شاركت 33 دولة عربية وأمريكية جنوبية في القمة التي بادرت قطر للدعوة إليها استكمالا لمسيرة العمل العربي اللاتيني التي بدأت قبل نحو أربع سنوات، حيث عقدت الدورة السابقة في البرازيل عام 2005، وكانت القمة الأولي قد شكلت نواة حقيقية للاهتمام بفرص التكامل الاقتصادي وتطوير شراكات الأعمال بين الجانبين. وقد ذهبت إلي برازيليا آنذاك لتغطية تلك القمة بدعوة من الجامعة العربية. وتابعت جميع المباحثات والمفاوضات حتي خروج القرارات. ومنذ ذلك الحين وحتي قمة الدوحة شهدت العلاقات بين دول الإقليمين نقلة نوعية في مجالات التعاون المختلفة، خاصة التعاون الاقتصادي، حيث انعقد اجتماعان لوزراء الاقتصاد: الأول في كيتو وصدر عنه إعلان كيتو.. وانعقد الثاني في الرباط وصدر عنه إعلان الرباط.. كما عقدت علي هامش هذا الاجتماع ندوة عن الاستثمار والتبادل التجاري وانطلق العمل في تنفيذ "خطة عمل الرباط" التي تبناها الاجتماع الوزاري الثاني لتنفيذ مشاريع اقتصادية مشتركة. وقد تضمنت اقتراحا بعقد مؤتمر لرجال الأعمال والذي انعقد علي هامش القمة الثانية للدول العربية وأمريكا اللاتينية في الدوحة ولكن تحت مسمي آخر "ملتقي أصحاب الأعمال". القطاع الخاص وتحظي هذه المبادرة للتقرب بين العرب وأمريكا الجنوبية باهتمام كبير من القطاع الخاص خاصة في دول أمريكا اللاتينية وينعكس ذلك في كثافة حضورهم فكان هناك أكثر من ألف رجل أعمال في المؤتمر الأول الذي انعقد في ساوباولو، منهم 300 من البرازيل فقط. لكن نلاحظ أن التنفيذ علي أرض الواقع خلال نحو ثلاث سنوات مازال أقل من التطلعات والتوقعات.. فبمقارنة تلك المحطات السابقة في هذه العلاقة وما أسفر عنها من نتائج وقرارات نلاحظ أن نفس التوصيات تقريبا التي قرأتها في المرة الأولي ورفعها مؤتمر رجال الأعمال إلي القادة في اجتماع القمة، تكررت للمرة الثانية أيضا في ملتقي أصحاب الأعمال، لأنها مازالت حبرا علي ورق، وتتمثل بالخصوص في المطالبة بالعمل علي تشجيع السياحة وتعزيز الروابط الجوية والبحرية، والتعاون في مجال التدريب وبناء القدرات، وتنشيط التعاون ايضا خاصة في مجال الطاقة والتعدين وقطاعي التمويل وأسواق رأس المال. كما أن رجال الأعمال في المنطقتين مازالوا يطالبون، وعلي امتداد الفترة الماضية، بإنشاء اتحادات مشتركة للغرف التجارية والصناعية والزراعية والخدمات واتحاد المستثمرين وإصدارتسهيلات وفقا للسياسات والتشريعات الوطنية من أجل منح التأشيرات لرجال الأعمال وتيسير حركتهم وتنشيط الأعمال التجارية بينهم. وكم تمنيت أن تكون العديد من التوصيات القديمة قد رأت النور منذ انعقاد القمة الأولي والمطالبة بها.. لكني وجدت نفس التوصيات تقريبا ترفع مرة أخري إلي القادة العرب واللاتينيين ولعل أهمها وعلي رأس أولوياتها تشجيع إنشاء مصرف عربي أمريكي جنوبي لتقديم التمويل للمشاريع المشتركة، إنشاء خطوط نقل بحري وجوي منتظمة لتسهيل انتقال البضائع والأشخاص وتنشيط التجارة البينية، إنشاء جامعة عربية أمريكية جنوبية وتطوير التعاون الأكاديمي بين الجامعات والمعاهد المتخصصة وإنشاء آلية لتعزيز تبادل الخبرات الفنية والعلمية، توقيع اتفاقيات بشأن المواصفات والمقاييس والجودة، إزالة العوائق التعريفية وغير التعريفية وفتح الأسواق، العمل علي إقامة المعارض بشكل دوري للتعريف بمنتجات الإقليمين ذات المزايا التفاضلية، وإنشاء موقع مشترك إلكتروني تنشر فيه الاتفاقيات المشتركة وفرص الاستثمار والقوانين المعمول بها في كل دولة باللغات العربية والإسبانية والبرتغالية. تلك كانت توصيات الملتقي الثاني لأصحاب الأعمال في الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية التي صيغت خلال يومين من العمل 29و30 مارس الماضيين، والتي تعبر عن رؤية القطاع الخاص لهذه القمة ومطالباته من منظور واقعي وملح لدفع العلاقات وإيجاد شركاء أقوياء لهم مصالح متقاربة في وجه العديد من التكتلات الموازية في العالم اليوم.