لا أصدق أبدا ما يتردد أحيانا في بعض الصحف عن وجود أشكال من التعاون بين مملكة البحرين وإسرائيل في إطار تطبيع تجاري أو سياسي! فالذين يعرفون البحرين جيدا يدركون ان المجتمع المدني في هذه المملكة الصغيرة لا يقبل أي شكل من أشكال التطبيع ويحمل قدرا كبيرا من التعاطف مع القضية الفلسطينية من منظور ديني وقومي. والذين يتجولون في شوارع مدينة المحرق القديمة التي تعتبر معقلا للحركات القومية في البحرين سوف يجدون ان الكثير من أصحاب المتاجر مازالوا بعد كل هذه السنوات علي وفائهم لجمال عبدالناصر ويعلقون صوره علي جدران متاجرهم رمزا للشموخ العربي ولحلم القومية العربية. وإذا كان ولي عهد البحرين بين الحين والآخر يلقي ببعض التصريحات أو المقالات التي تعطي إيحاء بأن البحرين علي طريق التطبيع، فإن هذه الإشارات الموجهة قد تكون رسالة غزل للولايات المتحدةالأمريكية ولتخفيف الضغوط أكثر من كونها اتجاها فعليا نحو التطبيع الحقيقي، كما أن ولي العهد البحريني بثقافته الغربية قد يكون أكثر ميلا إلي بدء تكوين شكل جديد من أشكال التعاون في الشرق الأوسط يأخذ في إطاره الدولة العبرية غير ان ذلك يبقي أيضا مرهونا بتحقيق السلام الشامل والعادل في المنطقة. ولكن ولي العهد البحريني علي أية حال أثار كثيرا من الجدل عندما التقي مع مسئولين إسرائيليين خلال المنتدي الاقتصادي العالمي في عام 2000 و2003 والتقي وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بنظيرته الإسرائيلية تسيبي ليفني في الأممالمتحدة عام 2007 وهي لقاءات لم تترجم علي أية حال إلي خطوات في طريق التطبيع ولاقت انتقادا واسعا لدي الرأي العام البحريني، وانتقدتها الصحافة البحرينية والجمعيات السياسية علنا. ولا يمكن علي أية حال في ظل المد الديني القوي في البحرين، وفي ظل الروح القومية الوثابة أن يمر قطار التطبيع دون مقاومة شديدة قد تصل الي حد الاحتجاجات العنيفة وهو أمر تحرص الحكومة علي تفاديه خاصة في ظل استخدام بعض الطوائف لقضية القدس كمدخل مستمر لتنظيم الاحتجاجات والاعتصامات كغطاء لقضايا أخري خلافية مع الحكومة. ان البحرين قد تكون أكثر بلاد الخليج انفتاحا علي الغرب وتأثرا به وتفاعلا معه، ولكن عندما تأتي القضايا العربية المصيرية فهي أيضا في المقدمة تجاوبا وتفاعلا معها، وهذا هو سر تميز المجتمع البحريني وخصوصيته. [email protected]