رغم أن حكومات العالم قد وعدت حتي الآن بتخصيص أكثر من 6 تريليونات دولار لإنقاذ بنوكها المتداعية فإن هذا لن يكون هو نهاية المطاف مادامت الأزمة المالية مستمرة في الانتشار ونقل عدواها إلي الاقتصاد "الحقيقي" ودفع المزيد والمزيد من الدول إلي معاناة الركود وذلك لأن المزيد من الصناعات سوف تصطف أمام الخزائن مطالبة بنصيبها من العون. وتقول مجلة "نيوزويك": البداية جاءت من أن صناعة السيارات الأمريكية التي طلبت 25 مليار دولار لم يتخذ الكونجرس قرارا بشأنها حتي الآن.. كذلك طلبت شركات صناعة السيارات الأوروبية مساعدة مالية حجمها 50 مليار دولار.. أما الشركات الاسترالية فقد حصلت فعلا علي 2.3 مليار دولار. وحتي شركات السيارات الصينية التي صدمها تقلص النمو في الصادرات والمبيعات الداخلية دخلت هي الأخري علي الخط وطلبت العون من حكومتها. وتشير الأرقام إلي أن الحكومات المختلفة كانت قد وعدت من قبل أو لاتزال تدرس إمكانية منح شركات السيارات الوطنية أكثر من 70 مليار دولار لتجديد مصانعها بهدف إنتاج سيارات أكثر كفاءة في استهلاك الوقود. وعلي عكس الضمانات المالية التي قدمت للبنوك والتي كان تقديمها ضروريا لمنع حدوث انهيار مالي عالمي فإن العون المقدم لشركات السيارات سرعان ما تحول إلي سباق للدعم بصورته التقليدية التي تمنحها منظمة التجارة العالمية. حقا ان هذا الدعم سيخفف الألم خصوصا إذا وضعنا في الاعتبار حجم صناعة السيارات العالمية وسلاسل صناعة المكونات المرتبطة بها وسرعة تدهور الأوضاع الاقتصادية ولكنه للأسف لن يساعد صناعة السيارات علي حل مشكلاتها القديمة. خصوصا إذا وضعنا في الاعتبار الضربة الثلاثية التي تلقتها هذه الصناعة من جراء ارتفاع أسعار المحروقات وأزمة الائتمان ثم الركود الراهن وهو ما أدي إلي أكبر انكماش للطلب علي السيارات منذ عشرات السنين. وتقول أرقام شهر أكتوبر إن مبيعات السيارات في السوق الأمريكي هبطت 32% وفي أوروبا 15% بالمقارنة إلي ذات الشهر من عام 2007. والحقيقة أن الوضع بالغ السوء فمع لجوء البنوك إلي تقييد الائتمان لإنقاذ نفسها لم تعد شركات السيارات أو المكونات تجد التمويل اللازم لعملياتها. وقد وقف ريك واجونير الرئيس التنفيذي لشركة جنرال موتورز GM. J.D باور انهيارا كاملا في الطلب علي السيارات خلال عام 2009 في حين يتوقع بعض المحللين أن ينخفض الطلب في السوق الأمريكي بنسبة 30% أخري خلال العام القادم. ونظرا لأن الائتمان السهل الذي كان يحصل عليه كل من يريد أن يقترض قد أوجد فقاعة في سوق السيارات بنفس حجم فقاعة سوق المساكن فإن قلة فقط من المحللين هم الذين يتصورون إمكانية عودة الطلب علي السيارات إلي الانتعاش في وقت قريب. وإذا وضعنا في الاعتبار وجود مصانع سيارات كثيرة أخري لاتزال تحت الإنشاء فإن هذا يزيد الصورة سوءاً. والنتيجة أن طاقة الإنتاج العالمية الزائدة في صناعة السيارات ستناهز 30% أي نحو 29 مليون سيارة بلا طلب عام 2009. وفي ظل مثل هذه البيئة اتعتقد شركات السيارات الأوروبية والآسيوية انها ستواجه منافسة أشرس من جانب شركات السيارات التي تدعمها الحكومات. ومنذ أيام دخلت أوبل الألمانية التي تملكها جنرال موتورز الأمريكية في مفاوضات مع الحكومة الألمانية للحصول علي ضمانات قروض قيمتها 1.3 مليار دولار لحماية نفسها من مأزق الشركة الأم. وفي إيطاليا حذر سيرجيو مارتشيوني الرئيس التنفيذي لشركة فيات من أن سعي الشركات الأوروبية والأمريكية وراء الدعم الحكومي أمر غير عادل ويشوه المنافسة. وقال أمام جمع من رجال الصناعة في تورينو إن هذا أمر لا تقبله شركة فيات. وفي بروكسل هدد جوزيه باروزو رئيس المفوضية الأوروبية بشكوي واشنطن لمنظمة التجارة العالمية إذا هي قامت بدعم شركات السيارات الأمريكية. وعموما فإن هناك حتي الآن تردد أمريكي في تقديم دعم صريح لشركات ديترويت الثلاث جنرال موتورز وفورد وكرايزلر. كما أن موقف فرنسا غير واضح ولكن كليمنز شمتز يوستن المدير التنفيذي السابق لشركة BMW.