السفير عادل نجيب نائب أول رئيس هيئة المجتمعات العمرانية يبذل جهدا يستحق التنويه في محاولته فتح الكثير من الملفات المتعلقة بمشاكل المدن والمجتمعات العمرانية الجديدة وإن كان يصطدم في ذلك بالكثير من المعوقات الإدارية والمالية التي تجعل علامات الإصلاح تبدو واضحة. ولكن السفير عادل نجيب خرج علينا بتصريحات أوردتها الصحافة يتحدث فيها عن التفكير في إنشاء مدن سكنية جديدة..! ونحن نأمل أن يتم تأجيل البحث في إنشاء مدن سكنية جديدة إلي أن يتم تعمير وتطوير المدن السكنية الموجودة حاليا بشكل فعال ومدروس يحقق ويوفر لها مقومات الجذب السكاني ويشجع علي الاستثمار فيها. فالمدن السكنية الحالية تفتقر إلي شبكة الطرق الجيدة الموصلة إليها، وتعاني من قلة وسائل المواصلات التي تسهل حركة الانتقال إليها، وتفتقر قبل ذلك كله إلي وجود الخدمات الأساسية التي تشجع الناس علي الإقامة بها. ولو قدر لأي مسئول في هيئة المجتمعات العمرانية أن يتوجه إلي مدينة مثل مدينة العبور في ساعات الذروة فإنه سيقطع الطريق من المدينة إلي مصر الجديدة من طرق الإسماعيلية فيما لا يقل عن ساعتين علي أفضل تقدير وذلك للازدحام الهائل علي هذه الطريق الذي يجعل المرور سيئا للغاية. ويتكرر الشيء نفسه علي الطرق المؤدية إلي مدينة 6 أكتوبر والشروق والرحاب وبدر وحيث لا يوجد إلا منافذ محددة للدخول والخروج لهذه المدن وحيث تكون حركة المرور أيضا محفوفة بالمخاطر نظرا لازدحام هذه الطرق بسيارات النقل المحملة بالرمل والزلط ومختلف مواد البناء وهي السيارات التي تدخل في سباقات جنونية ويتناثر منها "الرمل والزلط" كصواريخ وقذائف موجهة تسبب الكثير من الحوادث وتصيب قائدي السيارات بالرعب وتدفعهم إلي محاولة الهروب بأقصي سرعة ممكنة فتقع عشرات الحوادث المرورية القاتلة يوميا علي هذه الطرق. ولذلك نأمل ألا يتم إنشاء أي مدينة سكنية جديدة قبل توفير الطرق الآمنة أولا، والطرق التي يجب أن تخضع للمواصفات المطلوبة من أجل الأمان وتقليل الحوادث، وهي أيضا الطرق التي يجب أن تفرض عليها رقابة مرورية مشددة تلزم قائدي سيارات النقل بالسير في الجانب الأيمن فقط، وعدم التجاوز بالسير بأقصي سرعة باليسار، والالتزام باتخاذ كل الإجراءات التي تضمن عدم تسرب أو سقوط حمولة هذه السيارات في الطريق. ويحدونا الأمل في أن السفير عادل نجيب سوف يولي اهتماما لكل الأفكار المثارة حول مد مترو الأنفاق لهذه المدن الجديدة، فهذا هو السبيل الوحيد لتعمير هذه المناطق السكنية المهجورة ولتقليل اعتماد السكان علي سياراتهم الخاصة كوسيلة انتقال وحيدة هي المتاحة، ولتشجيع الشباب علي الانتقال للإقامة بالمساكن الاقتصادية التي أقيمت بهذه المدن، وهي المساكن التي مازال معظمها مغلقا لأن أي شاب حصل علي شقة بها لا يملك دخلا يتيح له شراء سيارة، كما لا يستطيع توفير نفقات الانتقال اليومي من خلال استخدامه لأكثر من وسيلة نقل للوصول إلي عمله والعودة إلي منزله. ويقينا فإن الجانب الأمني لا يقل أهمية عن ضرورة توافر الخدمات التعليمية والصحية بهذه المدن الجديدة، فهذه المدن تعاني من الغياب الأمني الواضح، ولا توجد بمعظمها دوريات أمنية بصفة دائمة، وتصبح منذ ساعات الليل الأولي شبه خاوية من السكان لأن أحدا لا يأمن علي نفسه السير بمفرده في الشارع حيث يمكن أن يتعرض في أي لحظة لسرقة بالإكراه أو حتي للاختطاف. ولكي يحدث انتعاش في مجال الخدمات والترفيه بهذه المدن فإن هيئة المجتمعات الجديدة لابد أن تقدم مجموعة من الإغراءات للتجار والمستثمرين لكي يأتوا إليها ويقدموا خدماتهم بها، وهي إغراءات تشمل الإعفاء من الإيجارات لفترة معينة أو تخفيض رسوم الكهرباء والماء للذين يقدمون خدمات ضرورية وحياتية للسكان. والأمل يحدونا في ألا تتم الموافقة علي الترخيص بإنشاء مجمعات تجارية جديدة "مولات" في أحياء القاهرة المزدحمة والمتخمة بالحركة التجارية، وأن يكون بناء هذه المجمعات بالمدن الجديدة فقط حيث تتوافر المساحات اللازمة لمواقف للسيارات، وبحيث تصبح هذه المجمعات مناطق جذب للمواطنين تجعلهم أكثر رغبة في الإقامة بجوارها ولتخفف كثيرا من زحام القاهرة ومشاكلها. إن هناك استثمارات عقارية بالمليارات موجودة في المدن السكنية الجديدة القابعة في الصحراء تبحث عن السكان وتناشدهم البقاء، وقبل إنفاق مليارات أخري فإن علينا أن نطور وأن نستفيد مما هو قائم فعلا، وهو ما سيحل الكثير من مشاكلنا ولا يجعلنا في حاجة إلي عاصمة جديدة ولا إلي نقل الوزارات.. ولا إلي كل هذا العذاب الذي نعانيه في شوارعنا يوميا..! [email protected]