نقيب المحامين الجديد حمدي خليفة قال في تصريحات لموقع المصريون أنه يستعد لتقديم مشروع قانون يعطي للمحامي حصانة قضائية مثل تلك التي يتمتع بها نواب البرلمان وأعضاء السلك الدبلوماسي والقضاة في مصر..! وبرر خليفة ذلك بأنه لن يقبل تعرض أي محام للاهانات داخل قسم الشرطة أو أن يتم التعدي عليه من قبل الضباط كما كان يحدث سابقا..! ومن حق نقيب المحامين أن يرفض وجود أي تجاوزات أو اعتداءات من ضباط الشرطة ضد أي محام، ومن حقه أيضا أن يتقدم ببلاغ رسمي باسم النقابة للنائب العام ضد الضابط الذي وقع منه الاعتداء لاتخاذ الإجراءات القانونية. ولكننا نري أن المطالبة بالحصانة القضائية للمحامين أمر فيه استثناء لا يخدم العدالة بقدر ما يحقق نوعا من المكاسب الخاصة لطائفة من طوائف المجتمع. فاليوم يطالب نقيب المحامين بحصانة لأعضاء نقابته وهم آلاف الآلاف من المحامين وغدا فإن نقيب الصحفيين من حقه أن يتقدم بطلب مماثل بدعوي أن طبيعة عمل الصحفيين وتحركاتهم تستدعي نوعا من الحماية والحصانة، ولا يستبعد بعد ذلك أن يأتي نقيب آخر لنقابة أخري ويسوق من المبررات والاسانيد ما يدعم وجهة نظره في الحصول علي الحصانة لأعضاء نقابته. وفي رأينا فإن الحصانة التي تمنح لبعض الجهات يتم اساءة استخدامها في بعض الأمور بما يشكل اخلالا في الحقوق والواجبات بين أفراد المجتمع الواحد..! فأن يوقف شرطي المرور مواطنا يقود سياراته بمعدل أسرع من السرعة المقررة ويقدم بتغريمه ثم يتجاوز عن نفس المخالفة مع مواطن آخر لأنه من أعضاء الهيئة القضائية مثلا فإن هذا نوع من التفرقة في تطبيق القانون بين المواطنين ولا علاقة له بفلسفة الحصانة فالقانون يجب أن يطبق علي الجميع دون استثناء..! وإذا كان نقيب المحامين يبحث عن ضمانات تؤمن للمحامي أداء رسالته فإن الأول والأجدر أن يتحدث ويبحث ويطالب بحقوق المجتمع ككل فالمعاملة التي يرجوها للمحامي أثناء وجوده في قسم الشرطة هي نفس المعاملة التي نطالب بها لكل مواطن تضطر الظروف إلي التواجد في أقسام الشرطة حيث يجب أن يشعر أنه في دار الشعب التي يجد فيها الأمن والأمان التي تساعده في الحصول علي حقه المشروع بطريقة آدمية متحضرة. اننا لا نريد أن ننتقل إلي مرحلة يتم فيها الحصول ما يعتقد أنه حق مشروع عن طريق الصوت المرتفع والضغط بأوراق انتخابية وسياسية ودغدغة مشاعر وتطلعات بعض الفئات لكي يسارعوا بالتجمع والتضامن معتقدين في شرعية وعدالة ما يقومون به وما يجب أن يحصلوا عليه من مكاسب وامتيازات حتي وإن كان ذلك علي حساب بقية أفراد المجتمع. ولا يفوتنا هنا أن نذكر نقيب المحامين بأن هناك الكثير من تجاوزات بعض المحامين وانتهاكم لقواعد وأخلاقيات المهنة فهل النقابة قادرة فعلا علي مراقبة تصرفات أعضائها، وهل ستستطيع في حالة حصولهم علي الحصانة أن تقوم فعلا بالحد من التصرفات المسيئة إلي المهنة أم أن المحاميين بامتلاكهم الحصانة وبخبرتهم ودرايتهم بالقانون سيكونون في هذه الحالة سلطة فوق كل السلطات لن يكون في مقدور أحد الوقوف أمامهم أو الحد من خروجهم علي تقاليد المهنة!! إننا جميعا يجب أن نتصدي لكل الدعوات التي تطالب بامتيازات لفئة دون أخري، وأن ينصب اهتمامنا وتركيزنا علي مفهوم ومعني الاصلاح بشكل عام، لأن اصلاح المجتمع وتدعيم حقوق الفرد والتأكيد علي واجباته والتزاماته هو وحده الكفيل بأن يكون هناك نوع من العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، فليس مقبولا منطقيا ولا اجتماعيا أن يحصل طالب في الثانوية العامة علي مجموع ضعيف ويلتحق بعدهابكلية من كليات الحقوق ليقضي فيها سنوات طويلة قبل التخرج وبعدها يلتحق بنقابة المحامين ويحصل علي حصانة قضائية ويكون ذا وضع اجتماعي متميز في المجتمع بينما خريج الطب الذي حصل علي أعلي درجات التفوق في الثانوية العامة وبذل جهدا هائلا في دراسته حتي تخرج طبيبا ليلقي به بعد ذلك بأمر تكليف العمل في القري والنجوع يتلقي كل أنواع اللوم والاهانات أحيانا من الأهالي الذين يحملونه مسئولية كل الأوضاع الصحية ولا يتمتع رغم ذلك لا بحصانة ولا حتي بمرتب مجز..! إن المحامين يجب أن يكونوا صوتنا لتحقيق العدالة والاصلاح في المجتمع قبل أن يبحثوا عن مكاسب فئوية تعمق فلسفة السادة والعبيد السائدة الآن..! Sayedelbably @ hatmail.com