوف يحفز المربين علي زيادة عدد رؤوس التربية. ثانيا: دعم تربية الماشية المحلية مثل مشروع البتلو الذي أسهم كثيرا في الماضي في توافر كميات كبيرة من اللحوم وبأسعار مناسبة. ثالثا: منع ذبح العجول أقل من وزن 450 كيلو مع الإيقاف الفوري لذبح البتلو وتشديد عقوبة ذبح الإناث. رابعا: زيادة حملات الوعي البيطري والصحي للمربين والفلاحين حيث إن هذه الحملات تنمي وعي المربي والفلاح من حيث أساليب التربية الحديثة والمتطورة وتسهم في اكتشاف الأمراض مبكرا. خامسا: يجب أن يكون للبنوك دور أساسي في الدعم المالي لعجلة التنمية الزراعية حيث إن دور البنوك في هذا المجال يعتبر ضعيفا جدا. كريم عبدالعزيز نائب الرئيس التنفيذي لشركة الأهلي لإدارة صناديق الاستثمار ومستثمر في الماشية