خرج أخيرا كبار منتجي ومصنعي ووكلاء السيارات في مصر من صمتهم لعلهم يتداركون ويحتوون ما أحدثته التصريحات المتضاربة خلال الفترة الأخيرة من تأثيرات سلبية علي سوق السيارات. فجروا مجموعة من المفاجآت ذات العيار الثقيل خلال مؤتمرهم الصحفي الذي عقد أمس الأول تمثلت في أن العامل النفسي والبلبلة التي شهدها سوق السيارات في الفترة الأخيرة أدي إلي التأثير الشديد للأزمة علي قطاعات السيارات بأكثر مما كان متوقعا في ظل معدلات النمو الاقتصادي وقالوا إنه نتيجة لما يشهده السوق لم يعد أحد يستطيع التكهن علي وجه الدقة بحجم سوق السيارات في مصر خلال 2009. مشيرين إلي توقعهم الحذر بأن يصل سوق سيارات الملاكي إلي نحو 180 ألف سيارة خلال 2009 بانخفاض قدره 10% عن عام 2008 والذي بلغ فيه حجم سيارات الركوب نحو 200 ألف سيارة. المفاجأة الثانية التي طرحها كبار المنتجين والوكلاء هو أن هناك مخزونا كبيرا من السيارات في دول الخليج من المخطط تصديره خلال الفترة القادمة إلي مصر وأنه لو ترك الوضع علي ما هو عليه (بدون إلغاء عمليات الاستيراد من غير بلد المنشأ) فإن هذا من شأنه أن يقضي علي كل من الصناعة المحلية والوكلاء وشبكة المودعين. المفاجأة الثالثة أن هناك مجموعة من الموضوعات محل التفاوض ما بين الحكومة ومصنعي السيارات من شأنها المساهمة في زيادة القدرة علي مواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية. وكانت المفاجأة الأكثر أهمية ما أشار إليه بعضهم من أن صناعة السيارات في مصر لم يحدث فيها تطوير خلال السنوات العشر الماضية حيث لم تقم المصانع بزيادة طاقتها الإنتاجية أو زيادة نسبة المكون المحلي علي 45% ولم يستطع أحد أن يقوم بالدخول في صناعة مكونات رئيسية مثل الهيكل الخارجي أو المحرك، لأن إنتاج هذه البنود يحتاج إلي استثمارات بالملايين من الدولارات وفي الوقت نفسه لا يبرر السوق حجم هذه الاستثمارات الضخمة. أخيرا أن منتجي ومصنعي ووكلاء السيارات لم يرفضوا ميثاق شرف جهاز حماية المستهلك وأن هناك حالة من الحوار ما بين الجهاز وبينهم حول مجموعة من النقاط والبنود غير المتعارف عليها دوليا وأن هذا الحوار لا يرقي إلي رفض الميثاق. وكان المؤتمر قد بدأ بما أعلنه م. صلاح الحضري الأمين العام للرابطة المصرية لمصنعي السيارات من انتهاء المناقشات ما بين أعضاء المنظومة المتكاملة للسيارات في مصر من مجموعة من التوصيات من المقرر رفعها إلي المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة خلال الأيام القليلة القادمة وتتضمن المطالبة بإعفاء مكونات السيارات الواردة من الخارج للمصانع من الجمارك ومنع استيراد السيارات من غير بلد المنشأ وذلك للحد من فاتورة الاستيراد العشوائي ودعم صادرات السيارات وفي الوقت نفسه إلغاء رسم التنمية علي الصادرات والذي يصل إلي 4% وتفعيل اتفاقية أغادير بالنسبة لباقي دول الاتفاقية (الأردن وتونس) وتأكيد الالتزام من قبل جميع الجهات الحكومية وقطاع الأعمال العام لشراء السيارات ذات الإنتاج المحلي ومراقبة التطبيق الصارم لهذا الالتزام. ومن جانبه أكد د. عبدالمنعم سعودي رئيس الرابطة المصرية لمصنعي السيارات أن الموظفين في شركات السيارات قلقون علي مستقبلهم مشيرا إلي أن الترقب من جانب المستهلكين لمزيد من الانخفاض في أسعار السيارات قاد إلي عزوف عن الشراء وهو ما لم يضر فقط بمصالح الشركات وإنما بمصالح العاملين في هذه الشركات. ومن جانبه أعلن د. روءف غبور عضو الرابطة المصرية لمصنعي السيارات عن تحديه لأي أحد يمكن له أن يعلن توقعات صريحة عن أي انخفاضات مستقبلية في أسعار السيارات، مشيرا إلي أنه شخصيا فشل في التفاوض مع 12 موردا لكي يخفضوا حتي ولو 0،1% من سعر السيارة. وأوضح أنه إذا كان قد حدث انخفاض في أسعار المواد الخام والبترول، إلا أنه من جهة أخري لا نستطيع أن نتوقع إلي متي سيستمر هذا الانخفاض وما إذا كان سيرتفع مرة أخري أم لا، فضلا عن التغير غير المتوقع في سعر العملة مشيرا في هذا الصدد إلي ارتفاع سعر الين الياباني أمام الدولار خلال الفترة الماضية بنسبة 20% مما رفع من سعر السيارات اليابانية وكشف عن أنه إذا كان المتوقع قبل الأزمة أن يصل حجم سوق السيارات في 2009 لنحو 300 ألف سيارة، فإنه من غير المتوقع أن يزيد خلال 2009 علي 180 ألف سيارة علي أحسن تقدير وكشف د. غبور عن أنه إذا كانت قروض السيارات خلال السنوات الست الماضية بمثابة قاطرة النمو لسوق السيارات حيث ساهمت بنحو 30% من حركة الشراء في السوق، فإن البنوك قد أحجمت في الوقت الراهن عن تمويل هذه النوعية لعدة أسباب موضوعية. وأكد أن المشروع الذي تنفذه حاليا وزارة المالية والمقرر له أن يدخل حيز التنفيذ اعتبارا من العام الجاري والخاص بإحلال نحو 37 ألف سيارة أجرة من شأنه أن يحدث توازنا في الطب علي سوق السيارات مشيرا إلي أنه من المتوقع علي الأقل أن تدخل 50% منها علي الأقل سوق السيارات خلال العام الحالي . ومن جانبه كشف د. أحمد فكري رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية عن استراتيجية لمستقبل صناعة السيارات في مصر يجري أعدادها حاليا بالتعاون مع هيئة التنمية الصناعية، مشيرا إلي أن الاستراتيجية تتضمن رؤية متكاملة لهذه الصناعة حتي نهاية 2020. وأضاف أنه من المنتظر التوصل إلي ملامح نهائية بشأن هذه الخطة بنهاية الشهر الحالي ورفعها للمهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة.