في ظل احتدام المنافسة الاقتصادية بين الدول والشركات الكبري وبعضها البعض واعتبار الاقتصاد هو القاطرة التي تجر أقطار العالم ظهرت علي السطح ظاهرة التجسس الاقتصادي علي الدول وبعضها البعض أو الشركات المنافسة فيما بينها بهدف معرفة ما يدور في كواليس العمل الاقتصادي، سواء في مجال التجارة الخارجية والداخلية أو الإنتاج والتسويق والتكنولوجيا وبراءات الاختراع والعلامات التجارية وصارت المعلومات الاقتصادية بمختلف أنواعها أسرارا حربية قد ترفع دولا أو تهدمها وتعلي من شأن شركة أو تحطمها.. "العالم اليوم" تفتح الملف وتتساءل عن مفهوم التجسس العصري في ظل العولمة وانتشار وسائل الإعلام والأقمار الصناعية التي توفر المعلومة للجميع وما هي آليات عمل الجاسوسية وأخطارها علي الاقتصاد الوطني والعالمي؟ الخبراء يرون أن التجسس الاقتصادي انتشر مع تزايد موجات العولمة والتحرير الاقتصادي في العالم، مما دفع البعض إلي وصف العولمة الاقتصادية بأنها "عولمة التجسس الاقتصادي" وأظهرت الدراسات في هذا المجال أنه مع زيادة التنافس بين الدول والشركات زادت نفقاتها علي التجسس الاقتصادي وجمع المعلومات عن الأسواق والشركات المنافسة محليا ودوليا. ويعتقد الكثيرون أن عمليات التجسس، التي تم اكتشافها كشفت النقاب عن وجود شركات متخصصة في هذا المجال، تركز نشاطها في تقديم هذه الخدمة إلي الشركات الصناعية والخدمية والحكومية مقابل أجر، وأن هذه الشركات لديها العديد من العملاء الذين يطلبون هذه الخدمة، كما أنها توظف لديها العديد من الكوادر المدربة من المحاسبين والمراجعين والمحللين الاقتصاديين.. ومن أشهر الجهات التي يري البعض أنها تتخصص في مجال التجسس الاقتصادي جمعية محترفي التنافس المخابراتي، وهي جمعية تم تأسيسها عام 1982 في الولاياتالمتحدةالأمريكية علي يد بعض العاملين في مجال المكتبات، وبعد حوالي 20 عاما من تأسيس هذه الجمعية أصبح معظم أعضائها من المحاسبين والمتخصصين في أبحاث السوق والأعمال البحثية والمعلوماتية الميدانية، وبعد الكشف عن واقعة تجسس شركة أوراكل علي شركة مايكروسوفت تم إحراج هذه الجمعية وغيرها من الشركات والمؤسسات المثيلة، حيث بدأ الناس والحكومات ينظرون إليهم علي أنهم جواسيس، وهو ما أجبر بعض هذه الشركات ومنهم هذه الجمعية علي إصدار بيانات تنفي عن نفسها تهمة القيام بنشاط التجسس.. ومن أشهر قضايا التجسس الاقتصادي تجسس الولاياتالمتحدةالأمريكية علي فرنسا قبل مفاوضات "سياتل" المتعلقة بمفاوضات التجارة الحرة وأثنائها، حيث تم ضبط 4 عملاء لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية أثناء محاولتهم تقديم رشوة لمسئولين في فرنسا للحصول علي وجهة نظر فرنسا في مفاوضات تحرير التجارة في سياتل.. أيضا قامت فرنسا بالتجسس علي شركات أمريكية مثل شركة بوينج وتكساس، وأشار مكتب التحقيقات الفيدرالي إلي أن هناك 19 حالة تجسس اقتصادي ضد الولاياتالمتحدةالأمريكية، وأن الولاياتالمتحدةالأمريكية تتبع نشاط 8 من الدول التي تصنف كدول مرتفعة النشاط في مجال التجسس الاقتصادي. وقد قدم بعض أعضاء مجلس الشعب خلال السنوات الماضية طلبات إحاطة وأسئلة حول تغلغل إسرائيل في الاقتصاد من خلال مساهمتها في بعض الشركات في مجال الغزل والنسيج والبترول والبلاستيك والمشاركة في مزرعة مشتركة للأبحاث وغيرها من المشروعات.. وقد أثار عدد من الأعضاء قيام إسرائيل بالحصول علي بيانات عن العمالة والإنتاجية والتكاليف، وذلك لتحديد نقاط القوة التنافسية في الاقتصاد للعمل علي ضربها، كما تقوم إسرائيل بالتعرف علي التكنولوجيا وفنون الإنتاج المستخدمة في المصانع لمحاولة إجهاضها، كما تسعي لجمع بيانات عن براءات الاختراع والابتكارات الجديدة وتحليلها لمعرفة نقاط القوة والضعف، كما أن إسرائيل دأبت في السنوات القليلة الماضية علي توجيه رسائل مدعومة ببيانات إلي مستوردي السلع المصرية في أوروبا وأمريكا وغيرها من دول العالم تحذرها من شراء السلع المصرية بحجة أنها ملوثة، أو بحجة عدم مطابقتها للمواصفات، أو أن مصر استعانت بعمالة من الأطفال أو المساجين في إنتاجها.