تذكر بيانات تقدير وزارة المالية أن قطاعات الاتصالات والتعدين حققت أعلي معدلات النمو حيث سجل قطاع الاتصالات معدل نمو 15% ليسهم بنسبة 3.6% من الناتج المحلي والتعدين 6.5% ليسهم بنسبة 13.9% من الناتج المحلي الإجمالي و5.6% للسياحة لتسهم بنسبة 4.3% من الناتج المحلي الإجمالي و4% للصناعات التحويلية لتسهم بنسبة 15.8% من الناتج المحلي الإجمالي 2.3% لتجارة الجملة والتجزئة لتسهم بنسبة 11% من الناتج المحلي الإجمالي و1.5% لقناة السويس لتسهم بنسبة 4.3% من الناتج المحلي الإجمالي. كما ارتفعت إجمالي الايرادات العامة والمنح خلال الفترة من يوليو إلي مايو من العام المالي 2008/2009 بنسبة 27.5% لتصل إلي 237.7 مليار جنيه تمثل 22.9% من الناتج المحلي وذلك بفضل ارتفاع الايرادات الضريبية بنسبة 17.5% لتسجل نحو 142 مليار جنيه، كما ارتفعت الايرادات غير الضريبية ارتفاعا ملحوظا وصلت نسبته إلي 45.8% لتسجل 95.9 مليار جنيه. وتشير بيانات وزارة المالية إلي أنه في مجال الانفاق العام فهناك ارتفاع في المصروفات بسبب حزمة الإجراءات الحكومية لمواجهة تداعيات الأزمة المالية علي الاقتصاد المحلي ساهمت في ارتفاع نسبة العجز الكلي إلي الناتج المحلي لتصل إلي 6.2% بنهاية مايو الماضي مقابل 5.3% خلال نفس الفترة من عام 2007/2008 كما ارتفعت نسبة العجز الأولي إلي الناتج المحلي قبل خصم فوائد القروض العامة لتصل إلي 1.6% مقابل 0.5% خلال الفترة من يوليو إلي مايو 2007/2008. التوقعات المتشائمة تقول سالي ميخائيل محلل مالي أول بشركة نعيم القابضة إنه في أسوأ الفروض إذا وصل معدل النمو في الربع الرابع من العام المالي 2009 إلي 3.5% فإن إجمالي النمو في هذا العام سيكون 4.5% وهو ما يتفق مع التوقعات الحكومية ويخالف بعض التوقعات المتشائمة التي توقعت أن يصل النمو في هذا العام إلي 3 أو 2.5% وتلفت إلي أن النمو في الربع الثالث يأتي في ظل استقرار وارتفاع معدلات الاحتياطي الأجنبي وكذلك تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر الذي تعدي أكثر من 5 مليارات دولار ومتوقع أن يصل إلي 6 مليارات دولار بنهاية العام المالي الحالي وهو منخفض عن معدلات العام الماضي 13 مليار دولار إلا أنه معدل جيد مقارنة بالأداء العالمي. وتعتبر أن من أكثر القطاعات الدافعة للنمو في الفترة الحالية هي القطاعات الدفاعية مثل الأغذية والاتصالات والبنوك، مشيرة إلي أن نمو ايرادات القطاع السياحي انخفض في الربع الثالث من العام الحالي 15% مقارنة بنفس الفترة في العام المالي الماضي إلا أنه لم يحقق انخفاضا كبيرا مثلما حدث في ايرادات قناة السويس التي انخفضت 22% في الربع الثالث من العام الحالي مقارنة بالعام الماضي لافتة إلي تأثير عمليات القرصنة علي ايرادات القناة، أو انخفاض تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر 53% بنهاية الربع الثالث من العام الحالي مقارنة بالعام السابق. وعن القطاعات الصناعية تشير سالي إلي أن تطورات أسعار البترول تعطي مؤشرا ايجابيا عن مستقبل ايرادات القطاعات المرتبطة بالبترول كالتكرير وصناعة البتروكيماويات حيث وصل سعر النفط إلي القاع عند سعر 34 دولارا للبرميل في ديسمبر عام 2008 ثم إلي أعلي سعر في منتصف يونية 2009 عند سعر 72 دولارا للبرميل ثم بدأ يستقر عند معدلات فوق ال 60. الطلب المحلي فيما تري ريهام الدسوقي كبير الاقتصاديين ببلتون فينانشيال أن الطلب المحلي لعب دورا أساسيا في معدلات النمو المتحققة علاوة علي أن تأثيرات الانخفاض في الطلب الخارجي علي قطاعات السياحة وقناة السويس جاءت أقل من المتوقعة حيث انخفضت ايرادات القناة خلال العام المالي الحالي بحوالي 7% فقط وانخفضت ايرادات السياحة بحوالي 3.6% في فترة الأشهر التسعة الأولي من العام المالي 2008/2009 مقارنة بنفس الفترة من العام المالي السابق، كما أنه متوقع أن يدخل القطاع السياحي في مرحلة التعافي من الأزمة بنهاية العام الحالي. وتشير إلي أنه لا توجد مخاطر من اصدار الدولة لسندات لتغطية عجز الموازنة حتي في ظل توقعاتها بوصول العجز خلال العام المالي الحالي إلي 9% حيث إنه من ناحية يعد اصدار أذون وسندات لتغطية العجز هو أمر معتاد علاوة علي أنه بالنظر لأوجه الانفاق المتسببة في هذا العجز سنجد أنها لا تتجه إلي مجالات لهدر الموارد ولكنها موجهة لتنشيط النمو الاقتصادي. وتلفت إلي أنه علي الرغم من أن هناك قطاعات نجحت في مقاومة الأزمة وحققت أداء جيدا مثل التشييد والاتصالات والطاقة، كانت هناك قطاعات أكثر تأثرا بالأزمة كالصناعات التحويلية التي تأثرت من ناحية بتباطؤ الطلب في أسواقها التصديرية وتتأثر من جهة أخري بمشاكلها الجوهرية المتمثلة في عدم توافر العمالة المدربة وارتفاع تكاليف الإنتاج كتكلفة الطاقة وأسلوب عمل بعض المصالح الحكومية. وتري أنه لا توجد مشكلة كبيرة في تحقيق نمو اقتصادي ايجابي في المدي القصير إلا أن المشكلة المهمة تقع في المدي المتوسط والطويل من حيث قدرة الحكومة علي رفع معدلات النمو للمستويات السابقة، حيث أعطت الدولة دفعة جيدة للنمو خلال الفترة الماضية إلا أن ثمار النمو لم تصل لكل قطاعات المجتمع وهناك حاجة ماسة للإصلاحات في قطاعات كالنقل والتجارة الداخلية والقطاع الزراعي والبنية الاساسية وتحرير قطاع الطاقة ودخول الاستثمارات الخاصة فيه، معتبرة أن الاصلاحات المتحققة حاليا لا تكفي إلي دفع نمو في المستقبل لأعلي من 3 إلي 4% سنويا وتتوقع تحقق نمو 3.9% في السنة المالية الحالية، مقارنة بتوقع 4.5% في العام المالي 2008/2009. سوق المال أما علي مستوي أسواق المال فيقول أحمد النجار مدير البحوث بشركة برميير أنه علي الرغم من ارتفاع الاستثمار الأجنبي المباشر خلال الفترة الماضية عن المعدلات التي توقعها البعض مع بداية الأزمة المالية فإن الاتجاه المسيطر علي الاجانب في سوق المال منذ بداية مايو 2008 كان اتجاها بيعيا ولم يتغير ذلك إلا منذ منتصف مايو ،2009 ويري أنه مع بداية استقرار أسواق المال العالمية عادت في الفترة الأخيرة فكرة الاستثمار في الاسواق الناشئة ومنها السوق المصري نظرا لجاذبية أوراقه المالية بعد الانخفاض الكبير في أسعارها مع بدء الأزمة المالية العالمية. ويعتبر د. أحمد غنيم أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة أن معدلات النمو الحالية تعد جيدة في ظل ظروف الأزمة الحالية إلا أنه ينبه إلي أهمية تنشيط حركة الإقراض في الفترة القادمة لتحفيز النمو حيث إن تخفيض الفائدة لا يسهم بدرجة كبيرة في دفع حركة الإقراض نظرا إلي أن العامل الرئيسي لتباطؤ الإقراض هو تخوف البنوك من مخاطر الإقراض، لذا فهو يري أنه في حالة طول أمد الأزمة العالمية وتأثيراتها علي مصر فمن المهم أن يقوم البنك المركزي بضمان القروض لطمأنة البنوك، كذلك يجب أن تحدث بعض التعديلات في السياسات المالية إذا طالت الأزمة كتأجيل تطبيق الضريبة العقارية وعمل إعفاءات مؤقتة من الضرائب لتخفيف الأعباء في ظل الأزمة. وينبه د. رشاد عبده أستاذ الاقتصاد بالمعهد المصرفي إلي أن التعاقدات القديمة في مجالات كالنشاط السياحي قد تكون لعبت دورا مهما في مؤشرات النمو الإيجابية في الفترة الماضية وهي التعاقدات التي ليس متوقعا أن تستمر بنفس المعدلات في ظل معدلات البطالة المرتفعة في أسواق أمريكا وأوروبا وروسيا. كما يلفت إلي أن خطط الإنقاذ الدولية أسهمت في تحسن الأسواق العالمية الفترة الماضية وتخفيف وطأة الأزمة علي مصر إلا أن إنفاق الدول الكبري علي خطط الإنقاذ يهدد في المستقبل بتفاقم العجز في هذه الدول بما ينعكس علي الاقتصاد العالمي إلي جانب البطالة المتنامية في الاقتصاد العالمي. ويؤكد ضرورة اتخاذ العديد من الإجراءات لتنشيط النمو في حالة استمرار الأزمة لفترة أطول من حيث ضخ المزيد من النفقات وتخفيض الضرائب وخفض تكاليف التمويل ودعم القطاع المالي غير المصرفي والمشروعات الصغيرة وتسهيل الحصول علي الأراضي المرفقة.