هل تقود مصر العالم العربي نحو التطرف والغلو والتشدد؟ سؤال يطرح حاليا علي نطاق واسع في الكثير من المنتديات والحوارات والمؤتمرات الدولية المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط..! وكان مفترضا أن يكون هناك سؤال آخر أكثر أهمية ومنطقية.. وهو هل تقود مصر العالم العربي نحو الديمقراطية ومزيد من الحريات السياسية؟.. ولكن هذا السؤال لم يعد مطروحا منذ وقت طويل لأن هناك قناعات غربية عامة وأمريكية خاصة أن التغيير نحو الديمقراطية في العالم العربي لا يمكن أن تقوده حاليا الدول المحورية التقليدية القديمة التي أصبحت مثقلة بأعباء وتبعات مشكلات داخلية واقليمية تجعل منها قوي محافظة رافضة لأي محاولات للتغيير والاصلاح سواء كانت من الخارج أو أتت من الداخل. وعلي العكس من ذلك فهناك قناعات بأن التغيير يمكن أن يأتي من قيادة دول صغيرة بمبادرات كبيرة كما فعلت قطر في مجال الاعلام باستضافتها لقناة "الجزيرة" القطرية التي كانت سواء اتفقنا أو اختلفنا معها بداية ثورة اعلامية في العالم العربي قلبت الكثير من المفاهيم والتقاليد ودفعت الدول العربية دفعا نحو أنماط جديدة من الانفتاح الاعلامي لم تكن معهودة أو مسبوقة من قبل. وهناك تجارب أخري لدفع تجارب في مجال الاصلاح السياسي والديمقراطية لتكون أيضا نموذجا لتغيير محتمل في الصورة السياسية العربية مثل التجارب الحالية في مملكتي البحرين والأردن. ولكن التخوف الأكبر أصبح يأتي من دفع بعض القوي لكي تأخذ مصر خطا نحو التشدد الديني يجعل من مصر القوي المحورية التي تقود العالم العربي نحو التطرف والغلو بشكل لم يكن منتظرا أومتوقعا. ويستند هؤلاء في خوفهم إلي ما يشاهدونه في المجتمع المصري حاليا من انتشار كثيف وواضح للحجاب والنقاب أيضا وإلي انتشار مماثل لأصحاب الذقون والسراويل القصيرة.. ويقول البعض في ذلك أن هناك أحياء كاملة صارت تشبه أحياء في كابول العاصمة الافغانية في وقت حكم طالبان وحيث لا مجال لامرأة سافرة الوجه بالمرور في الشارع أو الظهور علنا..! وحقيقة فإن هذه ظاهرة أصبحت ملحوظة ومعروفة ولكنها ترتبط إلي حد كبير بالظروف الاقتصادية وتردي الأحوال المعيشية التي دفعت قطاعا كبيرا من النساء إلي التخلص من متطلبات الحياة اليومية من الملابس بارتداء الحجاب أو النقاب كوسيلة لتقليص نفقات الحياة وللتقرب أيضا من الله سبحانه وتعالي والاعتقاد كذلك بأن الحجاب أو النقاب يحمي صاحبته من المعاكسات والمضايقات التي وصلت كما صورت وسائل الاعلام في أكثر من مناسبة إلي تحرش جنسي جماعي في بعض الأحيان..! وهذا التحول الشكلي في المظهر لا يعكس أيضا في حقيقته نوعا من التشدد الفكري في المفاهيم والسلوك أو التزاما دينيا عميقا، إذ إن الشباب يردد يوميا عشرات القصص عن محجبات يبالغن في سلوكهن ولا يتورعن عن الانخراط في الرذيلة والانحراف، كما أن كاميرات التليفزيون كانت حريصة في أكثر من مناسبة مع التركيز علي فتيات محجبات وهن في ملاعب كرة القدم يصفقن ويهتفن ويبادرن بالقفز والرقص أيضا اندماجاً مع التشجيع الجنوني للجماهير ولم تتورع مجلة أسبوعية عن نشر صورة لاحدي المحجبات وهي تهجم علي مطرب شاب في محاولة لتقبيله..! كما أن تصرفات وسلوك البعض من هؤلاء المتشددين شكلا تخلو من فهم عميق للدين ومبادئه وتعاليمه فالبعض منهم لا يلقي السلام وقد لا يرد إلا مضطرا، ويعتقد أن عليه ألا يخالط أو يجالس الآخرين الذين يحسبهم ويعتقد أنهم من المارقين الخارجين عن الدين والذين لا يجوز التعامل معهم، ولا يستبعد أن يعتبرهم من الكافرين كما كان يعتقد اتباع تنظيم التكفير والهجرة..! ويخلط هؤلاء بين الاحقاد الطبقية والمفاهيم الدينية وعكسوا مفاهيمهم الشخصية الضيقة علي تفسيراتهم الدينية فعزلوا أنفسهم دون أن يدروا عن المجتمع وأصبحوا لا يشكلون قوي جديدة للتغيير بقدر ما أصبحوا علامة ودلالة علي انقسام في تركيبة المجتمع وتعبير جديد عن رفض للأوضاع القائمة في عدة نواح ومستويات. ولكننا ولنا الحق في هذا نتخوف من أن مصر الاسلامية التي كانت عنوانا ومنارة للتسامح والفكر الاسلامي المستنير قد تحاول لسبب من الأسباب أو لاعتقاد معين أن تجاري هؤلاء وتزايد عليهم فتمضي قدما في اتجاه آخر ربما لا نهاية له ولا أمان فيه. إن صاحب هذا القلم من عائلة دينية تقليدية محافظة وكان دائما من المساندين لحرية العقيدة ورافضا لكل محاولات الخناق أو التضييق علي أصحاب الفكر الديني الملتزم بالشرعية والدستور والقانون ولكن هذا لا يعني الصمت عن ابداء موقف أو التحذير من اتجاه قد لا يكون متماشيا مع الروح والسمات المصرية وقد يكون أيضا بعيدا كل البعد عن تعاليم ديننا الحنيف لأن الذين يقدرون هذا الاتجاه لم يفهموا أو يدركوا معني ومغزي الصحوة الاسلامية المطلوبة وحولوها إلي نوع من الردة المرفوضة..! Sayedelbably@ hotmailcom