* إذا كان مجلس الجامعة العربية علي مستوي وزراء الخارجية قد أكد علي قرارات من المفترض أن تكون أقرت في ختام اجتماع الدورة 132 في مقر الجامعة العربية، بأن تكون دولة فلسطين شريكا أساسيا في عملية السلام وأنه يجب استمراردعم منظمة التحرير الفلسطينية في مطالبتها إسرائيل بالوقف الكامل للاستيطان قبل استئناف المفاوضات، وتحديد مرجعية واضحة لعملية السلام، ووضع إطار زمني للمفاوضات، والشروع في قضايا التسوية النهائية للصراع، وعلي رأسها الاستيطان والقدس واللاجئون والحدود والمياه، فإن دمشق اعتبرت أن التفويض العربي هذا والممنوح للسلطة الفلسطينية لإجراء مفاوضات غير مباشرة شكلا شكلا من أشكال الشرعية للإجراءات الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة، وتردد أيضا أن قطر أكدت أنها لن تؤيد هذا الاتجاه في حال عدم وجود اجماع عليه، وبناء عليه وازاء هذه المواقف المعترضة والمتعارضة فإن بيان لجنة مبادرة السلام سيطرح للنقاش أمام الجلسة 133 لوزراء الخارجية العرب لمناقشته وإصدار قرار من المجلس في شأنه. ولا يمكن اغفال أو تجاهل موقف حركة حماس من البيان الوزاري إذ أكدت الحركة بأنها لن تعطي أي غطاء للمفاوضات مع إسرائيل، سرية كانت أو علنية، مباشرة أو غير مباشرة، خاصة وأن ممثلي عدد من الدول العربية كانوا قد اعترضوا علي دخول السلطة الوطنية في مفاوضات تتناول العناوين المدرجة علي جدولها، مثل القدس والحدود، والاستيطان، واللاجئين، قبل أن تتوافر ضمانات واضحة تتعلق بهذه الأمور وبمرجعيات المفاوضات، وهناك علي الجانب الآخر من يري أن استئناف المفاوضات غير المباشرة جريمة وطنية تعكس الافلاس السياسي للرئيس عباس وفريقه، وينطوي علي تنصل من المسئولية وتغطية علي ممارسات الاحتلال، ويأتي علي رأس هذا الموقف حركة حماس والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. ويبدو واضحا من خلال الاجتماعات المكثفة التي أجراها وزراء الخارجية العرب قبيل القمة العربية المزمع عقدها في نهاية الشهر الجاري في ليبيا باتت لدي العرب قناعة بأنه لا فائدة من إسرائيل، ولكن نظرا لحسن إدارة الأمور فقد قاموا باعطاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما فرصة أربعة أشهر لإجراء ما يسمي بمفاوضات عن قرب ليروا ماذا سيكون؟! كما أن هناك نية ملموسة علي الأقل حتي الآن لدي العرب في اتخاذ موقف عربي موحد في مواجهة النهج الإسرائيلي الحالي في الأراضي العربية المحتلة وهناك ضرورة ملحة بأن يستخدم العرب جميع ما يملكون من أوراق لدفع المجتمع الدولي، وخصوصا الدول الفاعلة للضغط علي إسرائيل لتوقف ممارستها العدوانية في الأراضي المحتلة، وخصوصا تهويد القدس واستهداف المسجد الأقصي واستمرار الاستيطان حتي تنصاع لمتطلبات السلام. أما في حال فشل المباحثات غير المباشرة في هذا الإطار، واستمرار الممارسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، فستقوم الدول العربية بالدعوة إلي عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن، لإعادة عرض النزاع العربي الإسرائيلي من مختلف أبعاده، والطلب من أمريكا عدم استخدام الفيتو، باعتبار أن فشل المباحثات وتدهور الأوضاع في الأراضي المحتلة يبرر ذلك. واستكمالا للدائرة بالإطار الدولي، فقد استهل مبعوث الرئاسة الأمريكية إلي الشرق الأوسط السيناتور جورج ميتشل زيارة إلي المنطقة بلقاء أولي مع نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك قبل أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للاتفاق معهما علي القالب الذي ستجري فيه المفاوضات في الأسابيع القادمة. واستبقت هذه الزيارة رسالة من الإدارة الأمريكية، وعدت فيها واشنطن الرئيس عباس بإعلان الطرف المسئول عن فشل المفاوضات إذا ما فشلت، واتخاذ إجراءات ضده، وجاءت هذه الرسالة تلبية لاستفسار فلسطيني بشأن الطلب الأمريكي لاستئناف المفاوضات غير المباشرة. ووفقا للرسالة فإن الدور الأمريكي لن يقتصر علي نقل الرسائل بين الطرفين، بل تقديم الأفكار والمقترحات لإزالة الفجوة بين الطرفين، خاصة وأن أحد اهتمامات الإدارة الأمريكية كما تقول هو إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، وتواصل جغرافي وقابلة للحياة، وتنهي الاحتلال الذي بدأ عام ،1967 فيما تقول الوثيقة إن الولاياتالمتحدة تؤكد التزامها بالنسبة للمستوطنات بخطة خارطة الطريق التي تنص علي أنه علي إسرائيل أن تجمد البناء الاستيطاني وتزيل البؤر الاستيطانية التي بنيت بعد مارس 2001. تجربة المفاوضات منذ أوسلو بين الإسرائيليين والفلسطينيين تقول إنه لا شيء مؤكد، ولا شيء يدعو للتفاؤل المفرط، ولكن قليلا من الأمل قد يعطي دفعة لعجلة سلام صدأت تروسها منذ زمن، وربما تكون هذه المفاوضات امتحانا لحكومة نتنياهو، فإذا نجحت وتواصلت تكون قد حققت هدفها، وإن فشلت فسيكون من واجب الأحزاب المعتدلة في إسرائيل مثل حزب العمل أن يعيد النظر في شراكته مع نتنياهو، كما أنها فرصة جديدة قد تمنح الاجتماعات والقمم العربية منحي آخر يدلل علي مصداقية الاجماع العربي لقضية صراع دامت عقودا طويلة بعيدا عن الحسابات والمصالح الشخصية وبعض الأنظمة السياسية في المنطقة!!