كان اعتراف المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة بحدوث تراجع كبير في الصادرات نتيجة الأزمة المالية العالمية دليلاً علي مدي التأثر الذي عانت منه جميع القطاعات المرتبطة بالعالم الخارجي بما فيها السياحة والاستثمار. تصريحات الوزير انطوت علي أنه لم يكن متوقعا في السابق أن تحدث تلك التطورات سريعا فالأزمة الحالية تعاني منها معظم الدول الكبري وعلي رأسها أمريكا والاتحاد الأوروبي وهما من أكثر الدول استقبالا للصادرات المصرية الأمر الذي استوجب معه ولمواجهة الأزمة البحث عن أسواق بديلة قادرة علي استيعاب المنتجات المصرية وفي أولوية المقترحات يأتي السوق السوداني نظرا للعلاقات الثنائية بين البلدين.. فالسودان تعتبر امتدادا جغرافيا طبيعيا لمصر هذا إلي جانب الطفرة الاقتصادية التي تعيشها السودان حاليا حيث ارتفعت معدلات النمو وما تبعه من ارتفاع في مستويات الدخول ومن ثم أصبح السودان سوقا جاذبا للصادرات المصرية ولكن هناك مشكلات عديدة تعوق تنمية هذه الصادرات أهمها مشكلات النقل، والتنخبط في القرارات بين المسئولين من الجانبين وآخر القرارات رفع الحظر عن دخول السلع المصرية للسودان مستقبلا وهذا الإجراء يأتي بعد قرار آخر صدر نهاية العام الماضي بشأن حظر دخول المنتجات الغذائية المصرية للسودان دون إبداء أسباب واضحة. حول السودان كسوق للصادرات المصرية ومدي استيعابها ونجاح تلك الفكرة أجرينا التحقيق التالي. يوضح محمد عبدالغفار عضو مجلس إدارة الجمعية الافريقية والمفوض العام للمجلس الاقتصادي الافريقي أن المنتج المصري بملامحه الاساسية والمتضمنة الجودة والسعر يحظي بقبول كبير في السوق السوداني ومنذ زمن بعيد، مضيفا أن هناك مقومات كثيرة تمثل حافزا أساسيا لزيادة حجم الصادرات المصرية للسودان فالمنتج المصري يعفي من الجمارك عند دخوله السوق السوداني نتيجة انضمام الدولتين لاتفاقية الكوميسا بالاضافة إلي ارتفاع مستويات الدخول للمواطنين السودانيين بعد النهضة الاقتصادية الحادثة حاليا وارتفاع معدلات النمو ومن هنا يمكننا الجزم بأن السودان أصبح من الدول التي يتهافت معظم المصدرين في جميع أنحاء العالم علي التصدير إليها فدول عديدة دخلت هذا السباق مثل تركيا، الصين، سويسرا،ايطاليا، السعودية، الأردن ودول الخليج، ورغم امتلاك مصر لميزة تنافسية تمكنها من منافسة هذه الدول للفوز بالسوق السوداني إلا أن السوق الحالي يشير إلي كون المنتج المصري وإلي الآن لم يستوعب بعد أن العالم قد تغير وأن السودان لم تعد كما كانت في الماضي دولة يصعب دخولها بسبب الفقر والحرب إلا أن دوام الحال من المحال وجغرافيا العالم قد تغيرت وباتت السودان حاليا مقصداً لجميع المصدرين. احتياجات السودان يوضح عبدالغفار أن المصانع المصرية غير مهتمة بإنتاج السلع التي يتطلبها السوق السوداني وخاصة قطاع المنسوجات والملابس الجاهزة ومعظم الصادرات المصرية في هذا المجال عبارة عن تي شرتات وجوارب وهي صناعات خفيفة لا ترقي لمستوي التصدير في الوقت الذي يدخل السوق السويسري والصيني كمنافس قوي لتصدير الثوب السوداني والذي يتم استهلاكه بكميات كبيرة. حوالي 15 مليون ثوب" في العام الواحد، ومن الصناعات المطلوبة أيضا الصناعات الصناعات الهندسية وخاصة الأدوات الكهربائية فالسوق السوداني كبير جدا ويستوعب كميات كبيرة منها ولكن الشركات المصرية المصدرة محدودة منوها إلي أن حجم الصادرات الأكبر والذي يستحوذ علي نسبة كبيرة من اهتمام المصدرين هو قطا الصناعات الغذائية خاصة المعلبات والألبان والجبن والشوكولاتة منوها إلي أن الشكل العام لحجم الصادرات المصرية للسودان لم يتقدم بالشكل المأمول فمازالت الأوضاع والمشكلات أقرب للصورة السابقة، فالطفرة الاقتصادية التي حدثت في السودان لم يستفد منها المصدرون المصريون حتي الآن فمازالت المشكلات السابقة تقف كحائط صد يحول دون التقدم في هذا المجال وأهمها تخبط القرارات غير المدروسة من الطرفين والتي توثر بشكل سلبي علي مصلحة المصدرين في الدولتين ويمكن حل هذه المشكلة من خلال عمل تواصل مستمر بين المصدرين والمستوردين لحل المشكلات بين الطرفين بأسرع وقت ممكن، مشيرا إلي أن تحديد أرقام الصادرات بين الدولتين يمثل أمرا صعبا لأن معظم التجارة حدودية وأرقامها غير مرصودة.