= فى حريق الشورى حضر رئيس الجمهورية والوزراء وفى كارثة المقطم حضر محافظ القاهرة فقط. = رجال الأعمال تبرعوا لمجلس الشورى بالملايين وفى كارثة المقطم لم نسمع لهم صوتا. = ذهب جمال مبارك إلى فقراء الصعيد بينما فقراء الدويقة الأقرب إليه. = إذا كنا فى كل كارثة نستعين بالقوات المسلحة..فلماذا ندفع مرتبات لرئيس الوزراء والوزراء والمحافظين؟ = للصائم دعوة لا ترد..فلماذا لايدعون أهالى الدويقة والوطن على من ظلمهم. = بضعة كيلومترات فقط هى المسافة التى تفصل بين مبنى مجلس الشورى بشارع قصر العينى وبين منطقة الدويقة العشوائية الواقعة فى جبل المقطم، والتى استيقظ أهلها على كارثة مروعة عندما سقطت صخور الجبل على بيوتهم اللبنة فسوتها بالتراب. = وشهر واحد فقط..هو الفارق الزمنى الفاصل بين حريق مبنى مجلس الشورى الذى طالع المصريون مأساة حريقه وبين كارثة الدويقة، ورغم صغر المسافة مكانا وزمانا بين الحادثتين إلا أن تعامل الدولة معهما كان علامة فارقة على أن الوطن أصبح وطنين وليس بلدا واحدة تضمنا جميعا. (1) فور وقوع حريق الشورى هرع كبار رجالات الدولة إلى موقع الحدث، فوجدنا فى صدارة المشهد رئيس مجلس الشورى ورئيس مجلس الشعب ورئيس الوزراء وغالبية الوزراء إن لم يكن جميعهم، وكان أقل مستويات السلطة حضورا هم السادة المحافظين. على العكس من ذلك كان مستوى الحضور الرسمى هزيلا فى كارثة المقطم وكانت أعلى المستويات الرسمية حضورا هو عبد العظيم وزير محافظ القاهرة بل كان المسئول الوحيد الذى حضر، لذا ركزت وسائل الإعلام والفضائيات كاميراتها عليه ليتحدث (ليته لم يتحدث وتلك قصة أخرى). فى حريق الشورى لم تكن ملابس السادة رؤساء مجالس الشعب والشورى والوزراء مهندمة وكذلك شعر الرأس، ولعله الحادث الوحيد الذى أرى فيه حال المسئولين وملابسهم وشعورهم غير مهندمة أو متناسقة، حيث كانت صورهم فى كل كارثة وهم يرتدون أفضل الأزياء وأذقانهم حليقة ولم يحدث مرة واحدة ولو على سبيل التغيير أو الخطأ أن رأيناهم فى صورة غير مهندمة إلا فى حادثة حريق الشورى. فى كارثة الدويقة اختفى المسئولون كلية ولم يظهر منهم سوى محافظ القاهرة بينما تكالبوا حضورا فى حادثة الشورى، ومع عظيم احترامنا لمبنى الشورى الأثرى فإن بقاء مواطنا على قيد الحياة لا يمكن مقارنته فى الأهمية ببقاء مبنى، وأن تنهار الأهرامات بأكملها وبجلالة قدرها فى سبيل إنقاذ حياة مواطن لهو الأهم، بل يجب أن يكون هذا هو الشغل الشاغل لأى حكومة تحترم مواطنيها. ويلح علينا هنا سؤال نراه طبيعيا ومنطقيا وهو:لماذا ذهب رئيس الجمهورية فى اليوم التالى لحريق الشورى لتفقد حال مبنى المجلس بينما لم يذهب إلى أهالى الدويقة الفقراء؟على الأقل لمواساتهم فى هذا الشهر الكريم؟ ماهو الأهم:المبنى أم الناس؟ ما هو جدول ترتيب الأولويات لدى الدولة:هل هو إعادة بناء مجرد مبنى وإنفاق عشرات الملايين على إنشائه أم تسكين وإعاشة فقراء الوطن فى الدويقة؟ (2) فور وقوع حادثة حريق مبنى مجلس الشورى سارع بعض رجال الأعمال بالتبرع لإعادة بنائه، وكانت المبادرة الأولى لأحد كبار رجال الأعمال والذى أعلن عن تبرعه بمبلغ عشرة ملايين جنيه، وقرر البعض منهم مجاراة حالة التبرع التى تنتاب بعض رجال الأعمال فى (كوارث بعينها) إلا أن الرئيس مبارك أوقف هذه المهزلة والتى أخذت طابع المزايدة وقرر أن تتولى خزانة الدولة كافة تكاليف إعادة بناء مجلس الشورى. بينما فى كارثة المقطم والتى خلفت وراءها عشرات الوفيات ومئات الأسر الفقيرة ..لم يخرج علينا أى رجل أعمال (من اياهم) معربا عن رغبته فى التبرع لفقراء الدويقة، رغم أننا فى شهر رمضان الكريم والذى يضاعف الله فيه الحسنات لعباده (الصالحين)، ورغم كثرة مسابقات رحلات الحج والعمرة وحفظ القرآن الكريم والتى يتبرع بها رجال الأعمال خلال شهر رمضان..إلا أننا لم نسمع لهم صوتا فى كارثة الدويقة. يامثبت العقل والدين...هل رحلات الحج والعمرة وإعادة بناء مبنى الشورى أهم عند الله من إغاثة الملهوف والمنكوب من أهالينا فى الدويقة؟ توقعت أن يعلن رجل الأعمال صاحب تبرع العشرة ملايين جنيه لمجلس الشورى والذى رفضها الرئيس تخصيصها لضحايا الدويقة من فقراء الوطن خاصة أن تبرعات الشورى لا تضعها السماء فى ميزان الحسنات، بينما المؤكد أن التبرع لضحايا الدويقة ستكتبه الملائكة فى ميزان حسنات المتبرعين. فلماذا كانت رغبة رجال الأعمال فى التبرع (للمبنى) قوية، بينما انعدمت فى التبرع (لفقراء الدويقة)؟ تخيلت أن رجل الأعمال الذى تبرع بعشرة ملايين جنيه لمبنى مجلس الشورى قد خصصها إلى ضحايا الدويقة، وأنه قرر أن يشترى بهذا المبلغ شققا سكنية للضحايا، خاصة أن هذه الملايين العشرة يمكنها أن تشترى أكثر من مائة شقة مساحة الواحدة منها ثمانين مترا ومكونة من غرفتين وصالة ومطبخ وحمام مما يحفظ على ساكنيها آدميتهم. لكن لن يتبرع أحد لمنكوبى الدويقة لأن بوصلة رجل الأعمال حساسة جدا وتعرف اتجاه الريح، ففى حريق الشورى وجدوا كل الدولة حاضرة بمن فيهم رئيس الجمهورية، لذا وجب التبرع، أما فى كارثة الدويقة فلم يحضر إلا وزير أقصد عبد العظيم وزير محافظ القاهرة. وأود أن أسأل أمين السياسات بالحزب الوطنى جمال مبارك عن جولاته التى بدأها منذ فترة والتى تستهدف زيارة القرى الأكثر فقرا فى بر مصر المحروسة وتقديم المساعدات لأهاليها، وكانت جولاته الأخيرة فى صعيد مصر وهو جهد مشكور، لكن سؤالى: كيف تتحمل عناء السفر إلى الصعيد فى هذا الجو الحار والخانق ثم تتكاسل أو لا تفكر فى زيارة أهلك وبنى وطنك من فقراء الدويقة؟ هل فقراء قرى الصعيد مصريين وأهالى الدويقة ليسوا كذلك؟ (3) تحتل قواتنا المسلحة مكانة عزيزة وغالية فى نفوس المصريين وقد احتلتها عن جدارة واستحقاق عبر عشرات السنين، ولأنها كانت ولاتزال منبعا أصيلا للوطنية المصرية، فمن بين جنباتها خرج زعماء عظام فى قامة أحمد عرابى وجمال عبد الناصر، وللقوات المسلحة دورها الأصيل فى الذود عن الوطن من أية أخطار خارجية اللهم إلا إذا صدر إليها تكليف رئاسى بمهمة بعينها داخل الوطن تتطلب مهارات معينة لاتتوافر إلا فى أبناء القوات المسلحة مثل استخدام قوة الطيران كما حدث فى حريق الشورى. وباستثناء عام 84 عندما نزل الجيش شوارع العاصمة لحماية الأمن الداخلى فى حادثة الأمن المركزى الشهيرة، فلم يصدر له تكليف رئاسى طوال ما يزيد عن عشرين عاما إلا أننا لاحظنا خلال فترة لاتزيد على ستة أشهر استعانة الدولة بقوات الجيش فى مواقف ثلاثة. كان أولها فى أزمة رغيف العيش عندما أصدر رئيس الجمهورية تعليماته للقوات المسلحة للنزول إلى الميادين وإنشاء منافذ لتوزيع الخبز على المواطنين، وكان الاستدعاء الثانى لإمكانيات القوات المسلحة فى حاث حريق الشوري، ثم كانت كارثة الدويقة ودخول الجيش بمعداته..ولدينا هنا أكثر من ملاحظة وأكثر من تساؤل: 1-أين بقية أجهزة الدولة والتى من المفترض أنها تمتلك المعدات الحديثة والكوادر المدربة والمؤهلة للتعامل مع مثل هذه الأزمات، خاصة أنها أحداث ووقائع يمكن السيطرة عليها مثل توزيع رغيف العيش أو حريق مبنى. 2-لماذا لم تتم محاسبة المسئولين المقصرين فى الأحداث الثلاث السابقة والتى استدعت الاستعانة بالقوات المسلحة؟ ولماذا لم نقرأ عن تحويل وزير أو محافظ أو أى مسئول وهو لا يزال فى الخدمة إلى النيابة العامة للتحقيق معه بسبب الإهمال والتقصير؟. 3-فى الموازنة العامة مخصصات مالية وبنود للإنفاق على أجهزة الدولة وخدماتها مثل المطافئ وسيارات الإسعاف...الخ، فإذا كانت هذه الأجهزة تفشل فى التعامل مع هذه الأزمات البسيطة..فأين تذهب الأموال المستقطعة من الشعب فى صورة ضرائب إلى هذه الهيئات؟ 4-الحكومة التى تفشل فى إطفاء حريق وإنهاء أزمة رغيف خبز ولا توفر المسكن البسيط لغلابة الدويقة..هل تستحق البقاء؟. التحية والتقدير لرجال القوات المسلحة. (5) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:للصائم دعوة لاترد حين يفطر، وفى حديث آخر:ثلاث لا ترد دعوتهم:ذكر منهم الصائم حين يفطر، وشهر رمضان فرصة طيبة للدعاء وعلى المواطنين والغلابة وأهالى الدويقة المنكوبين ألا يضيعوها وأن يرفعوا أيديهم إلى السماء للدعاء على من ظلمهم..اللهم آمين. موضوعات متعلقة.. محمد على خير يكتب: الطريق إلى قصر العروبة (الحلقة الأولى) محمد على خير يكتب: الطريق إلى قصر العروبة (الحلقة الثانية) محمد على خير يكتب: الطريق إلى قصر العروبة (الحلقة الثالثة) محمد على خير يكتب: الطريق إلى قصر العروبة (الحلقة الرابعة) محمد على خير يكتب: قصة رئيس مصر القادم والقوى السياسية المؤثرة فى اختياره (الحلقة الخامسة) محمد على خير يكتب: الطريق إلى قصر العروبة (الحلقة السادسة) محمد على خير يكتب: الطريق إلى قصر العروبة (الحلقة السابعة) محمد على خير يكتب: الطريق إلى قصر العروبة (الحلقة الثامنة) محمد على خير يكتب: الطريق إلى قصر العروبة (الحلقة التاسعة) محمد على خير يكتب: الطريق إلى قصر العروبة (الحلقة العاشرة) محمد على خير يكتب: الطريق إلى قصر العروبة (الحلقة الحادية عشر) محمد على خير يكتب: قصة رئيس مصر القادم والقوى السياسية المؤثرة فى اختياره (الحلقة الثانية عشر) محمد على خير يكتب: مفاجأة: الأسهم التى سيمتلكها المصريون ليست مجانية محمد على خير يكتب: ملاحظات مهمة حول بيان النائب العام فى قضية سوزان تميم.. محمد على خير يكتب: لماذا رفعت الحكومة يدها عن دعم أكبر رجل أعمال فى مصر؟ محمد على خير يكتب: لماذا يمسك رشيد منتصف العصا فى قضية احتكار الحديد؟ محمد على خير يكتب: دولة جمال مبارك التى رحل عنها (عز) محمد على خير يكتب: 3 سيناريوهات تحدد مصير مجموعة طلعت مصطفى إذا تمت إدانة هشام محمد على خير يكتب: عمليات شراء واسعة لأراضى طريق مصر إسكندرية الصحراوى محمد على خير يكتب: قصة رئيس مصر القادم والقوى السياسية المؤثرة فى اختياره (الحلقة الخامسة)