دخول ماليا.. وساشا البيت الأبيض، يعد أهم من دخول والديهما، فهما أول طفلتين من أصل أسود يدخلان هذا المكان كمقيمين.. وليس كزائرين، وستكونان أصغر من دخل البيت الأبيض منذ دخول "إيمي كارتر" ابنة الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر عندما دخلته وهي في التاسعة من عمرها..! شعور جميل أن "تسكن" في البيت الأبيض، وأجمل منه أن تقطنه بلا مسئوليات، ولعل هذا هو الآن شعور "ماليا" و"ساشا" أوباما، ابنتي الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما، ماليا لديها عشر سنوات، وساشا سبع فقط، وهما مرشحتان لأن يمضيا قسطا وفيرا من حياتهما بين جنبات المكان الأكثر رمزية في العالم، خاصة إذا ما رشّح أبوهما نفسه مجددا وأعيد انتخابه. لن تنشغل الفتاتان بمتاعب السياسة وصداعها، فتلك مهمة والدهما وفريقه، بل ستستمتعان برغد العيش واللعب علي حشائش البيت الأبيض، وتدليل كلبهما "المهجن" المتوقع شراؤه من أحد الملاجئ علي نحو ما صرح والدهما في مؤتمره الصحفي الأول الذي عقده عقب انتخابه وهما ستتقاسمان معا أحد أجنحة الدور الثالث في البيت الأبيض، وستنامان في نفس المكان الذي نامت فيه من قبل ابنتا الرئيس الحالي جورج بوش، باربارا وجيني، والذي نام فيه أيضا أبناء الرئيسين جون إف كيندي وجيمي كارتر في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي. وقد قامت سيدة البيت الأبيض الجديدة، ميشيل أوباما، بجولة هي الأولي من نوعها لها في البيت الأبيض بصحبة "السيدة الأولي" الحالية لورا بوش، وقد بدت منتشية بما حققه زوجها في السباق الرئاسي، وقد بدت طيلة الجولة التي استمرت لنحو ساعة منبهرة بالعالم الجديد الذي سوف تدلف إليه بحلول العشرين من يناير المقبل، وقد التقت بالشخص الأكثر أهمية في البيت الأبيض بعد الرئيس بوش وهو أدم ستيفن روكن، كبير طهاة البيت الأبيض، والمسئول عن تحضير حفلات العشاء والاستقبال. وهي "ميشيل" الآن تبدو مشغولة بالبحث عن مدارس مناسبة لماليا وساشا، وحبذا لو كانت مدارس "بيضاوية" أيضا، تنعم فيها الصغيرتان بالمرح واللعب والدراسة في آن واحد، ويبدو أن مدرسة "جورج تاون داي" الخاصة ستحظي باستضافة ابنتي الرئيس المقبل، نظرا لتاريخها العريق، بالإضافة إلي تشابهها مع المدرسة التي اعتادت ماليا وساشا الذهاب إليها في شيكاغو طيلة السنوات الماضية. وسوف تصل مصاريف الدراسة بهذه المدرسة إلي نحو 56 ألف دولار لكلا الفتاتين سنويا، في حين كان الرئيس الأمريكي جيمي كارتر آخر رئيس يرسل أطفاله إلي مدارس حكومية، وذلك بعد جدل كبير أثير آنذاك حول تدني مستوي الخدمة التعليمية في المدارس الحكومية. 33 غرفة وطابقان هما السكن الجديد للعائلة الصغيرة، ولعله يكفيهما لاستضافة أصدقائهما وأقاربهما الذين كافحوا معهما طيلة الحملة الانتخابية والاستمتاع بالجلوس علي آرائك البيت الأبيض التاريخية. ولعل المشكلة الوحيدة التي قد تواجه ماليا وساشا هي البحث عن أصدقاء جدد في العاصمة واشنطن، حيث ستتركان أصدقاءهما في شيكاغو، ومن المتوقع أن تنتقل معهما جدتهما لأمهما، ماريان روبنسون، وهي ترتبط بعلاقة قوية مع ماليا وساشا وكانت مسئولة عنهما طيلة الفترة التي انشغل فيها والداهما بالحملة الانتخابية علي مدار العامين الماضيين. وخلال الحملة الانتخابية كان أوباما وزوجته يصران علي اصطحاب ماليا وساشا معهما، وخلال المؤتمر الحزبي الأخير الذي عقد في أغسطس الماضي بمدينة دنفر بولاية كلورادو قامت الفتاتان بتحية الجمهور مع والديهما من فوق خشبة المسرح، وأثناء إلقاء والدتهما لكلمتها، أصرت الفتاتان علي توجيه التحية لوالديهما عبر "الفيديو كونفرانس" وكان ذلك مشهدا رومانسيا أثر في الكثيرين، وأضاف بعدا إنسانيا علي حملة باراك أوباما. وستتمتع الفتاتان بحماية مشددة وذلك علي غرار ما يحدث دائما مع أبناء الرؤساء، ولكن مع عناية خاصة لأنهما ابنتا أول رئيس أمريكي من أصول أفريقية، مما يلقي عبئا مضاعفا علي طاقم الحماية الخاصة بهما نظرا لحساسية هذا الأمر، وعدم اعتياد الأمريكيين عليه. ستدخل ماليا وساشا البيت الأبيض عما قريب، وذلك كما دخل والدهما التاريخ من أوسع أبوابه، وسيكون لكل منهما جناح رئاسي تستمتع به، وسيبدو الأمر لهما كما لو أنه حلم وردي، بل بالأحري هو أقرب لفيلم سينمائي لم يكن لمخرجي هوليود أن يفكروا فيه من قبل.