في مؤتمر عقد في إحدي العواصم العربية لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة من الأطفال القائمون علي المؤتمر قاموا عند انتهاء جلساته بتوفير سيارات لجميع الضيوف من المتحدثين والمحاضرين وقاموا أيضا بمنحهم مقابلا ماديا سخيا لقاء التحدث في الموضوعات المتعلقة بالإعاقة، ولكنهم أغفلوا تماما الأطفال من المعاقين فلم يوفروا لهم سيارات تنقلهم إلي بيوتهم وظل هؤلاء في أماكنهم وقتا طويلا قبل أن يتبرع البعض بتوصيلهم..! والواقعة تحكي وتروي قصة المعاقين من ذوي الاحتياجات الخاصة في عالمنا العربي والذين يتم المتاجرة بهم والإثراء علي حساب آلامهم وأوجاعهم..! فقد أصبحت هناك تجارة رائجة الان تحت مسميات مختلف ةتدور في إطار العمل علي مساعدة المعاقين وتقديم الخدمة لهم ومحاولة دمجهم في المجتمع. وفي السنوات الأخيرة فإن الكثير من المراكز المتخصصة قد أقيمت بهدف مساعدة المعاقين من ضعاف السمع أو فاقدي البصر أو الذين يعانون تخلفا عقليا أو أطفال مرض التوحد، ولكنها جميعا مراكز تتقاضي أتعابا ومبالغ كبيرة من المال لا يقدر عليها إلا الأثرياء الذين يصيبهم الملل والتعب أيضا من كثرة ما ينفقون. وهناك مغالاة واضحة في أسعار الأجهزة السمعية والتعويضية التي تباع للمعاقين، ولا يوجد عدد كاف من المتخصصين في هذه الأدوات الطبية لإصلاحها وصيانتها واستبدالها. وبعض الأطباء وأصحاب شركات هذه الأجهزة يبيعون الوهم لأسر الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة بإيهامهم أن شراء سماعة طبية للطفل الأصم علي سبيل المثال سوف تعيد إليه سمعه وتمكنه من الاستماع الجيد والذهاب إلي مقاعد الدراسة دون شرح حقيقة الموقف وهي أن هذه السماعة المرتفعة القيمة ليست أكثر من وسيلة تمكن الطفل من التعرف علي وجود أصوات في البيئة المحيطة به وأن هناك مرحلة أصعب فيما بعد تتمثل في ضرورة الحصول علي نوع راق من التدريب علي التخاطب يمكن الطفل من تمييز الأصوات والتفرقة بينها، وهذا النوع من التدريب مكلف للغاية وفي جلسات يومية ولا طاقة لأية أسرة عادية به. كما أن عدد الأطباء المؤهلين للتدريب علي التخاطب في دولة كبري مثل مصر لا يزيدون علي أصابع اليد الواحدة، ومع ذلك فإن مراكز التدريب علي الكلام والتخاطب أصبحت منتشرة في كل مكان وتستعين في ذلك بعدد من الذين حصلوا علي دورات متخصصة لا تكفي للقيام بهذا العمل البالغ التعقيد. كما أن هناك إهمالا ونقصا كبيرا في توعية الأهالي بكيفية التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة، فهناك أطباء لا يجدون حرجا في أن يخبروا والدي الطفل المعاق بأنه لا أمل في شفائه، وهناك أطباء لا يعرفون ما الخطوة التالية في العلاج.. وهناك قلة تحاول وحدها في الساحة دون إمكانيات حقيقية. ولابد هنا من الإشادة والتقدير بالسيدة سوزان مبارك التي أحدثت نقلة نوعية في الاهتمام بالأطفال المعاقين فلولا جهودها في هذا المجال وإصرارها علي متابعة قضاياهم وتوفير الرعاية الحكومية لهم لربما كان هؤلاء الأطفال وعائلاتهم قد استسلموا لليأس بأنه لا أمل ولا حق لهم في الحياة. ولكن الجهود الرسمية وحدها لن تكفي إذا لم يكن هناك دور مؤثر لمؤسسات المجتمع المدني في الضغط لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة وتوفير التعليم المناسب لهم بشكل علمي منظم. فالكثيرون من ذوي الاحتياجات الخاصة اثبتوا قدرات فائقة علي التركيز والتعلم واستطاعوا التفوق أيضا في مختلف المراحل الدراسية وتمتليء الجامعات الحكومية والخاصة بهم الآن، ولكن كل هؤلاء يعملون ويبذلون الجهد في إطار محاولات فردية بعيدا عن جهة أو مؤسسة تتولي حصرهم وتسجيلهم ومتابعتهم وتقديم العون والدعم لهم. إن العديد من الدول التي تحترم حقوق الإنسان وآدميته أقامت أو خصصت لجانا ومجموعات خاصة تتولي تسجيل ذوي الاحتياجات الخاصة والاتصال بالمؤسسات التعليمية وبالجهات ذات العلاقة لتوفير الرعاية لهم ومساعدتهم دراسيا وتقديم النصح لمدرسيهم في كيفية رعايتهم وتعليميهم فليس معقولا علي سبيل المثال أن يتم امتحان طالب لا يسمع في حصة إملاء ويقال بعد ذلك إنه قد رسب في الإملاء..! إننا ندرك أن الصورة تتغير مع زيادة أعداد ذوي الاحتياجات الخاصة وما يشكلونه من ضغط علي المجتمع، ولكن لكي تكون الصورة مدعاة للتفاؤل والأمل فإن هذه الفئات المنسية يجب أن تنال اهتماما إعلاميا خاصا لكي يدرك المجتمع حدود مسئولياته وواجباته نحوهم ولكي لا يكونوا موضوعا للمزايدة والاتجاربهم. ألفة السلامي زميلتنا واختنا العزيزة التونسية بنت البلد عاشقة مصر والمقيمة علي أرض مصر والتي شغلت منصب مدير تحرير العدد الأسبوعي ل "العالم اليوم"، الأستاذة ألفه السلامي غابت عنا عدة أسابيع بسبب المرض، واحتجب مع غيابها عمودها الأسبوعي الذي كان نبضاً من نبضات الشارع المصري وتفاعلاته. العزيزة ألفة.. شافاك الله ورعاك وإن شاء الله عودا حميما قريبا في أتم الصحة والعافية [email protected]