العقارات هي الابن البار كما يطلق عليه البعض إيمانا بأن احتمالات انخفاض أسعارها عادة ما تكون "معدومة" وأن الاستثمار فيها من أكثر الاستثمارات أمانا، والعقارات الفاخرة كانوا أبناء بررة للغاية في الفترة الماضية حيث ارتفعت هوامش ربحيتها إلي معدلات قياسية وتزايد الطلب عليها في ظل الدعاية الإعلامية المكثفة للتجمعات السكنية الفاخرة والمدن الجديدة، إلا أن ثمة "عقوقاً" للإسكان الفاخر بدا ملموسا في الفترة الأخيرة في ظل تباطؤ مبيعاته تأثرا بتبعات الأزمة المالية العالمية علي السوق المصري، فهل يوجه المستثمرون العقاريون نظرهم للفئات متوسطة ومنخفضة الدخول في الفترة القادمة؟ هذا هو السؤال الذي طرحناه علي الخبراء والمحللين في هذا التحقيق. لم ينكر أحد من الخبراء العقاريين الذين استطلعنا آراءهم في هذا التحقيق تباطؤ سوق العقارات السكنية الموجهة إلي الفئة مرتفعة الدخل، وتكشف دراسة حديثة لشركة فاروس أعدتها سها النجار رئيسة البحوث بالشركة عن حقائق هذا السوق واسباب تباطوئه، حيث تشير الدراسة إلي الدور الكبير الذي تلعبه المضاربات في هذا السوق لافتة إلي أن حجم العرض في السوق يقدر ب 40 ألف وحدة سنويا وحجم الطلب 15 ألف وحدة وعلي الرغم من أن العرض أكبر من الطلب إلا أن الأسعار كانت تتجه إلي الارتفاع، علاوة علي أسعار العقارات التي لم ينته بناؤها بعد ترتفع علي أسعار العقارات المنتهية بالفعل وأسعار الأراضي في بعض المناطق تعد 4 أضعاف سعرها العادل، وعلي الرغم من ارتفاع أسعار مواد البناء قبل انخفاضها الأخير وكذلك ارتفاع أسعار الأراضي إلا أن هوامش ربحية الشركات العقارية كانت تتحسن لأن ارتفاع أسعار مواد الانتاج كان يتم تحميله علي المستهلك إلا أن الدراسة رصدت مؤشرات عدة تدلل علي تباطؤ مبيعات الإسكان الفاخر في الوقت الحالي.. وتشير الدراسة إلي أن هناك حوالي 5 ملايين وحدة مطلوبة في السنوات العشر القادمة في الوقت الذي يصل فيه حجم الإسكان غير الرسمي في مصر إلي 65% من إجمالي المعروض من السكن وهي أعلي من النسبة في المكسيك 51% وأعلي من دول عربية كتونس 29% والأردن 16% والجزائر 4% علاوة علي أن نسبة قروض الإسكان للناتج المحلي الإجمالي أقل من 3% وحجم سوق الرهن العقاري وصل في نهاية 2007 إلي 3000 مليون جنيه بما يمثل أقل من 3.0% من الناتج المحلي الإجمالي. وقالت سها النجار بناء علي نتائج هذه الدراسة فهناك فرص جذابة للاستثمار في العقارات الموجهة للفئة متوسطة الدخل والتي يرتفع فيها حجم الطلب علي الإسكان، بينما الفئة منخفضة الدخل فمن الضروري أن تتدخل الدولة لدعم مشروعات الإسكان الموجهة لهم. بناء الفيلات ولا يختلف حسين صبور رئيس شركة الأهلي للاستثمار العقاري مع الرأي السابق حول تباطؤ السوق العقاري الموجه إلي الفئة مرتفعة الدخل في الفترة القادمة معلقا بقوله: "كفانا بناء فيلات فالمعروض للشرائح العليا يكفي ويزيد علي الطلب الحقيقي". أضاف أن الاتجاه القوي لشراء الفيلات في الفترة السابقة كان مدفوعا باغراض استثمارية في ظل الارتفاع المتنامي في أسعارها مما كان يجعلها مخزنا للقيمة. يشير إلي أن المشروعات الكبري التي مازالت في مرحلة الإنشاء قد تواجه أزمات في التمويل في ظل تباطؤ الطلب في الفترة القادمة لذا فعليها أن تعتمد علي بيع ما تبنيه وأن تسير بمعدلات أبطأ في الانشاء تتناسب مع الظروف الحالية. ويري صبور ضرورة أن تتجه شركات الاستثمار إلي توجيه اهتمامها للإسكان المتوسط وفوق المتوسط وتحت المتوسط بحسب تعبيره. ويري صلاح حجاب رئيس لجنة الإنشاء بجمعية رجال الأعمال أن طبيعة العرض والطلب في مصر تدلل علي أن شركات الاستثمار العقاري لم تدرس حقائق السوق، حيث إنه من المفترض أن تخصص كل أسرة 25% من دخلها للحصول علي السكن ايجارا أو تمليكا ولكن واقع الأسعار في السوق لا يحقق هذه النسبة للكثيرين، معتبرا أن الدعاية الإعلانية لعبت دورا مهما في تسويق مشروعات سكنية لم يتم بناؤها بعد خلال الفترة الماضية إضافة إلي أن الكثيرين كانوا يقبلون علي شراء العقارات المعروضة في المشروعات الكبري بهدف "المضاربة".