نسمع دائما عن إدارة الأزمات مع وقوع كل كارثة.. وما نسمع عنه لا نراه، ورغم وجود إدارة خاصة بهذا المعني في مجلس الوزراء لم يسمع أحد عن دورها في العديد من الكوارث التي تنبأ بها كثيرون قبل وقوعها ومنها الكارثة الأخيرة في منطقة الدويقة بالمقطم. وتتكرر الاسطوانة.. ويعاد نفس المشهد ونفس التصريحات بلا خجل. ونطرح في هذه السطور اجابات حول سؤال طرحناه: أين إدارة الازمات في مصر، وفي الوقت الذي نفخر فيه بدور القوات المسلحة في كل أزمة نسأل: ولماذا لا يكون نفس المستوي لديها موجوداً في كل جهاز مسئول عن إدارة الأزمة بداية من التنبؤ بها وحتي معالجتها عند حدوثها. وبكل مرارة كانت هذه السطور: وكما يري د.فرج عبدالفتاح وكيل اللجنة الاقتصادية بحزب التجمع وأستاذ الاقتصاد بكلية السياسة والاقتصاد جامعة القاهرة أنه لا توجد إدارة للأزمات في مصر موضحا أن إدارة الأزمة في حاجة ماسة إلي تطوير شامل بحيث تكون هناك مراكز للتنبؤ بالأزمات إلي جانب إدارات للتعامل مع هذه الأزمات فور وقوعها وتكون مهمة مراكز الاستشراف والتنبؤ في العادة تلافي حدوث الأزمات وتنتقل الأزمة بعد حدوثها إلي إدارات متخصصة للتعامل حسب طبيعتها. ويوضح الدكتور عبدالفتاح أن الاهتمام بمفهوم إدارة الأزمة سواء كانت هذه الأزمة متمثلة في حدث مادي كانهيار جبل ونشوب حريق أو توزيع سلع غذائية كرغيف الخبز لابد أن يستكملها إدراك متنام بطبيعة الأزمة التي تفرض بدورها طريقة المواجهة ووضع الحلول لتلافي تكرار تلك الكارثة وهو الأمر الذي يتطلب بدوره تحديد التصور الكلي عن الهيكل المؤسسي لأجهزة إدارة الأزمة وطبيعة المهام المنوطة بها، والتساؤل الآن: هل يمكن أن يقوم جهاز واحد بالتعامل مع جميع الأزمات مع اختلاف أشكالها وطبيعتها أم من الأفضل أن يكون بداخل كل وحدة إدارية وكل وزارة إدارة متخصصة للتعامل مع الأزمات؟! ويعرب عن أسفه لأن الواقع يشير إلي أن هذا المفهوم لا يزال في نطاق الدراسة والبحوث الأكاديمية ولم يعرف بعد طريقه للنور مضيفا أن بعض الكليات المصرية قد أنشأت بالفعل دبلوم دراسات عليا لإدارة الأزمات وهناك اهتمام أكاديمي بتلك المسألة وهو ما يسجل لصالح الباحثين المصريين ولكن الأهم من ذلك هو عدم خروج هذه الدراسات للمناقشة من المجتمع والعمل علي تطبيقها. ويوضح د.محمد يوسف رئيس مركز الدراسات التجارية جامعة القاهرة أن أهم بند في إدارة الأزمات هو توافر في المعلومات حيث لا يمكن ايجاد إدارة للأزمات دون قاعدة معلوماتية عن المشكلات والكوارث المتوقع حدوثها بالاضافة إلي ضرورة توافر خبراء في الوزارات المختلفة بحيث يمتلكون القدرة علي التعامل مع هذه الأزمات المحتمل أن تقابلها الوزارة ويشير علي سبيل المثال إلي "منطقة المقطم" ويتساءل ما هو الموقف علي المستوي القومي ويقول إنه يمكن الاجابة علي السؤال عن طريق خبراء في الجولوجيا في أماكن متعددة لديهم حجم ضخم من المعلومات عن الطبيعة الجيولوجية لهذه المنطقة وكان يجب دراسة هذه المعلومات ووضعها في ملفات والعمل بخطة مستقبلية عن طريقها والاجابة علي الأسئلة المطروحة مثل ماذا يحدث لو كان في المنطقة نسبة عشوائيات كبيرة؟ وماذا يحدث في حالة حدوث تسرب للمياه؟ ويؤكد د.محمد يوسف أنه كان يجب منذ البداية العمل علي عدم ايجاد اللازمة فعلي سبيل المثال الآن يبرر المسئولون الأمر بأن المنطقة عشوائية مما أدي إلي الكارثة ولكن السؤال الأهم هو: لماذا ترك المسئولون هذه العشوائيات تتزايد بهذا الشكل؟ ولماذا لم يتم توفير البديل الملائم؟! مضيفا أن العشوائيات قنابل موقوتة في الصرف والمياه ووسائل الحريق والبنية التحتية فالشوارع ضيقة جدا وسيارات الحريق لا يمكنها الدخول لهذه المناطق ويشير إلي أن الأمر لو تطلب ضرورة الابقاء علي هذه العشوائيات بحجة عدم وجود بدائل فيجب علي الأقل تنظيمها. ويوضح يوسف أن القضية ليست إدارة الأزمة فقط بأي طريقة وتحت أي ظروف ولكن الأمر يتطلب الدراسة الدقيقة عن طريق مسئول إداري صاحب فكر استراتيجي لديه القدرة علي التعامل مع المعلومات واستغلالها لحل الأزمة مشيرا إلي أن هذا لم يحدث في التعامل مع كارثة الدويقة فكل الأجهزة المعنية بالدولة لديها معلومات مسبقة ومنذ سنوات عديدة والمنطقة آهلة للسقوط فلماذا لم يتم عمل سيناريوهات عن كيفية التعامل مع الأزمة قبل وبعد حدوثها خاصة وأن هناك الكثير من الدراسات في مراكز البعوث التي حذرت من وجود مشكلات عديدة في البناء في منطقة المقطم ورغم ذلك لم تتحرك الدولة، كما ان الأداء بعد حدوث الأزمة يشوبه التخبط سواء في حصر عدد الضحايا أو عدد السكان المقيمين في المنطقة أو في طريقة توعية الناس بالتعامل مع الأزمة بشكل سريع.