ارتفعت تكلفة العلاج في مصر بشكل مبالغ فيه كما ارتفعت أسعار الأدوية بنسب غير منطقية، وتواكب مع ذلك انتشار أمراض كارثية مثل الفشل الكلوي والكبد والأورام والتي تتجاوز تكلفة علاجها قدرة المواطن متوسط الدخل. أدي هذا الوضع إلي لجوء أعداد كبيرة من المواطنين للعلاج علي نفقة الدولة ووقوفهم في قوائم انتظار ليحصلوا في النهاية علي قرار الذي ينطبق عليه المثل القائل "لا يسمن ولا يغني من جوع". وفي الوقت الذي ارتفعت فيه ميزانية العلاج علي نفقة الدولة إلي 2.2 مليار جنيه سنويا. ارتفعت مديونية المستشفيات لدي الوزارة إلي عدة ملايين من الجنيهات مما أثر بالسلب علي اقتصاديات هذه المستشفيات وقدرتها علي تقديم العلاج المناسب للمترددين عليها، هذا بالإضافة إلي بعض الاتهامات والتي تدور حول تدني قائمة الأسعار التي حددتها وزارة الصحة للعلاج بالمستشفيات. كما شهدت الفترة الأخيرة اختلالا واضحا في توزيع القرارات علي غير المستحقين وعدم وجود معيار ثابت في تحديد قيمة العلاج للمواطنين. كل هذا أعاد علي الساحة الطبية التفكير في تعديل النظام الحالي للعلاج أو البحث عن بديل له. "العالم اليوم" طرحت علي المتخصصين أسئلة تدور حول ثلاثة محاور رئيسية وهي الميزانية ومدي كفايتها؟ ومدي تحقيق النظام الحالي لأهدافه؟ وما هي البدائل؟ ويقول د. أشرف نبهان "أستاذ أمراض النساء والتوليد" ومتابع لهذه القضية إن نظام العلاج علي نفقة الدولة الحالي سيئ جدا لسببين أساسيين هما: أن النفقات التي تتحملها الدولة لا تذهب لمستحقيها لأنها تتبدد في بنود جانبية وليس في علاج المريض وهناك بعض الأشخاص تتربح من وراء قرارات العلاج علي نفقة الدولة ولا تصل للمريض بالإضافة إلي أن قرارات العلاج تتجه لعلاج المريض جزئيا وليس علاجا كاملا. ويؤكد نبهان إن هناك أهداراً للمال العام وأن المريض لا يستفيد من قرار العلاج والخسارة تكون للطرفين الدولة والمريض وهناك نظام مقترح بأن يصدر قرار العلاج دون تحديد المبلغ المادي الذي ستتحمله الدولة ولا يأخذ المريض أي مبالغ مالية ويتم الاتفاق مع المستشفيات علي أسعار استرشادية يوافق عليها الطرفان "الحكومة المستشفيات" بحيث يتم علاج المريض علاجا كاملا حتي الشفاء. ويستطرد نبهان حديثه قائلا: "إن مشكلة النظام المقترح هي أن مستشفيات قليلة ستقبل بالأسعار التي تحددها الحكومة ولن تقدم خدمات علاجية بجودة عالية بالإضافة إلي أن وزارة الصحة ستثقل بالديون لهذه المستشفيات وعن انتشار "الوساطة والمحسوبية" للحصول علي قرار العلاج يؤكد نبهان أن ذلك أمر إنساني في المقام الأول ولا يمكن الوقوف أمام حاجة المواطن للعلاج علي نفقة الدولة ولذلك فهناك كثيرون يقومون بذلك من باب التخفيف علي المواطنين ومساعدتهم علي تحمل آلامهم إلا أن هناك بعض الفئات تستغل المواطنين البسطاء ولها أهدافها الخاصة بها وهي أمور غير أخلاقية بالمرة. نظام صحي شامل أما د. مني متا عضو جمعية الحق في الصحة تقول يفترض إن جميع أنواع العلاج يجب أن تكون علي نفقة الدولة وذلك لا يحدث علي أرض الواقع مما يضطر المواطنون للسعي للحصول علي قرارات علاج وللأسف فهناك تقليص لحجم التأمين الصحي ويتم تحجيم ميزانية العلاج علي نفقة الدولة وتضيف أن النظام الحالي وضعته الدولة وهي الآن تسعي لإلغائه وليس إصلاحه وتطويره بهدف التخلص من أعبائه المالية وفي الوقت ذاته فإن هذا النظام به كم هائل من المشاكل والمعاناة للمواطنين ولكنه يفتح لهم باب المساعدة. وتؤكد علي أهمية عدم تحميل المواطنين أعباء مادية جديدة ويكفيهم أعباء الألم والمرض وتطالبه بضرورة العمل علي تطوير وتحديث المستشفيات الحالية وتكرار الزيارات المفاجئة للمستشفيات وتحسين أحوال العاملين بها مشيرة إلي أن هناك أمراضاً كارثية تكلف آلاف الجنيهات ولا يستطيع المواطن تحملها ولابد من نظام صحي شامل مستقر يوفر الأمان والحماية للمواطن أوقات الأزمات المرضية وهو نظام ثبت نجاحه في العديد من دول العالم.