تحقيق - شيماء عثمان ومحمد محمود: يعاني العالم كله في الوقت الحالي من مشاكل بيئية متعددة بسبب التطور الصناعي خاصة في مجال النفط والصناعات الثقيلة بالإضافة إلي الأنشطة الاقتصادية المختلفة وينتج عن كل ذلك مخلفات سائلة أو صلبة أو غازية يكون لها تأثيرها المباشر علي اختلال التوازن البيئي وارتفاع درجة حرارة الأرض وغيرها من الآثار التي تعاني منها البشرية كلها. والأمر لا يتوقف عند المشاكل البيئية ولكن تؤكد الدراسات أن العرب يخسرون مبالغ طائلة بسبب عدم الاتجاه إلي إعادة تدوير المخلفات للاستفادة منها بالإضافة إلي حماية البيئة من آثارها السيئة. وقد قدرت دراسة اقتصادية حجم خسائر الدول العربية الناجم عن تجاهلها إعادة تدوير المخلفات بنحو 5 مليارات دولار سنويا، موضحة أن كمية المخلفات في الوطن العربي تبلغ نحو 89،6 مليون طن سنويا وتكفي لاستخراج نحو 4،3 مليون طن ورق بقيمة 2 مليار و145 مليون دولار وإنتاج 1،8 مليون طن حديد خردة بقيمة 135 مليون دولار بالإضافة لحوالي 75 ألف طن بلاستيك قيمتها 1،4 مليار دولار، فضلا عن 202 مليون طن قماش بقيمة 110 ملايين دولار وكذا إنتاج كميات ضخمة من الأسمدة العضوية والمنتجات الأخري بقيمة تتجاوز مليارا و225 مليون دولار. وذكرت الدراسة التي أعدها الدكتور أحمد عبدالوهاب - الحائز علي جائزة مجلس الوزراء العرب المسئولين عن البيئة - أن الخسائر العربية من إهمال تدوير المخلفات لا تتوقف عند حد قيمة المنتجات التي يمكن الحصول عليها من عمليات التدوير وإنما تمتد إلي تكلفة دفن هذه المخلفات ومقاومة الآفات والحشرات الناتجة عنها، موضحة أن الدول العربية تنفق في هذا المجال نحو 2،5 مليار دولار سنويا لمقاومة الأضرار الناتجة عن حوالي 1353 مليون طن من المخلفات الحيوانية و196،5 مليون طن من المخلفات الزراعية مقابل 18870 مليون متر مكعب من مياه الصرف الصحي، مشيرة إلي أن إجمالي ما يتم جمعه من هذه المخلفات لا يوازي سوي 50% من حجمها وأن تكلفة جمع ودفن هذه المخلفات تتجاوز 850 مليون دولار، فضلا عن 1،7 مليار دولار أخري لمقاومة الآثار الصحية والنفسية لتلك المخلفات. ووصفت الدراسة الاستثمارات العربية الموظفة في مجال تدوير المخلفات بصفة عامة والصلبة بصفة خاصة بأنها متواضعة ومحدودة ولا يتجاوز حجمها 200 مليون دولار وأن معظم هذه المشروعات لا تتجاوز كونها محاولات فردية وبإمكانات ضعيفة في الوقت الذي يجب فيه إنشاء صناعة متكاملة وقوية قادرة علي إعادة تدوير المخلفات والاستفادة مما تنتجه من ورق وزجاج وأسمدة وبلاستيك ومواد أخري يمكن إدخالها كمستلزمات إنتاج في صناعات عديدة. وأن صناعة تدوير المخلفات باتت من أهم الصناعات الواعدة في العالم حيث تستحوذ علي 28% من إجمالي الاستثمارات الصناعية في الولاياتالمتحدةالأمريكية و23% في بريطانيا و35% في ألمانيا. واقترحت الدراسة تأسيس شركة عربية قابضة برأس مال 300 مليار دولار لتدوير المخلفات وكذلك تبني طريقة متحضرة لجمع المخلفات تمهيدا لإعادة تدويرها فضلا عن تشجيع الدخول في مجال الاستثمار في تدوير المخلفات ودعم التجارب الفائمة في هذا القطاع والاستفادة من التجارب الناجحة للدول المتقدمة في هذا المجال. من أولويات القمة ويوضح حسن زكي حسن - رئيس الاتحاد العربي للبلاستيك - أن مشروعا قوميا لتدوير المخلفات والاستثمار فيها دعوة نادي بها الاتحاد العربي لسنوات عديدة مضيفا أنه تقدم بالمشروع لمجلس الوحدة الاقتصادية والجامعة العربية ومن ثم تم عرضه ضمن أولويات القمة الاقتصادية الأخيرة بالكويت، منوها إلي أن المشروع يهدف إلي جمع المخلفات خاصة بقايا البلاستيك حيث يعاد تدويرها للحصول علي مواد خام أولية، فنحن نسعي لجمع كل ما يوجد في الشارع من مخلفات بطرق جمع حديثة ويتم تدويرها بآلات ومعدات حديثة صديقة للبيئة تجعل هذه المخلفات صالحة للاستخدام الطبي والغذائي، والهندسي - مضيفا أن هذا المشروع يتم الإعداد له منذ عشرين عاما تقريبا وتم عمل دراسات جدوي له تكلفت ما يقرب من 5 ملايين جنيه، فالمشروع عربي ونأمل في أن تتبناه أي دولة عربية، مشيرا إلي أن المشروع واجهته مشاكل خلال ال 20 عاما الماضية ولم نتلق من الحكومة خاصة الحكومة المصرية سوي كلمات ترحيب وشهادات تقدير تؤكد أهمية دراسات الجدوي المعدة ولكن التنفيذ علي أرض الواقع لم يحدث والمشكلة الرئيسية في مثل هذا المشروع هي التمويل لأن المشروع ضخم ويحتاج إلي استثمارات كبيرة.