قال "لاكشمي ميتال" صاحب شركة "أرسيلور ميتال" أكبر شركة في العالم في مجال صناعة الحديد الصلب ورابع أغني شخص علي مستوي العالم في تصريحاته لصحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية إن العام المقبل سيشهد حدوث انتعاش شديد في صناعة الصلب في العالم، وارتفاعا كبيرا في الانتاج والطلب العالمي خلال العام المقبل بنسبة لا تقل عن 10%، الأمر الذي يؤدي إلي تحقيق شركات الحديد والصلب لمستويات أداء عالية في أسواق المال بعد الأداء المتواضع لمعظم شركات هذا القطاع خلال العام الحالي، حيث إن شركته مدرجة في عدد من أسواق المال تتمثل في بورصات نيويورك وباريس وأمستردام وبروكسل ولكسمبرج وفي أسواق الأوراق المالية الإسبانية برشلونة ومدريد وفالنسيا. تأتي هذه التصريحات بعد أن قررت شركة "أرسيلور ميتال" تخفيض إنتاجها بنسبة 15% خلال الربع الرابع من العام الجاري وتخفيض تكاليفها بنسبة تصل إلي 50%، وربما يكون هناك تخفيضات قادمة في الانتاج قد تصل إلي 30% في نهاية العام، في حال إذا دامت الأسواق علي تخفيض أسعار منتجات الحديد، حيث هبطت أسعار المنتجات بنسب تراوحت ما بين 40 و70% خلال الأشهر القليلة الماضية، وربما كان الأكثر أهمية من انخفاض الأسعار هو تراجع الطلب إلي مستويات جعلت من الصعب تقديم توقعات بما سوف يكون عليه الحال ليس فقط في الربع الأخير من هذا العام، وانما أيضا لفترة قد تطول إلي أكثر من ذلك. وكان إنتاج شركة "أرسيلور ميتال" يشكل حوالي 10% من إجمالي الإنتاج العالمي وقد سلكت الشركة الاتجاه الذي أخذته معظم الشركات الكبيرة في العالم وهو قرار تخفيض الإنتاج وهو نفس اتجاه معظم شركات الصلب الكبري في عدد من دول العالم في معالجة الأزمة وهناك بعض الشركات التي أغلقت مصانعها لفترة من الزمن بهدف تخفيض الإنتاج والتقليل من التكاليف وذلك نتيجة لظروف السوق غير المواتية، وقد يستمر هذا الإغلاق لعدة أشهر حتي تطور حالة الأسواق. وشهدت أسعار الصلب خلال النصف الأول من هذا العام ارتفاعا ملحوظا الذي عكس توقعات الطلب الكبيرة عليه تعبيرا عن حالة الازدهار التي تعيشها أسواق الصلب إلا أن الانخفاض في الأسعار ظهرت بوادره في شهر يولية الماضي، وتوافق مع انخفاض الطلب مؤشرا علي حال هذه الصناعة التي استقبلت بشكل سريع تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية وهو ما يبرهن مقولة أن ازدهار صناعة الصلب إنما هو تعبير عن الانتعاش الاقتصادي والعكس صحيح عندما يكون الوضع الاقتصادي في حالة من الانكماش تكون صناعة الصلب هي أول من يتأثر بهذا الوضع نتيجة ترابطها واقترانها بما يشهده الوضع الاقتصادي من تغيرات. ومنذ أن بدأ الطلب علي الصلب يتراجع بشدة كانت شركة "ارسيلوا ميتال" من بين الشركات الأكثر تضررا في هذه الصناعة حيث إنها أنتجت 116 مليون طن من الصلب في عام 2007 ولكن من المتوقع أن ينخفض هذا الرقم في أواخر هذا العام ليصل إلي نحو 7 ملايين أو أقل من العام الماضي بحوالي 30% وبعد أن حققت ربحا قدره 24.5 مليار دولار قبل الفائدة والضرائب في العام الماضي من المؤكد أن تحقق الشركة في هذا العام ربحا يتراوح ما بين 6.5 و8 مليارات دولار فقط. وأشار "ماتياس هيلسترن" المحلل في مؤسسة موديز العالمية للتصيف الائتماني في الصحيفة البريطاينة إلي أن الطلب علي الصلب في العام المقبل سيرتفع كما قال "لاكشمي ميتال" ولكن من المرجح أن يكون هذا الارتفاع بمعدل 5% إلا أن الصين قد تسير عكس هذا الاتجاه بالرغم من المرونة التي أبدتها صناعة الصلب الصينية خلال هذا العام، التي تجاوزت ما كان يتوقعه الكثيرون، إلا أن التوقعات تؤكد حدوث ضعف مؤكد في إنتاج الصلب والطلب عليه في الصين خلال الأشهر القليلة المقبلة. واتفق مع رأي محلل مؤسسة موديز صاحب شركة "تاتا" الهندية العالمية للحديد والصلب حيث قال إن الطلب علي الصلب في الصين يمكن أن ينمو بنسبة 10 إلي 11% ولكن في مارس العام بعد القادم 2011 بعد نمو تتراوح نسبته ما بين 9 و10% في ال 12 شهرا المقبلة ومن المتوقع حدوث نمو قوي مشابه في الاستهلاك في الهند، إلا أن هناك الكثير من الخبراء في صناعة الصلب ينظرون إلي ما قاله ميتال بشأن النمو الذي يؤكد أن يشهده العام المقبل بدرجة كبيرة من الشك. وقال الكثير من المشككين إن شركته تعاني ازمة، حيث توصلت مجموعة ارسيلور ميتال للصلب إلي اتفاق مع الحكومة الاسبانية يسمح لها بالتخلي عن حوالي 40% من إجمالي عدد العمال لديها البالغ عددهم 12 ألف عامل في اسبانيا خلال العام الحالي وذلك وسط مؤشرات قوية علي أن المجموعة التي تعد اضخم منتج للصلب في العالم تستعد للدخول في مرحلة ركود اقتصادي وتباطؤ طويل في النمو. وقالوا وعلي رأسهم "دان ديمكو" صاحب شركة "نيكور" ثاني اكبر شركة لانتاج الحديد في العالم أنه من المتوقع أن يتراجع الطلب العالمي خلال العام المقبل علي الصلب بنسبة كبيرة مما يجعل ذلك التراجع الأسوأ منذ فترة كبيرة. ومن الجدير بالذكر أن الشركة منتشرة في اكثر من 60 دولة ويعمل فيها 326000 شخص ويقع مقرها الرئيسي في لوكسمبورج، كما أن شركة "ارسيلور ميتال" العالمية للحديد والصلب بدأت نشاطها في مارس الماضي في السعودية من خلال فتح مكاتبها في مدينة الجبيل الصناعية لتسهم في انتاج الحديد ومشتقاته ودعم السوق بهذه السلعة إلي جانب نقل خبراتها وتقنياتها في صناعة الحديد والصلب إلي المنطقة العربية.