الولايات المتحدة مقدمة علي الكثير من الأعمال الضخمة التي ربما تحولها إلي ورشة بناء ضخمة، وفيما يعدّ جزءا من مخطط إنفاق ضخم يستهدف إعادة الاقتصاد إلي السكة، سيتم إنفاق مئات المليارات من الدولارات لبناء طرقات جديدة وجسور وقطارات ومدارس ومنشآت توليد طاقة كهربائية وخطوط أنفاق ومنازل تعمل بالطاقة النظيفة والفعالة، والتفاصيل حول هذا المشروع الضخم شحيحة، والأرقام تتراوح بين 300 مليار دولار وضعفها أو أكثر منها بقليل، وتتضمن أيضا إجراءات تستهدف تحفيز الاقتصاد، مثل خفض الضرائب والتشجيع المالي للاستثمار، قال الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما، إنّ تلك القرارات "ستخلق وتحافظ علي مليونين ونصف المليون وظيفة، منها سيعاد بناء طرقاتنا وجسورنا السيئة، وتحدّث منازلنا، وتخلق بنية الطاقة النظيفة الصالحة للقرن الحادي والعشرين" وفي الوقت الذي يبدو فيه الجزء المتعلق ب"الحفاظ" علي الوظائف، والذي تحدث عنه أوباما قابلا للنقاش الواسع، لاسيما أنه من المستحيل التكهن برقم محدد للوظائف التي سيتم فقدانها، في حال لم يستجب الاقتصاد لخطة التحفيز - يقول الخبراء أن الرئيس المقبل يبدو بصفة عامة أنه في طريقه نحو الهدف، وقال كبير الاقتصاديين في جي بي مورجان، جيم جلاسمان، إن "العدد يبدو كبيرا، ولكنه ليس غير واقعي، حيث إن الاقتصاد إذا لم يكن في حالة انكماش يوفر بين 1،5 مليون ومليوني وظيفة كل عام"، ورغم أن جلاسمان يعتقد أن الجزء المتعلق بخفض الضرائب سيسمح بتوفير غالبية الوظائف، يأمل الكثيرون أن يحذو الجزء المتعلق بتطوير البنية الأساسية حذوه، في ميدان النقل مثلا، كشفت كارثة "مينيسوتا" العام الماضي عما يبدو من الضروري القيام به في هذا الصدد، وقال مدير النقل والفضاء والتكنولوجيا في مؤسسة "رند"، مارتن واكس: "إعادة تهيئة الطرقات وتقوية الجسور هي أمور مهمة جدا، ويتعين القيام بها.. إنه أمر يشبه معالجة الكثير من الحاجات المتراكمة"، ومن دون شك فإن تراكم تلك المشاريع التي كان ينبغي القيام بها من قبل أمر مؤكد، ومن المحتمل أن يكون نحو 3000 مشروع، تقدر كلفتها بأكثر من 18 مليار دولار، وستوفر نصف مليون وظيفة، بصدد الانطلاق في غضون 90 يوما، وفق مسئولين في إدارة الطرق والجسور، ومن المحتمل جدا أن تضخ الإدارة الفيدرالية الأموال الضرورية للولايات التي بدورها ستعطي إشارة الانطلاق لتلك الورش، وعلي المدي الطويل، يري خبراء، أن إنشاء ممرات نقل تكون مرتبطة بالطرق السريعة وقطارات الأنفاق والسكك الحديدية السريعة ومنشآت حيوية أخري، سيعطي دفعة جيدة للاقتصاد، ليس فقط بتوفير وظائف عند إنشاء تلك المشاريع، ولن بتسريع وتيرة التجارة أيضا، وقال الخبير في مشاريع البنية الأساسية، جون كوجن: "إذا طلبت رأيي فيما ينبغي أن تنفق الأموال عليه، فلن أجد أفضل من ذلك، حيث أن هذه المشاريع ستجعل الاقتصاد بمثابة المحرك الكبير الذي لن تستطيع إيقافه"، غير أن هذا الرأي لا يبدو قابلا للحصول علي الإجماع، ليس بسبب أن البلاد لا تحتاج إلي طرق وجسور جديدة، ولكن لأن هذا النوع من المشاريع يتطلب الكثير من الوقت للنهوض والبدء في توفير الوظائف علي المدي القصير، وزيادة علي ذلك، فإنها تستغرق أعواما، ولذلك في حال تراجعت وتيرة الاقتصاد في ظرف قصير الأمد، فإنها قد تضع مزيدا من الأعباء علي كاهل التضخم والسيولة وسوق العمل أيضا، ويري كبير الاقتصاديين في غرفة التجارة الأمريكية، مارتن ريجاليا، أن "هناك أمرا وحيدا سيكون صالحا للاقتصاد: إنه وضع المال في أيدي المستهلكين، "أما الجزء الآخر في خطة البنية الأساسية فيتعلق بالطاقة، وهو الملف الذي كشف فيه أوباما عن خططه منذ أعلن نيته خوض الانتخابات الرئاسية، وفي الوقت الذي لم يضف فيه مستشاروه شيئا بخصوص ما سبق أن عرضه في حملته الانتخابية، إلا أن الدلائل تشير إلي أن الطاقة قد تصبح حجر الأساس في خطة التحفيز، ولجعل وعود أوباما بتوفير 2،5 مليون وظيفة في الأجل الذي حدده بنفسه أي عامين، قابلا للتحقيق، يقول خبراء إنه يتعين علي الحكومة أن تركز علي مشاريع الطاقة، وهذا يتضمن مثلا مشاريع تتعلق بمسخنات المياه العازلة، وتغيير النوافذ والاتجاه نحو مزيد من التجهيزات الأكثر فعالية ونظافة، في هذا الصدد، يقول الخبراء إن هناك جيشا من العاطلين القادرين علي العمل في هذا الميدان بصدد الانتظار، هذا إضافة إلي مشاريع أخري مثل تغيير أنظمة الطاقة البديلة، وتوفير خطوط كهرباء قادرة علي شحن كميات أكثر من الطاقة وغيرها، وهو ما يجعل من خبراء متفائلين بصدد واقعية الرقم، والأجل الذي تعهد به أوباما وتعهد الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما الثلاثاء الماضي بالتدقيق في الموازنة الفيدرالية "صفحة بصفحة وسطرا بسطر" لإزالة بنود الانفاق الزائد عن الحاجة وإعادة الاقتصاد لسالف انتعاشه.