علي الرغم من زهقي من ارتفاع أسعار الخضراوات، وعلي الرغم من اندهاشي لارتفاع سعر كيلو الموزة البتلو إلي مائة وخمسة عشرة جنيها، وعلي الرغم من قراءتي لتحقيق صحفي بالمصري اليوم عن محررة قررت أن تبيع الطماطم بخمسة جنيهات، فتجمهر حولها بعض من تجار الخضر وقرروا الفتك بها لولا تدخل شرطة المرافق التي قامت بحمايتها، علي الرغم من كل ذلك فإن قضية الفلسطيني العادي مازالت تشغل بالي، لأني أعلم يقينا أن هناك ارتباطا جذريا بين أصغر تفصيلة في الحياة المصرية، وبين القضية الفلسطينية، وأثق أن كلمات الوزير أحمد أبوالغيط لتنبيه وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي إلي أن قضية فلسطين تصف كل آلام الغرب وكل آلام الكون، وكل متاعب الحضارة المعاصرة، وإذا كان الإعلام الإسرائيلي وقوة التدخل في تفاصيل الحياة اليومية الأوروبية والأمريكية، تلك القوة التي فصلت في دقائق معدودة اثنين من كبار صحفيي محطة السي إن إن وقادرة علي تهديد الفاتيكان بحكايات التحرش الجنسي الذي قام به بعض من رجال الدين وقادرة علي أن توجه لأوباما بذات نفسه اتهاما بأنه مسلم متخف، علي الرغم من كل ذلك مازالت صورة الطفل عمران منصور وإياد غيث تلمع في خيالي حيث قامت سيارة مستوطن إسرائيلي بدهس الاثنين في واحد من شوارع سلوان أحد أحياء القدسالشرقية، ومن العجيب ان الشرطة الإسرائيلية ألقت القبض علي الطفل عمران، رغم أنه طار في الهواء وسقط علي الأرض لتنكسر ساقه، وأتهمه المستوطن بأنه كان يحمل حجارة ويريد أن يقذف بها المستوطن وسياراته ولولا كاميرا وكالة الأنباء الفرنسية لما عرفنا الحكاية كلها. والحكاية ان هذا الطفل صار متهما ومقوبضا عليه علي ذمة تلك القضية، وكأن الحجر الذي كان يحمله قام بتهديد المستوطن. ولا أعرف إلي متي يمكن أن يستمر هذا الصلف الإسرائيلي، ولكني أعرف أن التنمية العربية الشاملة وهي آتية لا ريب فيها ستضع إسرائيل في وضع الجملة الاعتراضية ضمن خريطة الشرق الأوسط، وأن الغرب كله عندما وقف بشكل أو بآخر ضد تجربة 23 يوليو في التنمية المصرية، سواء برفض تمويل السد العالي، أو بالعدوان علي مصر عام 1956 أو بتدبير عدوان ،1967 عندما وقف الغرب ضد هذا المشروع العربي، ظهر له ما يقض مضجعه بطريقة أكثر قسوة، سواء بن لادن وعصاباته التي تكدر ضمير المسلمين قبل أن تكدر الغرب كله، وظهرت لهم إيران كقوة قادرة علي اخلال العلاقات العربية بالغرب وظهرت تركيا علي الساحة تبحث عن موقع متقدم للمشاركة في الصراع العربي الاسرائيلي. ليس أمام الغرب بأجمعه سوي العودة إلي المصالحة الفعلية مع العرب من موقع الندية ووضع إسرائيل في حجمها الطبيعي وأحلم بأن يحدث ذلك قبل أن يفوت الأوان ويتلقي الغرب ويلات لا حدود لها من التطرف الأرعن. وعندما يفيق الغرب سريعا سنجد التنمية العربية قادرة علي زراعة الطماطم والقمح، وسيربون المواشي بما يكفي لا لخفض سعر اللحم، ولكن بتهيئة دخل للمواطن العادي يكفي احتياجاته الأساسية. تذكروا اسم الطفلين عمران منصور وإياد غيث فهما اسمان علي محطة كفاح سيستمر إلي أن يفيق الغرب إلي أن إسرائيل جملة اعتراضية في طريق مستقبله.