يحتفل العالم يوم 9 أكتوبر باليوم العالمي للبريد، وهو تاريخ تأسيس الاتحاد البريدي العالمي الموافق لسنة 1874. وهذا الاتحاد الذي يتخذ مقرا له برن العاصمة السويسرية، هو منظمة متخصصة تابعة للأمم المتحدة مكلفة بقطاع البريد العالمي، باعتباره شرايين التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المجتمعات فهو يساهم في انتشار مجتمع المعرفة من خلال شبكته البريدية المتسعة والقادرة علي ربط جميع سكان العالم بالشبكة العنكبوتية، والاستفادة من تكنولوجيات المعلومات والاتصال في اتجاه رأب الفجوة الرقمية، كما يؤكد ذلك نجيب بولعراس المنسق الإقليمي للاتحاد البريدي العالمي المكلف بالبلاد العربية. ويضيف "بولعراس": تمثل الشبكة البريدية العالمية مالا يقل عن 660 ألف مكتب بريد في العالم، يعمل من خلالها مالا يقل عن 5 ملايين من الموظفين، يتعاملون ويوزعون 424 مليار إرسالية علي المستوي الوطني، وستة مليارات إرسالية دولية وأكثر من 4.5 مليار من الطرود البريدية. كما يقدم البريد خدماته ل96% من سكان العالم ويلاحظ أن إيرادات التشغيل في تزايد مستمر، حيث نجد 58% متأتية من بريد الرسائل و 23% من الطرود البريدية والشحن و 14% من الخدمات المالية و 5% من موارد أخري وأيضا يقدم البريد نوعين من الخدمات: بريدية ومالية. أما الخدمات البريدية فهي الرسائل العادية والمسجلة والبريد السريع والبريد الإلكتروني (فاكس) وبريد المكفوفين والطرود بمختلف أحجامها وأنواعها، إلي جانب توزيع البريد في المحلات وفي الصناديق الخصوصية وعبر البريد المحفوظ أو البريد المتابع. وبالنسبة للخدمات المالية فتتمثل في الحوالات الداخلية والدولية والفورية (إلكترونية) والتحويلات المالية الدولية والحسابات البريدية الجارية (الشيكات) وتفريعاتها من دفتر شيكات إلي بطاقة سحب وبطاقة دفع عبر المحلات التجارية وبطاقات للتعامل مع الإنترنت، وموزعات آلية للأوراق النقدية والتوفير البريدي، دفاتر التوفير بالعملة الصعبة، وصرف العملة والمقاصة مع المؤسسات البنكية والمالية. ويشير "بولعراس" إلي أن تطور البريد قد حتّم أن يتأقلم مع الثورة التكنولوجية وتوظيف أدواتها لمزيد من الخدمات الجديدة المعتمدة علي تكنولوجيات الإعلام والاتصال، هذا إلي جانب ظهور العديد من الخدمات الجديدة كالبريد الدعائي أو البريد المختلط. وحول الأزمة المالية العالمية يدافع ادوارد ديان المدير العام للاتحاد البريدي العالمي عن دور القطاع البريدي وقت الأزمة، حيث انه يمكنه أن يسهم في الحد من هذه التهديدات وذلك بالثقة والاندماج والشراكة، ويتابع: منذ بداية الأزمة لاحظت المؤسسات المالية البريدية أن عدد حسابات الإيداع والتوفير التي تم فتحها قد زاد، ومثل هذه الثقة تسهم في تنمية أنظمة دفع بريدية فعالة وجديرة بالثقة في استقرار الشروط المالية عن طريق 660 ألف مكتب بريد، كما تسمح الشبكات البريدية أيضا للأسر ذات الإيراد الضعيف والمتوسط التي تستبعدها البنوك التقليدية من النفاذ إلي الخدمات المالية والادخارية. ولكن وفقا للتقديرات من المتوقع تراجع التحويلات المالية، وهي مصادر تمويل حيوية بالنسبة للدولة النامية، مع تباطؤ الهجرة ويستند نظام تحويل الأموال الاليكتروني الخاص بالاتحاد البريدي العالمي إلي اتفاق فيما بين الحكومات يدمج البعد الإلكتروني للعمليات المالية. إن السماح للتحويلات الآمنة والتي يمكن النفاذ إليها بأسعار معقولة عبر الشبكات البريدية يلبي احتياجات العمال المهاجرين واحتياجات بلادهم الأصلية والمجتمع الدولي في مجمله بل ويمكن للبريد أن يعرض حسابات مخصصة علي هؤلاء العمال من أجل توجيه التحويلات المالية وتشجع بذلك الادخار والاستثمار. إن الثقة التي يتمتع بها القطاع البريدي قد تصبح ميزة لتسهيل تنمية المبيعات بالمراسلة بما أن البريد يعتبر طرفا ثالثا محل ثقة خصوصا في التجارة الالكترونية حيث لا يعرف المشتري والبائع بعضهما البعض في أغلب الأحيان. ويضيف ادوارد ديان: يعرض تقلص التدفقات التجارية وآفاق التدابير الحمائية حاليا التجارة الدولية للخطر وهناك شروط مثلي من المفروض أن تتيح لجميع القوي الاقتصادية، المشاركة في التجارة الدولية وهذا هو السبب الذي يدفع الاتحاد البريدي العالمي إلي التعاون مع رابطة النقل الجوي الدولية والمنظمة العالمية للجمارك علي سبيل المثال من أجل تنسيق أوجه نشاط كل منها والانخراط في السلسلة اللوجيستية العالمية علي أفضل وجه وتنتهي هذه الأنشطة ببرامج تهدف إلي مساعدة المؤسسات الصغيرة بالبلاد النامية علي تصدير منتجاتها والتوسع في التجارب التي أنجزت بنجاح في أمريكا اللاتينية عبر الشبكة لتغطية مناطق أخري. إن القطاع البريدي به أكثر من 5 ملايين موظف ويعد أحد أكبر المستخدمين للعاملين في العالم وسوف يكون هناك تأثير اجتماعي للأزمة علي القطاع وسوف يصير التدريب والحوار الاجتماعي أهم من أي وقت مضي وسوف نحرص علي دعم برامج التدريب عن بعد مثل TRAINPOST UNI Global "وهو تجمع دولي للنقابات منضمة إليه نقابات القطاع البريدي" وسوف نعمل في مشروعات ترتكز علي التنمية المستدامة والحوار الاجتماعي في البلاد النامية والصحة، الخ. يؤكد ديان إن الاتحاد البريدي العالمي سيتابع جهوده من أجل دعم القطاع البريدي في دوره كمحرك وكبنية قاعدية للتنمية. ولكن الأزمة تتطلب إجابة متعددة الأطراف ويجب ارساء شراكات مثل مبادرة "المساعدة من أجل التجارة" الخاصة بالمنظمة العالمية للتجارة خصوصا بين المؤسسات المتخصصة وهيئات الأممالمتحدة وفي مجالات مثل مجالات الانخراط المالي وتنمية عمليات التبادل والمسائل الاجتماعية خصوصا أنه لا يمكن للاتحاد البريدي العالمي أن يتحرك سوي بمساندة من الآخرين. ويجدد ديان التأكيد علي اقتناعه بأن شبكة بريدية عالمية قوية تشكل بنية قاعدية رئيسية تعمل علي التخفيف من عواقب الأزمة المالية والاقتصادية التي نجابهها اليوم.