يمثل مشروع قانون الرقابة علي أسواق الأدوات المالية غير المصرفية خطوة مهمة في التشريع الاقتصادي للسوق المصري، حيث إنه يتواكب مع التوسع في إنشاء الكيانات الاقتصادية الكبري التي تجمع العديد من الأنشطة المالية ولا تخضع لرقابة البنك المركزي باعتبارها أنشطة غير مصرفية، فما تقييم الخبراء للقانون الجديد الذي حظي بموافقة مجلس الشوري ومازال متداولا في مجلس الشعب؟ ويهدف مشروع القانون إلي إنشاء هيئة موحدة للرقابة المالية غير المصرفية في مصر لتحل محل كل من الهيئة العامة لسوق المال، والهيئة العامة لشئون التمويل العقاري، والهيئة المصرية العاملة للتأمين، والهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة.. ويعتبر القانون أن للهيئة العامة للرقابة علي الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية شخصية اعتبارية عامة مستقلة وتحدد المادة الثانية نطاق اختصاص الهيئة الجديدة وذلك بالرقابة والإشراف علي الأسواق والأدواتن المالية غير المصرفية وما يتصل بها من أنشطة بما في ذلك أسواق رأس المال وأسواق السلع والعقود الآجلة وأنشطة التأمين والتمويل العقاري والتأجير التمويلي والتخصيم والتوريق. ويحدد القانون سلطات مجلس إدارة الهيئة ومنها وضع القواعد التنفيذية للتنظيم والترخيص بمزاولة الأنشطة ووضع قواعد التفتيش والرقابة علي الجهات والأفراد الخاضعين لرقابة الهيئة ويعطي القانون صفة الضبطية القضائية لموظفي الهيئة الذين يحددهم الوزير المختص ويصدر بهم قرار من وزير العدل. يقرل عباس عبدالعزيز عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب إن من ضمن الاستفسارات المثارة في المجلس حول القانون هو كيفية ضم هذه الهيئات الأربع ذات الأنشطة المختلفة في هيئة واحدة مشيرا إلي أن وزير الاستثمار فسر ذلك بأن العبرة بالإدارة والتنظيم القانوني وليس بطبيعة النشاط. ويري عبدالعزيز أن القانون لن يضيف جديدا للوضع القائم، مشيرا إلي أن القانون يركز علي التنظيم الإداري كنظام الرواتب وقواعد الاستعانة بالخبرات المحلية والأجنبية وتشكيل مجلس الإدارة ولا يركز علي تقديم آليات رقابية جديدة للسوق مما جعل القانون أقرب للتنظيم الإداري للهيئات الأربع عن تنظيم السوق نفسه. ويلفت عبدالعزيز إلي أن وزير الاستثمار يفسر تركيز القانون علي النواحي الإدارية بأن الوزارة قامت بالفعل بالعديد من الإصلاحاتن في قطاعي سوق المال والتأمين ولكن عبدالعزيز يري أنه مازالت هناك مشاكل قائمة في القطاعات المالية غير المصرفية تحتاج لآليات لمعالجتها. كما ينبه عبدالعزيز إلي ضرورة ألا يسهم توحيد الهيئات الأربع في المزيد من المركزية في القرار في القطاع المالي غير المصرفي، كما يلفت إلي أن القانون منح الهيئة استقلالية عن وزارة الاستثمار وجعل مجلس الإدارة لا يتغير قبل 4 سنوات متسائلا كيف يمكن مساءلة ومحاسبة مجلس إدارة الهيئة علي سياساته خلال هذه الفترة منبها إلي أن فترة السنوات الأربع قد تكون أطول من اللازم. مظلة رقابية فيما يري مجدي عفيفي عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشوري أن القانون سيسهم في إنشاء مظلة رقابية موحدة علي القطاعات المالية غير المصرفية في ظل تطور هذه القطاعات وتداخل انشطتها بشكل ملموس، لافتا إلي أن القطاع المالي غير المصرفي مازالت نسبة مشاركته في الاقتصاد ضعيفة وأنها من أكثر القطاعات المرشحة للنمو في الفترة القادمة. يضيف أن القانون سيسهم في تدفق المعلومات بين الهيئات الأربع بشكل مرن مما يساعد علي التخطيط لسياسات القطاع المالي غير المصرفي بشكل أفضل لافتا إلي أن القانون ينص علي أن أحد أعضاء مجلس إدارة الهيئة الموحدة للرقابة المالية أن غير المصرفية سيكون من البنك المركزي وهو ما سيوجد تنسيقا أكبر في السياسات بين القطاعين الماليين المصرفي وغير المصرفي علي المستوي القومي. كما يشير عفيفي إلي أن من مميزات القانون أن أنه سنشيء معهدا للتدريب علي التخصصات العاملة في القطاع المالي غير المصرفي وهو ما سيسهم في إثراء هذا السوق بالمزيد من الكوادر. وخلافا للرأي السابق يري عفيفي أن مدة مجلس الإدارة التي حددها القانون بأربع سنوات مدة ملائمة للقيام بدوره الإداري علاوة علي أن القانون لن يسهم في مركزية القرار في القطاع المالي غير المصرفي ولكنه سيجعل الهيئات الأربع تعمل في منظومة واحدة. لافتا إلي أن هناك العديد من الدول طبقت هذه التجربة وحققت نجاحا ملموسا كانجلترا واستراليا وأن الحكومة استرشدت بتجربة الأخيرة في صياغة القانون.