لأن رمضان بدأ يخترق شهور الصيف ابتداء من هذا العام انتشر حديث حول مدي مشروعية الاستعانة بوسائل لتخفيف الشعور بالجوع والعطش.. فالحر نهارا يكون شديدا، وساعات الصوم تطول مما قد يزيد الشعور بالجوع والعطش وهكذا تفتق ذهن البعض عن اختراع شريط لاصق يخفف الجوع والعطش. منذ الإعلان عن هذا الشريط الذي يشبه الشرائط التي يستخدمها المدخنون لرغبتهم في المساعدة علي الإقلاع عن التدخين، منذ الإعلان ويدور الحديث كالعادة هذه الأيام عما إذا كان حلالا أم حراما؟ يعني استخدام شريط لاصق علي الجلد يخفف شعور الإنسان بالجوع والعطش جائز في نهار رمضان أم لا يجب أن يتدخل الإنسان بأي وسيلة للسيطرة علي احساسه بالجوع والعطش. رغم أنه نوع من الجدل الطريف فإن المفطرات في رمضان وردت علي سبيل الحصر.. وليس ما بينها شريط لاصق.. حتي الحقن العلاجية أفتي معظم علماء الدين بمشروعيتها المهم ألا شيء يتجاوز الحلق إلي الجوف عمدا في نهار رمضان. أما مسألة الشريط اللاصق هذه فهي جديدة حقا.. ولكن يمكن القول ان الإنسان في عصرنا الحديث حين يجلس في التكييف فانه يخفف شعوره بالحر والعطش تبعا لذلك فضلا عن ان الشعور بالجوع والعطش ليس شرطا لصحة الصوم في نهار رمضان أو غير رمضان. فالفرض علي الإنسان هو الصوم أي الامتناع عن المفطرات وليس المفروض علي الإنسان الشعور بالجوع والعطش.. ولذلك فإن الإنسان حين يأكل وجبة السحور في وقت متأخر فهو يسعي لتجنب الجوع كما أنه حين يشرب قبل الفجر فإنه يسعي لتجنب العطش. قد يقول قائل إن هذا يكون في ليل رمضان وليس في نهاره ولكن ذلك مردود عليه بأن الإنسان يحتمي في النهار من الشمس للحفاظ علي الماء في جسمه كما انه يقتصد في بذل المجهود العضلي للمحافظة علي الطاقة في جسمه. علي أية حال الأفكار مثل الشريط اللاصق للتخفيف من الجوع أو العطش هي في الواقع أفكار تجارية وليس لها علاقة بالصوم أو رمضان ولكن صوم رمضان فرصة للبعض كي يسوقوا بضاعتهم بزعم انها تساعد في احتمال الصوم. سبق أن قلنا ان الله سبحانه وتعالي فرض علي الإنسان الصوم، فرضه علي المسلم كما فرضه علي الذين من قبله لا ليشقي ويتعذب ويجوع ويعطش ولكن الله فرض علي الإنسان الصوم كعبادة لاثبات الطاعة والامتثال لأمر الله. العبادة لا تستهدف مسألة الطعام والشراب في حد ذاتها وانما تستهدف التقوي في القلوب.. ولذلك فالإنسان عليه التماس ما يحافظ علي صحة عقله وبدنه فهما مناط التكليف ووعاؤه وإذا فسد العقل أو فسد الجسد فإن التكليف بالعبادة لا يكون له محل.