عندما يتسبب ماس كهربائي أو شرارة أو سيجارة في حريق مبني بقيمة مجلس الشوري ولا تستطيع الحكومة إيقافه الا بالاستعانة بسبعين سيارة اسعاف وثلاث مروحيات فهذا ليس له معني إلا أن الحكومة بالتعبير العامي "غرقت في شبر مية" فكل التصريحات المطمئنة بعد حريق مجلس الشوري حول الحفاظ علي الوثائق ومضابط المجلس ومخططات الحكومة لاستمرار الحياة النيابية بانتظام وإعادة توزيع موظفي المجلس علي المباني المجاورة لحين إعادة بنائه لا تقلل من فداحة كارثة احتراق هذا المبني الأثري ولا تعفي الحكومة من مسئولية تدمير معلم من معالمنا التاريخية التي تشكل هويتنا كأمة مصرية عربية، فما هو مصير باقي آثارنا التاريخية والتي تقع تحت ادارة الحكومة؟ هل يتسبب ماس كهربائي آخر في حرق بيت الأمة أو التهام مخطوطاتنا الفرعونية أو ربما انهيار اهرامات الجيزة نفسها؟ ما هي التدابير التأمينية في باقي المواقع الاثرية وما هي النسبة التي تستحوذ عليها هذه التدابير من ميزانية المواقع الاثرية التي تجلب للدولة المليارات؟ وهل تضع الحكومة خطة حقيقية لادارة الازمات.. وأين كانت ادارة الأزمات وقت حريق مجلس الشوري؟ هذه الاسئلة وغيرها طرحناها علي مسئولي المجلس الأعلي للآثار في هذا التحقيق وحاولنا ان نستكشف منهم اجابات مختلفة عن الردود المعتادة في مثل هذه الوقائع "كله تمام والأمن مستتب"! هناك الكثيرون يعتبرون أن السبب الرئيسي وراء عدم القدرة علي السيطرة علي حريق الشوري يعود إلي طرازه المعماري القديم والذي يعتمد علي الخشب في بناءه وهو للمصادفة كان نفس السبب الذي ارجع اليه الكثيرون عدم قدرة الدولة علي السيطرة علي حريق الأوبرا عام 1971 مما دفعنا إلي أن نسأل صبري عبد العزيز رئيس قطاع الاثار المصرية بالمجلس الاعلي للآثار حول المواقع الاثرية التي يقوم بناؤها المعماري علي العنصر الخشبي بدرجة كبيرة وقال لنا ان الآثار الاسلامية تعتبر من أكثر الاثار اعتمادا علي العنصر الخشبي في البناء عكس الاثار الفرعونية التي تعتمد علي الاحجار سواء في المعابد أو المقابر، لافتا إلي أنه يتم في المشروعات الجديدة للمواقع الاثرية مراعاة دهان الخشب بمادة تقاوم الحريق لفترة حتي يتم اطفاؤه. ايرادات ضخمة وعن الوسائل التأمينية في المواقع الاثرية بصفة عامة قال عبد العزيز ان هناك لجنة مشكلة للدفاع والحريق في كل منطقة اثرية ويتولي الأمن والدفاع المدني مسئولية تأمينها من المخاطر بخلاف انظمة الاطفاء وطفايات الحريق بأنواعها المختلفة كالبودرة والرغاوي ويتعاقد المجلس الأعلي للآثارمع شركات كبري لصيانة هذه الطفايات، لافتا إلي أن المجلس الأعلي للاثار لا يعتمد علي الموازنة العامة في تدبير المخصصات اللازمة لتأمين المواقع او غيرها من النفقات نظرا إلي أنه يحقق ايرادات ضخمة من تذاكر زيارة المواقع الاثرية ويضرب المثال علي ذلك بتأمين هضبة الهرم والذي انفق عليه 45 مليون جنيه لافتا إلي أن الآثار المصرية القديمة تحقق ايرادات لا تقل عن 500 مليون جنيه في السنة. أما عن فكرة وجود تأمين علي الآثار من عدمه والتي استثارها الجدل الدائر حول امكانية وجود تأمين لمجلس الشوري يغطي تكلفة اعادة بنائه قال عبدالعزيز إن المواقع الأثرية في مصر ومحتوياتها لا يتم التأمين عليها ضد المخاطر وهي وإن كانت فكرة مناسبة لتغطية تكاليف الترميم إلا أن ما يحترق من الآثار لا يمكن تعويضه بأي ثمن. ويخصص المجلس الأعلي للاثار نسبة كبيرة من تكلفة المشروع الاثري علي التأمين والتي صل إلي 20% بحسب ما قال لنا علي هلال رئيس قطاع المشروعات بالمجلس مشيرا إلي أنه تم تطوير آليات التأمين في 80% من المواقع الاثرية. وإن كان "كله تمام" بحسب الأقوال السابقة فأين كانت كل هذه التدابير وقت أزمة مجلس الشوري هذا هو السؤال الذي طرحناه علي اللواء سامح خطاب وكيل الوزراة للمعلومات بالمجلس الأعلي للآثار ورئيس لجنة تطوير أعمال الأمن به وأجاب خطاب بأن أسلوب انقاذ مجلس الشوري كان أسلوبا "غير علمي" إلا أنه أعفي المجلس الأعلي للآثار من المسئولية لأن تأمين مجلس الشوري لا يدخل ضمن مسئوليات المجلس الأعلي للآثار موضحا أنه إذا كانت هناك جهة إدارية تسكن الموقع الاثري فتأمينه ضد مخاطر كالحريق هي مسئولية الجهة الادارية ويشير في هذا الاطار أن المجلس الأعلي للآثار انفق مبالغ ضخمة خلال السنوات الثلاث الماضية علي استكمال وتطوير وتحديث أجهزة الاطفاء بالمواقع المسئول عن تأمينها وأن خطط الاطفاء حاليا في هذه المواقع بحسب قوله كافية "بنسب مرضية" مشيرا إلي أنها تحتوي علي أنظمة للانذار والاطفاء الذاتي وغيرها من آليات التأمين.