اكتسحت صناديق ضخمة من الفراولة المستوردة من إسبانيا بأسعار رخيصة الأسواق السويسرية وأصبحت حديث الساعة مما جعلها تتصدر عناوين الصحف في الفترة الأخيرة. وعلي الرغم من أن الفواكه والخضروات المستوردة من بلاد جنوب أوروبا تتحمل جملة مصاريف إضافية فإن هذه الشحنات من الفراولة ثمنها رخيص. وفي المقابل أثارت حفيظة القائمين علي برنامج التنمية الاجتماعية للزراعة المستدامة.. وحسب نشطاء الحملة يوجد في جنوبإسبانيا في مناطق مثل ألميريا والإيخيدو ولبة وفي روزارنو جنوب إيطاليا وهي مزارع ضخمة تقوم باستغلال الأيدي العاملة من المهاجرين غير الشرعيين ومعظمهم من إفريقيا وأوروبا الشرقية الذين تشغلهم في ظروف عمل سيئة وبأجور زهيدة فتراهم يضطرون إلي العمل قرابة ال 14 ساعة يوميا وبأجر يومي لا يزيد علي 20 يورو ويعيشون في مساكن غير لائقة. ويشدد النشطاء الحملة علي إفراط هؤلاء المزارعين في ضخ مياه الري وفي استخدام الأسمدة والمبيدات الحشرية مما يشكل خطرا علي البعد الصحي والإنساني، فضلا عن آثارها الكارثية علي البيئة. ومن جانبه، قال فيليب سوفا الأمين العام لمنظمة "النقابة الأخري" التي تعني بالدرجة الأولي بالعمالة القسرية خاصة تلك التي تتعلق بالمهاجرين في صحيفة الفاينانشال تايمز: "إن التجارة الزراعية مثلها مثل أي تجارة عالمية تبحث عن السوق الأرخص أو الأقل تكلفة وهذا من شأنه علي المدي البعيد أن يضر بالسياسة الزراعية المحلية". وأضاف سوفا: "علي الرغم من ارتفاع أجور المزارعين السويسريين بالنسبة لنظرائهم في أوروبا فإنهم يتقاضون أجورا منخفضة بالقياس لما هي عليه الأجور في سويسرا"، ولذلك في رأيه أن هذه السلع المستوردة ذات الأسعار الزهيدة تضر بالمزارعين السويسريين وتتسبب في زيادة تدني أجورهم. وتابع: "إننا بالتأكيد بحاجة لأن نسأل أنفسنا عن نوع الزراعة التي نريدها حقا وبأي ثمن"، وأردف: "ولندع المستهلك هو الذي يقرر". كما هو الحال بالنسبة للفراولة هناك أيضا الجزر والطماطم المستوردة هي التي لم تنجُ من تصدي النشطاء لها. ففي وقفتهم الأخيرة أمام المراكز التجارية كانوا يحرضون جماهير المتسوقين ضدها ويرشدونهم إلي شراء الفواكه والخضراوات الموسمية المنتجة محليا. وتقر ألين كليرك خبيرة الأغذية والمنتجات الزراعية في جمعية المستهلكين في سويسرا بأنه كان من الصعب علي المتسوقين تحاشي إغراء رخص أسعار الفواكه المستوردة مثل الفراولة واعتبرت أن المستهلك يتعرض لوابِل من اللافتات الإعلانية التي تقدم بين ناظريه هذه المنتجات الرخيصة في حين أن الفواكه والخضراوات الموسمية غائبة، ووصفت حال المستهلك عندها وكأنه فقد كل إحساس بالمواسم. غير أن هنالك درجة من الوعي حول هذه المسألة بدت بين المتسوقين من الشباب مثل ماركيز كيفن من جنيف ذي ال 16 ربيعا حيث يقول: "لقد شاهدنا برنامجا في درس الجغرافيا في المدرسة حول الفراولة المنتجة في الصوب البلاستيكية في إسبانيا وشمال إفريقيا ولذلك أحاول أن أتوخي الحذر". وتشير المعلومات إلي أن الحملة بدأت تؤتي ثمارها منذ أن أعربت فيها اللجنة الاقتصادية في مجلس الشيوخ عن استعدادها لدراسة المقترحات المقدمة من قبل خمسة كانتونات تقع غرب سويسرا هي جنيف وفو وفريبورج ونوشاتيل وجورا تطالب فيها بحظر كل ما كان هذا حاله من المواد الغذائية المستوردة أو الإشارة إليها بما يوضح حالها علي أقل تقدير. ولكن يبدو أن كبري سلاسل المراكز التجارية السويسرية ميجرو وكوب تري أن القضية أبسط مما يثار حولها أنه سيتم التغلب علي الإشكال الحاصل وتري أن الحجج التي يتذرع بها أصحاب الحملة مرفوضة باعتبار أن الشركات والمزارع التي تنتج وتصدر هذه المنتجات من جنوب أوروبا تمتثل للمعايير الصارمة بشأن الظروف الاجتماعية والبيئية للإنتاج. ويقول بينو هوبر وهو من كبار منتجي الفراولة في كانتون فالي بأنه لا ينبغي للناس أن يتحاملوا علي المراكز التجارية التي تعمل لمصلحة تسويق المنتجات المحلية،مضيفا: "عند نزول الإنتاج المحلي من الفراولة إلي الأسواق تكف سلاسل المراكز التجارية الكبيرة عن استيراد هذه السلع كي تفسح المجال أمام منتجاتنا وهذا ما يحدث علي الأقل في كانتون فالي". مصطفي عبدالعزيز