لا أحد يريد الحرب ، لا ايران ولا الولاياتالمتحدة ، الصراع الدائر الآن يود كلا الطرفين أن يفوز فيه دون الاضطرار الي خوض حرب غير مضمونة النتائج أو تبلغ تكلفتها المادية والسياسية ما يفوق قدرة الساسة علي الاحتمال . فصول الحرب الباردة التي تدور بين واشنطن وبين طهران منذ عدة سنوات في استعراض للقوة الكلامية تارة والعسكرية تارة أخري ، تستهدف الضغط ولا تمهد للدخول في الحرب ، فلا يمر يوم أو بعض يوم الا وتصدر عن المسئولين في البلدين تصريحات تنطوي علي التحدي من جانب ايران وعلي التهديد بسوء العاقبة من جانب الولاياتالمتحدة وحلفائها الغربيين ، فضلا عن تبادل المناورات العسكرية التي تستعرض قوي الردع لدي البلدين ، ولكنها تنتهي بعملية تبريد عن طريق اعادة الكلام حول الحلول الديبلوماسية والحوار . في كل الأحوال تحرص ايران علي التذكير في كل مناسبة بأن دول الخليج العربية وثرواتها النفطية ونهضتها التنموية الكبيرة هي في الواقع رهينة القوة العسكرية الايرانية ، أي أن دول الخليج تمثل البطن الرخوة في أي صراع محتمل . تفترض الرؤية الأمريكية التقليدية ، ضرورة بلورة إجماع عربي لتحييد واحتواء تصاعد النفوذ الإيراني في المنطقة ، وتحديدًا في غزة ومنطقة الخليج العربي والعراق ولبنان، بما يماثل سياسة الاحتواء التي انتهجتها الولاياتالمتحدة ضد منافسها إبان الحرب الباردة، الاتحاد السوفيتي السابق. لذا تتبني الولاياتالمتحدة سواء عن قصد أو غير قصد سياسة حيال إيران تمثل تكرارا لسمات سياساتها خلال الحرب الباردة، وذلك بمحاولة بناء جبهة عربية سنية ''معتدلة'' لدعم الجهود المبذولة لاحتواء النفوذ الإيراني ، لكن هذا التحرك السياسي ليس كافيا في حد ذاته الا اذا توافرت دلائل قوية علي عزم الولاياتالمتحدة المضي قدما الي نهاية الطريق في المحافظة علي مصالحها في المنطقة بما في ذلك طمأنة حلفائها الاقليميين تجاه المخوف من لجوء الولاياتالمتحدة الي تسوية سياسية مع ايران علي حساب حكام المنطقة . ايران تريد نفوذا وقدرا من الهيمنة علي مقدرات المنطقة اعتمادا علي قوتها الذاتية المدعومة بالايحاء بالاقتراب من الحصول علي سلاح نووي ، القادة الايرانيون يتصورون أن انضمامهم الي النادي النووي يعطيهم الحق في اقتسام النفوذ والهيمنة مع القوي النووية الأخري ولا ينظرون الي الدول النووية التي لم تستطع حل مشكلاتها الي الآن ، الاتحاد السوفييتي تفكك وهو قوة نووية .. باكستان تعاني من مشكلة مع قوة محلية هي طالبان ولم تستطع قوتها النووية أن تقدم لها أي دعم في هذا السياق ، مع ذلك تصر ايران علي ممارسة اللعبة حتي النهاية.